أوضح الكاتب والأكاديمي العماني (د. سعيد السيابي) في حديثه مع موقع مجلة الفرجة، على هامش الدورة الأولى لأيام مراكش للمسرحية القصيرة (دورة سلطنة عمان) التي انعقدت أيام 11، 12، 13 و14 مايو 2023 ، أن المسرح جسم قائم ويتغير وفق جودة ونوعية الثوب الذي تفرضه الحاجة للتغير، والمسرحية القصيرة تأخذ مسارها باحتواء متطلعات الشباب الذي يستهويه أسلوب الإختزل. وللتقرب أكثر إلى هذا الرأي كان لنا معه الحوار الآتي:
الفرجة: شكرا لتفاعلكم الأستاذ الكريم أتمنى أن تكون زيارتكم للمغرب قد كانت تجربة ثقافية وغنية مثمرة، بداية موقع مجلة الفرجة يشكر تعاونكم، ويسعدنا أن نحاوركم بصدد أيام مراكش للمسرحية القصيرة دورة سلطنة عمان..
كيف ترون تجربة المسرحية القصيرة في أيام مراكش؟
د. السيابي: تلقيت الدعوة الكريمة بسرور غامر، لقاء كان مؤجل فقد كانت المملكة المغربية بالنسبة لي تعرفة على تفاصيل كتابها المسرحيين وإنجازاتهم وأنا طالب بقسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس
الفرجة: كيف ترون الامتداد المحتمل لهذه التجربة؟
د. السيابي: التواصل المعرفي قائم بذات الجسور التي امتدت معرفيا لتصل بين إنتاج أبناء المحيط الهندي ليلتقطها ويؤديها على خشبة المسرح أبناء المحيط الأطلسي، ففرقة فانوراميك بقيادة الدكتورة نزهة حيكون استطاعت أن تلتقط البذور التي استطاع أن يغرسها الأستاذ عبداللطيف فردوس ولقاءه بالشباب العماني الطموح في محاولته معهم لإعادة قراءة القصص العمانية ليتم تحويلها إلى نصوص مسرحية قصيرة فكانت هذه التجربة والورشة الإبداعية ثمرة عملية يتم برمجتها لتكون أيام مبهجة لجمهور مراكش الذي امتلئ المسرح بحضورة وتفاعل بانبهار مع العروض المسرحية القصيرة التي قدمها الشباب المسرحي المغربي المميز الذي استطاع تقديم هذه العروض باحترافية واقتدار.
الفرجة: كيف كان وقع الورشات التي أطرها الأستاذ عبد اللطيف فردوس في ناديكم الثقافي؟
د. السيابي: التأطير المعرفي هو إشعال شمعة في طريق مظلم فيتضح المسار من خلالها. وهذا ما يؤكدة الروائي السوداني الكبير أمير تاج السر حين قال: “بت أؤمن بورش التدريب على الكتابة، وهي ليست تعليماً بالمعنى الحرفي وإنما تصحيح للمسار عند بعض الذين يكتبون ولا يعرفون القواعد جيداً أو يودون الدخول إلى عالم الكتابة، وأيضاً لا يعثرون على الباب الذي يجب الدخول منه”. فهذا المشروع الذي أطلق في النادي الثقافي بسلطنة عمان هو جزء من سلسلة تجارب تم تقديمها لورشة محترفة لأنواع أدبية مختلف وحظي المسرح بهذه التجربة الأولى بأن يكون المصدر للكتابة، هي القصص لكتاب عمانيين فاختيار قامة فكرية كالأستاذ فردوس مع الدكتور سمير العريمي وتعاوني معهم كان ثمرة ليتشكل لدينا من هذا المشروع نصوص مسرحية قصيرة محترفة لها المواصفات المتعارف عليها لأصول الكتابة المسرحية. الخبرة الكبيرة للأستاذ فردوس في التمرس لمثل هذه الورش الكتابية كانت دافع له لمغامرة جديدة في عمان وهذا ما حاولنا أن نقوله له بكل صراحة وحيادية بأن هناك تحدي، فبعض الشباب لا يمتلكون أي تجربة كتابية في المسرح والوقت للورشة بأيامها المحددة قصيرة فقبل التحدي بل كان في قمة المتعة بأن يستكشف الشباب العماني ويقتحم معهم وبهم هذه المغامرة التي كانت بصمة في تاريخهم وحياتهم بأن وجدوا قامة عربية لها من الإنتاج الكتابي في المسرح والخبرة التدريبية والحرص على الاجابة على كل الأسئلة التي تدور في مخيلتهم والصعوبات التي كانوا يشعرون بأنها بلا حلول ولكن منذ انطلاق الورشة والتفائل والنشاط والجديدة حاضرة في كل التفاصيل الكتابية لتتوج بأعمال مسرحية قصيرة بعضها نشر في الصحافة وبعضها قدم على خشبة المسرح في هذه الأيام المسرحية.
الفرجة: هل ترون في المسرحية القصيرة مستقبل المسرح في وقتنا هذا محليا واقليميا؟
د.السيابي: المسرحيات القصيرة هي نوع من التجارب الكتابية والعروض الومضة والمحاولات المسرحية الجادة التي تخدم بتقديمها أكثر من رسالة، فالواقع الذي نعيشة بسرعة ايقاع الحياة فيه هو المنطلق والمفتاح لمحاولة تقديم تجارب مسرحية تتناسب مع العصر، فالشباب بشكل عام يعيشون ويمارسون بالتقنية التي يحملونها بيدهم عصر السرعة وعليه أن نواكب شغفهم والتوجه العام بتقديم مسرحيات قصيرة يحمل من الذكاء الكثير وهو لا يلغي وجود أنواع مسرحية أخرى إلى جانبه، فالمسرح منذ الإغريق إلى يومنا هذا وهو مستمر في التطور وطرائق تقديم العروض، لهذا هو فعل تراكمي ويحافظ على الأسس في العمل المسرحي ويقدم الجديد والمفيد للمتلقي والمشاهد. أما بخصوص المستقبل بأن تكون المسرحيات القصيرة وحدها دون غيره فهذا التقدير لا يتناسب مع تاريخ المسرح فكما نعلم أن الجسم قائم ويتغير الثوب حسب الحاجة للتغير ومن يأتي يضيف ويكمل ولا يلغي أو يستعبد فصفة التراكم هي الأصل فالمسرحيات القصيرة تأخذ مسارها وتخدم الشباب وتعين على الكتابة المسرحية بنفس قصير .
الفرجة: من زاوية اشتغالكم الأستاذ الدكتور سعيد السيابي، هل تمت مسرحة احدى اصداراتكم القصصية؟ وكيف ترون علاقة المسرح بالسرد سواء القصصي أو الروائي؟
د. السيابي:هناك أكثر من تلاقح بين عالم السرد وتحديدا القصص والروايات والمسرح وحدث بالنسبة لمؤلفاتي أكثر من محاولة فقد حول الكاتب المسرحي العماني نعيم فتح رواية ( الصيرة تحكي) لنص مسرحي بعنوان ( قلب البحر)، ومع الأستاذ عبداللطيف فردوس في ورشة النادي الثقافي عمل أكثر من كاتب شاب على قصص قصيرة وتم تحويلها لمشاهد مسرحية ومسرحيات كقصيرة كقصة ( الديك الذي فقد صوته) و ( الاعمى والجسر المعلق) وغيرها.
الفرجة: في رأيكم ما حدود القصاص والداماتورج في عملية المسرحة؟ وما هي الضوابط التي على ممارسي المسرح الانضباط لها خلال عملية مسرحة القصة؟
د. السيابي: الحدود المتعارف عليها لأي بناء أدبي أو فني فالمسرح علم يحمل في داخله مكونات تتكامل مع بعضها البعض لتقدم عملا مسرحيا متقنا من النص إلى العرض، فالتجريب فيه وعمل الدراماتورج في حدود ما يسمح به هذا البناء بأن يتمسرح ويحمل خاصية الترفية والتثقيف والجمال الفني. فالحدود دقيقة جدا يستطيع المتمرس والذي حصل على التأسيس الجيد أن يضيف للمصدر سواء كان قصصيا أو حكاية أو غيرها، فالمسرحة ليست مطلقة ولا تخضع للمعايير والا كانت الفوضى فالوعي هو ما نشدد عليه مع المشتغلين المسرحيين والصدق الفني والاحترافية في الكتابة .
الفرجة: ما انطباعتكم أستاذي عن المسرح المغربي عموما، وتجرية المسرحية القصيرة على الخصوص؟
د. السيابي: المسرح المغربي يعيش أفضل أيامه وهذا ليس كلام إنشائي فلا يوجد منطقة في المغرب الكبير إلى وسمعت عن فرقة مسرحية والكتابة المسرحية المحترفة متمكنة. فحصول أبناء المملكة على العديد من الجوائز والمسابقات المسرحية العربية فهي شهادة على قوة الكتابات المسرحية ويشارك العديد من أصحاب التجارب المسرحية والاكاديميين في تحكيم عدد كبير من المهرجانات المسرحية العربية والعالمية فهذا ما هو الا تراكم واضافات للبناء الفني ومع ذلك هناك احتياجات ضرورية اراها مناسبة جدا للمسرح المغربي وجمهور المسرح وهو التحول إلى ( الصناعة المسرحية) فالاسس الصناعية في الجانب الفني لا تكون قائمة على جزء دون تكامل باقي الأجزاء، وعلى تشريعات نشطة ومتطوره، وعلى تسهيلات كبيرة، وعلى الاعفاء من بعض الاشتراطات في بعض قواعد الاستثمار، وعلى تغليب إن الفن والمسرح تحديدا هو مجال قائم على الحرية اللفظية وثورة الفكر ووجوده مساندا لكل تطور حضاري ويوثق للمنجزات التي تعيشها المغرب والمتلقي مخير وليس مجبرا على الحضور ، فالصناعة تحتاج للابهار وتحتاج لمساندة دعاية من اجهزة إعلامية تتكامل مع المسرح فالفنان المسرحي المغربي يعمل طوال العام في مشاريع فنية من إذاعة وتلفزيون وسينما ويقدم عروض مستمرة. هناك نجاحات على مستوى العالم في خريطة العروض المسرحية والمواسم المسرحية المعروفة وعليه المسرح لا يحتاج إلى دعم مجاني ولكن تسهيلات لقروض وشراكات في الإنتاج .