**************
قراءة في كتاب بنفس العنوان للدكتورة الراحلة نهاد صليحة
كثيرة هي الكتب التي تناولت التيارات الفنية الاساسية التي يرزن في القرن العشرين والتي ساهمت مساهمة أساسية في بلورة الحساسية الفنية واساليب الابداع الفني في مجال الدراما. ويقف بارزاً من بين هذه الكتب كتاب الدكتورة الراحلة نهاد صليحة والموسوم (التيارات المسرحية المعاصرة) والصادر عن دائرة الثقافة والاعلام بحكومة الشارقة .
جاء الكتاب بتصدير موجز اشارت فيه الباحثة انها التزمت وحاولت جاهدة ان يتسم الكتاب بالبساطة والوضوح في عرض كل تيار فني وكذلك محاولتها في ترتيب هذه الدراسات ترتيباً تاريخيا مشيراً في الوقت نفسه ان هذه التيارات قد اثرت تاثيرا واضحا على اساليب الكتابة الدرامية والعرض المسرحي في عالمنا العربي وخاصة المسرح الملحمي البريختي بتوجهاته الاشتراكية، والتيار التعبيري، وتيار مسرح العبث، وهنا ننتقل الى اولى هذه المواضيع وهو (الرمزية) حيث تتناول فيه الباحثة بداياتها وجذورها مؤكدة ما نصه: (ان المدرسة الرمزية ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر – حوالي عام 1870). ثم تناولت مواضيع عديدة تخص الرمزية منها: ماهو الرمز، ماهي انواعه، الرمز في الفن والادب، الاسس الفكرية للرمزية، ظهور المدرسة الرمزية في فرنسا في مجال الشعر، المسرح الرمزي في فرنسا، المسرح الرمزي خارج فرنسا .
وفي تعريفها للرمز نراها تقول: “الرمز في أبسط صوره هو علاقة أو إشارة. قد تكون صورة أو نغمة، لها دلالة معروفة أو معنى معين في مجال التجربة الانسانية المحسوسة والمتوارثة. وربما كانت اللغة الهيروغليفية التي تعتمد على الصورة أوضح مثال على الرمز في هذا التعريف البسيط .
ثم تتناول الباحثة كيفية استخدام الرمز في التكفير البشري ومراحل تقدمه. واما عن موضوع انواع الرمز فتؤكد ما نصه: “الرموز نوعان: هناك الرموز الجماعية المتوارثة وهي ما أسماه العالم النفسي الشهير يونج بالرموز الفطرية التي تنتمي الى الوجدان البشري الجماعي، تلك الرموز التي رصدها وناقشها باستفاضة عالم الاجناس حـ .فريزر في كتابه (الغصن الذهبي -1922)، وهناك الرموز الفردية التي ترتبط بوجدان فرد بعينه وتكون نتاج تجاربه الخاصة. اما بخصوص موضوع (الاسس الفكرية للرمزية) فنرى الباحثة تتناول نظرية جون لوك نظرية ديكارت في المعرفة التي اعتمدت عليها تيارات الفلسفة التحليلية العلمية والفلسفية العقلانية والفلسفة النفعية في القرنين السابع والثامن عشر وخلاصتها ان العالم الخارجي موجود وجودا موضوعيا يصرف النظر عن العقل المتلقى، وفي ظل هذا الافتراض تأكدت فكرة الفن كمحاكاة، أي ان الفن أصبح مرآة لهذا العالم الخارجي الموضوعي، واصبحت دقة المحاكاة هي الهدف المنشود. وصولا الى إيما نونيل كانط في اواخر القرن الثامن عشر ليحطم هذه النظرية ويأتي بفلسفته المسماة بـ(المثالية الذاتية) والتي تقول بأنه لاوجود لعالم خارجي منفصل عن الانسان، وبان الحقيقة هي نتاج النفس البشرية، أي ان الحقيقة هي مجرد أفكار لا دلالة لها في عالم خارجي محسوس، وفي موضوع آخر جاء تحت عنوان (ظهور المدرسة الرمزية في فرنسا في مجال الشعر) حيث تشير الباحثة الى اهم المبادئ والافكار التي كونت النظرية الجمالية التي جاءت بها الرمزية وعلى النحو الآتي:
أولاً: رفض مبدأ محاكاة الطبيعة .
ثانياً: الاعتقاد بأن جمال العالم المحسوس هو إنعكاس للجمال العلوي النوراني – فالعالم المحسوس إذن ماهو ألا) غابة من الرموز) في وصف بودلير، وكل شيء فيه له معنى رمزي يربطه بعالم الروح .
ثالثاً: رفض العقل والإيمان بان ملكة الخيال هي الملكة الوحيدة التي تمكن الانسان من إدراك الحقيقة. لقد وصف بودلير الخيال بأنه الملكة التي علمت الانسان منذ بدء الخليقة (القيمة الرمزية لكل لون وكل رائحة وكل صوت وشكل، وهي الملكة التي خلقت التشبيه والاستعارة. وهي الملكة التي تستطيع ان تذيب العالم ثم تعيد تشكيله حسب قوانين أزلية تنبع من أعماق الروح).
رابعاً: الايمان بوحدة وعضوية العمل الفني واستقلاله، وبأن كل عمل فني جيد هو تركيبة رمزية معقدة تعبر عن حقيقة روحية فريدة .
خامساً: محاولة استكشاف مشاعر وحالات نفسية جديدة كمادة للشعر عن طريق ممارسة الإنحلال وتناول الخمور والمخدرات .
وعن خلال التصوف والتعمق في العلوم الروحانية والغيبية ، وايضا عن طريق ممارسة الجنون .
سادساً: الايمان بأن عملية الخلق الفني هي عملية واعية تستغرق كل قدرات وملكات العقل وليست نتاج لحظة إلهام أو زيادة خاطفة لشيطان الشعر .
سابعاً: الايمان بضرورة الاعتماد على الايجاد بدلاً من التقرير أو الاشارة المباشرة مع استغلال الموسيقى الكامنة في الكلمات .
ثامناً: محاولة تقريب الشعر من الموسيقى: لقد وصف بول فاليري المذهب الرمزي عام 1920 بأنه: (المذهب الذي حاول ان يحقق للشعر نقاء الموسيقى واستقلالها عن أي شيء خارجها ، وتوحد الشكل والمضمون فيها).
تاسعاً: استخدام لغة تعتمد على المفارقة ، والتقابل والتضاد ، والصور والاستعارات الغريبة وتداعى الاصوات والمعاني ، مما تخض عن تركيبات لغوية غير مألوفة لا تخضع لقواعد ومنطق اللغة التقليدي .
ثم تتناول الباحثة بعض من كتّاب المسرح الرمزي في فرنسا وخارجها من امثال مالا رميه ميتر لنك وييتس وستر ندبرج وإبسن وسينج ودورهم الفعال في ترسيخ هذا التيار المسرح الشهير .
وهنا تتنقل بنا الباحثة الى موضوع اخر ومهم اسمته (المستقبلية) مشيرة الى ما نصه:(في عام 1909 أعلى الايطالي فيليبو توماسو مارتيني تكوين الحركة المستقبلية في الادب والفن عندما نشر وثيقته التاريخية المشهورة (إشهار تكوين وأعلان مبادئ الحركة المستقبلية)
ثم تلفت انتباهنا الى أهم ما يميز هذه الحركة بقولها:
“وقد تميزت مسرحيات الكتاب المستقبليين، والتي بلغت ذروتها في الشهرة والانتشار في أواخر العشرينات، بتركيزها على العالم الوجداني الخاص للإنسان مما اكسب بعض هذه الأعمال صفات الشاعرية والرمزية، واهتمامهم كذلك بتصوير الحالات النفسية، وحالات الحنون خاصة وكذلك اعتمادهم منذ بداية الحركة على عنصر مسرحي هام انتفع به أصحاب مدرسة الدادية من بعدهم وهو عنصر استفزاز المتفرج، والمواجهة المباشرة، والإنكار التام لمبادئ الوجود والاخلاق (أي العدمية). ويظهر هذا العنصر في أعمال فرانسكو كانجو يللو وبرو نوكورا وإميليو ستيمللي وأنجلور ونبوني”.
ثم تعرج الباحثة الى نماذج مختارة من كتابات هؤلاء الكتاب نختار منها نص بعنوان (عمل سلبي) التي اشترك في كتابتها برو نوكورا واميليو ستيميللي ، وهذا نصها:
“يدخل رجل ، يبدو مشغولاً مهموماً ، يخلع معطفه وقبعته ويمشي في حالة هياج شديد وهو يردد عبارة:
شيء عجيب! غير معقول!
يستدير ناحية المتفرجين ، يبدو وعليه الضيق لوجودهم ، يتقدم الى مقدمة المسرح ويقول بلهجة قاطعة:
لا .. ليس عندي ما أقوله لكم على الإطلاق .. انزلوا الستار !!”
ثم نقرأ موضوع آخر مهم بعنوان (الدادية) مستعرضة فيه جذور وظروف النشأة لهذه الحركة نلتقط منه ما نصه:( في أبريل عام 1916، في مقهى صغير في مدينة زيورخ، إلتقى ثلاثة اصدقاء : شاعر ألماني يدعى تريستان تزارا، ورسام ألماني يدعى هانز آرب، وشاعر مجري اسمه ريتشارد هولسنبك .
حيث ابدى هؤلاء الفنانون الثلاث سخطهم الشديد على الخلط والقصور الذي ساد مفاهيم طبيعة الفن في ذلك الوقت، ووجدوا ان الحل الامثل هو تكوين حركة فنية جديدة يجدون فيها متنفساً لأرائهم وعلى الفور أسرعوا بأحضار دائرة المعارف واعتنقوا أول كلمة صادفتهم وهي (دادا) ونعني بالفرنسية (حصان خشبي) وبالروسية (نعم .. نعم) وعلى يد هؤلاء الثلاثة شهدت زيورخ أول عرض مسرحي للحركة الدادية في نفس العام الذي ولد فيه فكرة الحركة أي (1916). ثم تنتقل بنا الدراسة الى أهم ما يميز هذه الحركة وهو الهدم دون محاولة لايجاد مفاهيم وقين فنية أو أخلاقية أو أجتماعية جديدة لتحل محل القيم .
والمفاهيم المرفوضة، الأمر الذي أدى الى فشل الدادية في الخلق الايجابي، أو تقديم رؤية مسرحية متكاملة، وانغلاقها من مدار العدمية على مدار عمرها (من 1916 – وبداية اضمحلالها عامي 1922-1923). ثم تنتقل بنا الباحثة الى بنود الاعلان الشهير لانشاء هذه الحركة الذي صدر عام 1918 والذي القاه احد مؤسسيها وهو تريستان تزارا والذي تضمن ما يقرب من (10) نقاط نذكر منها:
الدادية: هي كل نتاج للسخط من شأنه أن يدمر الأسرة .
الدادية: هي إلغاء الذاكرة .
الدادية: هي إلغاء فكرة المستقبل .
الدادية: هي إلغاء علم الأثار والتاريخ القديم .
الدادية: هي الإيمان المطلق التام بكل إله تتفق عنه القريحة بصورة تلقائية .
ثم تمضي بنا الدراسة الى مواضيع هامة جدا هي على التوالي: السريالية، التكعيبية، التعبيرية، موضحه جذورها وظروفها وذكر أهم أعلامها ومراحلها وملامحها. ونحن هنا وخوف الاطالة نقتصر على ذكر واحدة من هذه الحركات الا وهي (التعبيرية) حيث جاء في مطلعها: (ربما كانت التعبيرية أكثر المذاهب الفنية الحديثة تأثيرا في بلورة المسرح الغربي المعاصر في اشكاله وأساليبه التجريبية المعروفة. وقد ازدهرت في المانيا في الفترة ما بين 1910-1925). ثم تمضي بنا الباحثة الى تعريفها فنقول: (والتعبيرية – كما يتضح من اللفظة نفسها . مذهب يرفض مبدأ المحاكاة الأرسطية، ويحل محلها مبدأ التعبير عن مشاعر الفنان في تناقضاتها وصراعاتها، ويتخذ من هذه الرؤى الذاتية والحالات النفسية موضوعاً مشروعاً للأبداع الفني. لقد تميز هذا المذهب أكثر من أي مذهب فني آخر سبقه بالذاتية المفرطة، حيث نجد الفنان التعبيري – كما يقول برنارد س . مابرز في كتابه (التعبيريون الألمان) . يلجأ الى تشويه الواقع عن طريق التبسيط والمبالغة، والتفتيت، وخلط الواقع دائماً بالحلم والرمز، واستخدام نبرة وانفعالية عالية، بحيث تتحول أي رؤية موضوعية الى رؤية بالغة الذاتية، بالغة الغرابة، وفي أحيان كثيرة بالغة القبح!) .. وتحت عنوان (مراحل تصور التعبيرية) نقرأ مانصه:( مرت التعبيرية بمرحلتين ملحوظتين: أولاً: مرحلة ما قبل الحرب: وتميزت بالذاتية المفرطة، وروح البحث. وسط فوضى القيم والعقائد – عن الخلاص والبعث الروحي فنجد معظم مسرحيات هذه الفترة تصور تجارب شخصية لمحاولة الفرد التحرر من أثقال الحياة المادية والروتين اليومي بحثاً عن وجود أغنى وأفضل. ومن أبرز كتّاب هذه المرحلة: اوسكار كوكو شكاو أرنست بارلاخ وفرانز ويرفل وراينهارد سورج .
ثانياً: مرحلة ما بعد الحرب: حيث انغمس المسرح التعبيري في القضايا الاجتماعية، وركز على الصراع بين الفرد والمجتمع ، ومحاولة الفرد إيصال رسالته الى المجتمع ، حيث نجد مسرحيات تدور حول إدانة .
الحرب واخرى تعالج قضايا استغلال العمال وسيطرة رأس المال على الفرد وتحكم الآلة في حياة الانسان. ورغم انتقال بذرة التركيز من الروح الى المجتمع في هذه المسرحيات، الا ان الاساليب الفنية لم تختلف عما كانت عليه في المرحلة السابقة كالتبسيط والتجريد، واستخدام الانماط ، والمبالغة لدرجة التشويه … الخ .
ثم تمضي بنا الباحثة الى ذكر بعض الكتّاب التعبيريين من امثال آرنست توللر الذي يعد ملكاً للدراما التعبيرية في مرحلتها الثانية وكذلك لودفيج روبيز ويوهانس، بيشد، وبارلاخ وسورج ووالتر هازنكليفر وارنولت برونن وكارل هوبتمان. وهنا نصل الى موضوع في غاية الاهمية والتفرد وهو (جاري والباتافيزيقية أو فلسفة العبث) حيث تعرج الدراسة بالتعريف بالكاتب المسرحي (جاري) وتجربته المسرحية وحياته. وهنا نصل الى موضوع متفرد وهو (الباتافيزيقية أو فلسفة اللافلسفة) حيث نقرأ ما نصه: (وصف جاري الباتافيزيقية بأنها: (العلم الذي يشرح منطقة مايعد الميتافيزيقية … انها علم الحلول المتصورة أو الخيالية، وبها نصل الى القوانين التي تحكم العوارض والاستثناءات في الكون بحيث نكتشف العالم الذي يكمل عالمنا التقليدي) وفي تعريف آخر لها نقرأ: (الباتافيزيقية: علم الخاص أو علم القوانين التي تحكم الاستثناء لا القاعدة). ثم تمضي الدراسة الى تبيان أثر الباتافيزيقية على مسرح العبث وخاصة يونسكو .
ثم تتناول الدراسة موضوع مهم آخر وهو (مسرح العبث بين صموئيل بيكيت وهارولد بنتر) ومما جاء في مقدمتها:( ارتبط التيار المسرحي الذي أطلق عليه الناطق البريطاني مارتن أسلن أسم مسرح العبث في كتابه الشهير الذي يحمل نفس العنوان باسم الكاتب المسرحي الايرلندي صموئيل بيكيت، وخاصة مسرحيته الاولى الشهيرة (في انتظار جودو)، التي تعُد النموذج الاول لهذا الضرب في المسرح، والتي عُرضت لاول مرة في باريس عام 1953 . وفي هذه المسرحية تتبلور الملامح الفنية والفكرية لهذا النوع المسرحي الجديد). ثم تنتقل بنا الباحثة الى تبيان اهم المحاور الاساسية لمسرح العبث والتي توجزها بما يلي:
1- الاغتراب التام للانسان ، ووحدته في كون يناصبه العداء .
2- فكرة اللاجدوى التي تسيطر على كل شيء .
3- ترتبط فكرة لاجدوى الفعل بفكرة لاجدوى اللغة في مسرح العبث .
4- محاكاة أسلوب السينما الصامتة وخاصة افلام تشارلي تشابلن وبستر كيتون في ترجمة الرؤية العبثية الى تشكيل مسرحي.
5- الاعتماد على الاستعادة المسرحية المجسدة . فمسرح العبث مسرح شعري يقدم رؤية كليّة لا رؤية تحليلية ، ويتوسل بالصورة الفنية الى التعبير عن رؤيته .
ثم تأتي الباحثة الى ذكر نماذج مكثفة من كتابات بيكيت . ثم تعرج الى الكاتب هارولد بنتر معرفة بشكل موجز بحياته وتجربته المسرحية.
ونموذج من كتاباته المسرحية المكثفة.
وهنا نصل الى المواضيع الاخيرة في هذه الدراسة وهي على التوالي: (ما بعد العبث – مسرح الاستهزاء والتنفيه) و(المونودراما) و(المسرح العمالي في الغرب) و(بريخت والمسرح الملحمي) ورغبة في الاختصار سوف نقصر الحديث عن (المونودراما) حيث تناولت الباحثة جذور هذا النوع الفني الغربي وملامحه الفنية الفكرية وذيوع هذا النوع في مصر والعالم العربي. حيث نقرأ تحت عنوان (ماهي المونودراما) مانصه: (المونودراما هي مسرحية يقوم بتمثيلها ممثل واحد يكون الوحيد الذي له حق الكلام على خشبة المسرح. فقد يستعين النص المونودرامي في بعض الأحيان بعدد من الممثلين، ولكن عليهم ان يظلوا صامتين طول العرض والا انتفت صفة (المونو المأخوذة من كلمة اللونانية (Mono) بمعنى (واحد) عن الدراما . بمعنى الملامح الفنية والفكرية للمونودراما تقول الباحثة:
1-التركيز على الفرد: فالمسرح في المونودراما يشغله ممثل واحد منفرد بخشبة المسرح ليقنع المتفرجين بعبقريته التمثيلية في غياب أي غد او مقاومة .
2-العزلة: ان ظهور ممثل واحد على خشبة المسرح لمدة ساعة او اكثر يخلق هذا الاحساس لدى المتفرج مهما كان موضوع المسرحية .
وغالباً ما تتمتع المونودراما كشكل. فني بالكثافة الشعورية الشديدة النابعة من تركيز الحدث الدرامي في شخصية واحدة تلح على وجدان المتفرج طول العرض، … ولكن المونودراما كشكل فني اكتمل في أحضان النزعة الفردية، التي وصلت بها الحركة الرومانسية الى مرحلة التقديس.
وهنا نصل الى الموضوع الاخير في عذع الدراسة وهو: (بريخت والمسرح الملحمي) ومما جاء فيها نقرأ:
(… ان النظرية الماركسية ، وما أفررته من فكر اشتراكي كانت هي الارض التي أنبتت ما أصبح يُعرف الان بالمسرح السياسي في تجلياته الجديدة في الغرب، بدءاً من تجارب المسرح العمالي في اواخر القرن الماضي. ومرواً بالواقعية الاشتراكية ومسرح التحريض والدعوة الى الثورة. كما تبلور في عروض المخرج الالماني إيرفن بسكاتور في العشرينات، وفي عروض مسرح الجريدة الحية في أمريكا في الثلاثينات وانتهاء في المسرح الملحمي الذي وضع نظريته الشاعر والمؤلف والمخرج الالماني برتولت بريخت (1898-1956)، ثم المسرح الوثائقي الذي تاثر به). ثم تمضي الباحثة الى تناول حياة هذا المخرج وتجربته المسرحية وكتاباته. مؤكدة على ما نصه..): يظل بريخت فنانا مجددا تجريبياً استلهم تراث مسرح الشرق الأقصى فأثرى بع المسرح الغربي. وكان بحق فيلسوفا للمسرح، طرح نظرية فنية وفكرية متكاملة أثرت في مسار المسرح، ليس في الغرب فقط بل ايضاً بالعالم العربي). ثم تختتم الباحثة بجدول مقارنة بين المسرح الملحمي والمسرح الدرامي الأرسطي وعلى امتداد صفحتين كاملتين.
* محمد محسن السيد /نيسان 2019