(المسرح عبارة عن أشجار في غابة كبيرة، يخرج نقار الخشب من عشه يسعل على غير عادته متأثرا بموجة البرد الشديدة التي حلت على جميع أجزاء الغابة, واضعا غطاء على كتفيه ويرتجف من شدة المرض)
الزوجة : لست على ما يرام اليوم ؟
نقار الخشب: (يسعل ) نعم , أشعر بأنني سأموت قريبا
الزوجة : ما زلت صغيرا لن يحدث لك شيء ، كفّ عن التشاؤم
نقار الخشب : ليس تشاؤما يا زوجتي, ولكن أنظري إلى وجهي الشاحب
الزوجة: (تبتسم) ألوانك زاهية كما هي , بهي كما أنت يا نقاري
نقار الخشب : هل تسخرين مني ؟ أم أنك تحاولين عدم إخافتي ؟
الزوجة : ألم تكن تتباهى بألوانك دوما ؟
نقار الخشب : ربما , ربما قد أصبت بهذا المرض الخطير الذي يتحدثون عنه
الزوجة : عليك أن تنقر على الشجرة, وستعود لك صحتك على الفور, إنها موهبتك أنسيت ذلك ؟
نقار الخشب : لا أستطيع منقاري يؤلمني
الزوجة : هذا غريب , لمَ يؤلمك هكذا منذ عرفتك
نقار الخشب : يبدو أنني سأشيخ قريبا
الزوجة : تبا , تبا من سيجلب لنا الطعام أنا وأطفالي
نقار الخشب : تفكرين بمعدتك دوما وتتجاهلين بأنني مريض ووجهي شاحب, انظري, أنظري إلى لوني, أنه أصفر، لا. لا أزرق، لا أبيض
الزوج: (تمزح) إنك تشبه قوس قزح, تسر الناظرين يا زوجي
نقار الخشب: (يسعل ويتحدث بحزن) دعيني أعطيك وصيتي
الزوجة : لن يصيبك شيء, سأذهب لكي أجلب لك الدواء من جارتي .
نقار الخشب : لا تتأخري , لا أستطيع الصمود
( تطير زوجته لكي تحط على أحد الأغصان طالبة من جارتها العصفورة بعض الدواء)
الزوجة : مرحبا أيتها العصفورة الجميلة
العصفورة: (ترد بغير اكتراث ) أهلا , أهلا
الزوجة: هل أستطيع الحصول على الأعشاب التي تغلينها دوما, نقار الخشب يسعل منذ الصباح وتبدو حالته مزرية ؟
العصفورة: (بسرور تهمس ) هذا أفضل لنا جميعا
الزوجة : عفوا !! ماذا قلت ؟
العصفورة : إنني أتحدث مع نفسي, ليس لدي أي أعشاب، وهيا أرحلي من هنا دعينا نهنأ بعيشنا قليلا .
الزوجة : لم أنت غاضبة هكذا؟ هل جئتك بوقت غير مناسب؟
العصفورة: دعي زوجك ينقر رؤوسنا، وسيصبح كالعفريت مرة أخرى،لا تخافي لن يحدث له مكروه .
الزوجة : ماذا تقصدين ؟
العصفورة : لا أقصد شيئا, ارحلي من هنا من فضلك الجو بارد جدا، و أريد الدخول إلى الداخل.
(تدخل العصفورة إلى عشها وتغلق الباب في وجه زوجة نقار الخشب , فتعود مندهشة إلى زوجها ).
نقار الخشب : هل حصلت على الدواء؟
الزوجة: (بحيرة) لم أحصل على شيء .
نقار الخشب : لماذا ؟ ماذا حدث ؟
الزوجة : لا أعلم ما بها لقد قامت بصدي عدة مرات, يبدو أنها متضايقة من شيء ما، ولكن لا أعلم ما هو أو ربما كان هذا تأثير البرد عليها .
نقار الخشب : إنها عصفورة بلهاء لا تمد يد العون لأحد, لن أساعدها بعد اليوم
الزوجة : دعني أخبرك بما حدث بالتفصيل .
نقار الخشب: (بتذمر) أكره التفاصيل, تعلمين بأن رأسي يؤلمني كثيرا, لا أريد سماع التفاصيل.
الزوجة: (بجدية) اخرس ودعني أتحدث, ذهبت إلى جارتي عصفورة وطلبت منها بعض الأعشاب التي تقوم بغليها، لكنها أبت أن تعطيني بعضا منها .
نقار الخشب : ولماذا ؟
الزوجة : قالت لي أن عليك النقر فوق رؤوسهم حتى تستعيد عافيتك.
نقار الخشب: (بغضب) هل تسخر مني ذات المنقار القصير (يسعل بشدة)
الزوجة : هون عليك قبل أن تسقط حنجرتك من فمك الآن , أسترح
نقار الخشب : وأنت أيضا تسخرين مني (يسعل بشدة)
الزوجة : إنني أحاول أن أنسيك المرض , عليك أن تبتهج
نقار الخشب: هذا السعال يحاربني عن قصد, نعم, نعم، إنه يكن العداوة لي (يسعل)
الزوجة : سأحاول الطيران مرة أخرى للحصول على علاج لك لا تقلق
نقار الخشب : إن الجو بارد في خارج ,عليك الانتظار قليلا حتى تطلع الشمس .
الزوجة : تعلم بأنني قوية ولدي ريش قوي .
نقار الخشب : إلى من ستذهبين ؟
الزوجة : إلى حكيمة الغابة العرافة الدبة.
نقار الخشب : هراء العرافين ها قد بدأ مجددا, تلك الدبة لا تفهم شيئا سوى أنها تأخذ الطعام بالمجان من الحيوانات.
الزوجة : دعني أتولى زمام الأمور, و أحظى بقسط من الراحة .
نقار الخشب: (يسعل) أبحث عن بعض الأعشاب التي تغليها تلك العصفورة الحمقاء .
الزوجة : إنك تحلم, أنه فصل الشتاء لا وجود للأعشاب.
نقار الخشب : تبا لهذا, لا أستطيع النقر، ولا أستطيع أن أخرج بعض الطعام لنا
الزوجة : سنجد حلا , سأحاول النقر قليلا .
نقار الخشب: (يتباهى ويسخر) منقارك لا يشبه منقاري, ستسخر منك الأشجار حال سماع نقرتك الناعمة.
الزوجة : سأفعل هذا حتى تعود صحتك, سأذهب الآن ولكن ناولني ريشة من رأسك
نقار الخشب: (يرجع إلى الوراء خطوتين ) وماذا تفعلين بريشي ؟
الزوجة: (تتقدم نحوه لكي تقطع ريشة ) إن العرافات يطلبن المقابل .
نقار الخشب: (يرجع إلى الوراء مجددا بخوف) حتى تنتهي هذه الورطة سأصبح أصلع.
الزوجة : سينمو مجددا (تقطع الريشة ويصرخ نقار بألم ويسعل بشده)
( تطير الزوجة مرة أخرى ذاهبة إلى العرافة أو حكيمة الغابة للبحث عن علاج ما , تدخل عليها وترحب بها العرافة الدبة)
الزوجة : مرحبا سيدتي جئتك من شجرتي البعيدة باحثة عن علاج لزوجي المريض
العرافة الدبة : وما بال زوجك المزعج؟
الزوجة : ألست عرافة ؟
العرافة الدبة : نعم , بالطبع أنا عرافة وأعرف الكثير, وأرى المستقبل , ولكن يجب أن أعلم ماذا يحدث معه لكي أصف له الدواء.
الزوجة : لقد فهمت, أنه يسعل منذ الصباح, ولا يستطيع النقر على الأشجار، وقد وهنت صحته كثيرا.
العرافة الدبة: (تبدو عليها علامات الفرح) اممممم ! هذا مريح، وأخيرا ابتسمت السماء لنا،
الزوجة : ما هو المريح يا عرافة الحي ؟
العرافة الدبة: (تحاول إخفاء ضحكتها) ها ! لا شيء , لا شيء
الزوجة : لم تخبريني سيدتي كيف سأعالج زوجي من سعاله ؟
العرافة الدبة : أحضري لي المقابل أولا .
الزوجة : أحضرت لك ريشة من ريشه البهي
العرافة: (تنظر إلى الريشة وتقلبها بين يديها) لا أريد ريشة (وتقوم برميها ) .
الزوجة : ماذا تريدين إذن ؟
الدبة العرافة: (بخبث) أريد منقاره القوي .
الزوجة : ماذا ؟!
الدبة : نعم منقاره, إنه ثمن لا بأس به بالنسبة لاسترداد صحته أليس صحيحا؟
الزوجة : ولكن تعلمين بأنه لا يستطيع العيش بلا منقار, إنه ما يبقينا على قيد الحياة .
الدبة : هذا ما لدي وأنتم أحرار .
الزوجة: (بحزن) خذي منقاري .
الدبة : لا أريد منقارك أنت, أريد منقاره هو .
الزوجة : هذا غير ممكن يا سيدتي, إنه أملنا للبقاء على قيد الحياة
الدبة : أخرجي من هنا، ولا تعودي مرة أخرى .
الزوجة : ولكن أرجوك, أعطني القليل من الاعشاب لكي أغليها له.
الدبة :ليس لدي أي علاج لمشكلته, اذهبي.
(تخرج الزوجة بحزن وخيبة)
الزوجة: ولكن ما بالهم اليوم؟! الجميع يأبى المساعدة, لا أحد يمد يد العون لنا, هل أحضر له القليل من النعناع ؟ وربما أجد بعضا من الليمون في الغابة.
(تبدأ بالبحث في الأرجاء حتى تجد القليل من النعناع والليمون أمامها وكأنها معجزة قد حلت عليها من السماء ، تعود إلى العش فيستقبلها زوجها بسعاله المستمر)
نقار الخشب: (بصوت ضعيف) هل لي بخبر يفرحني في هذا اليوم الكئيب؟
الزوجة : أبت عرافة الغابة أن تعطيني الدواء.
نقار الخشب : تبا لها غريبة الأطوار تلك, ولماذا أبت ذلك ؟ وكيف تسمي نفسها عرافة إن كانت تعجز عن إعطاء الدواء.
الزوجة : أرادت منقارك ثمنا لعلاجك.
نقار الخشب : لطالما أخبرتك أنها مجنونة وليست في وعيها, ما بال الحي اليوم, يبدو أنهم فرحون بضعفي.
الزوجة : لا أعلم ما بالهم, ولكن قد جلبت لك القليل من النعناع والليمون.
نقار الخشب: هل تريدين أن تقتلينني أنت أيضا ؟ إن أردت ذلك فهيا, افعليها ودعيني أنتهي من حياتي التي باتت مستحيلة .
الزوجة: (تبتسم وتقوم بغلي النعناع والليمون مع بعضهما) رأيت بشريا يومها يفعل ذلك.
نقار الخشب : ماذا يفعل ؟
الزوجة : كان طفله الصغير يسعل كثيرا, فقام بقطف ثمرة الليمون وغليها مع القليل من النعناع ، ارتشفه الطفل وأصبح على ما يرام.
نقار الخشب : ولكننا لسنا بشرا يا زوجتي, هل ضربتك تلك العرافة على رأسك عندما ذهبت اليها أم أنها قد ألقت بسحرها عليك؟
الزوجة: هل نسيت أنهم يعلمون الكثير ؟ أنهم يعرفون بالطب أكثر منا.
نقار الخشب : وهل يدعى هذا طب ؟
الزوجة : عليك أن ترتشف القليل منه.
نقار الخشب : لن أرتاح حتى أعرف ما بال الحي اليوم .
الزوجة : إنك مزعج, والآن أصبحت أكثر إزعاجا .
نقار الخشب : مزعج ؟!
الزوجة : نعم إنك مزعج، ناكر للجميل .
نقار الخشب: أنا آسف، ولكن تعلمين أنني لم أخلق لكي أبقى هكذا راقدا في عشي, إنني أتوق إلى النقر كما تعلمين.
الزوجة : اسكت , وأرتشف قليلا.
( يرتشف نقار الخشب القليل من الليمون والنعناع )
الزوجة : كيف هو طعمه ؟
نقار الخشب : يبدو لذيذا جدا لم أتوقع هذا (يرتشف باقي الاناء) لذيذ , لذيذ
الزوجة: ما حالك الان ؟
نقار الخشب : أشعر بأن جسدي يسترد عافيته بسرعة هذا مذهل .
الزوجة : أخبرتك أن البشر لهم فوائد نحن نجهلها .
نقار الخشب : لا ننكر أنهم أحيانا يصبحون وحوشا .
الزوجة : نحن لدينا وحوش أيضا , لدينا الدبة العرافة (تسخر)
(يضحك نقار الخشب ويرمي ذلك الرداء الذي على كتفيه ويتباهى بنفسه ناشرا ريشه )
نقار الخشب : بأية شجرة أبدأ الآن, أشعر أنني بخير لدي الكثير لأفعله
الزوجة : خذ إجازة اليوم حتى تسترجع عافيتك غدا
نقار الخشب : لا, لا لن أتوانى ولو قليلا , سأخرج وأبدأ بالنقر
(يخرج نقار الخشب ويبدأ بالنقر على الشجرة محاولا أن يخرج طعاما له ولعائلته وكأن منقاره ألة موسيقية يعزف بها أوتار الجذع, ويعود الإزعاج إلى الغابة مجددا فيما تخرج الحيوانات من جحورها في البرد القارص هاتفين بصوت واحد )
الحيوانات: اخرجوه من الغابة, أخرجوا ذلك المزعج المتباهي بمنقاره, أخرجوه، اخرجوه من الغابة, أخرجوه, لقد ضقنا ذرعا ، تعبنا ، تعبنا
(يسمع نقار الخشب وزوجته الهتافات، فينضمان مع الحيوانات البقية وهم ليسوا على دراية بما يحدث, يرددون الهتافات متجهين نحو كبير الغابة)
نقار الخشب: (يهتف بحماس ويصرخ عاليا مع الحيوانات) أخرجوه, أخرجوه
الزوجة : (تمسك بيده وتقول له) تهتف لمن؟ تريد اخراج من؟! هل تعرف سبب احتشاد أبناء الغابة؟
نقار الخشب : لا, لا أعلم شيئا عن الأمر لكنهم يهتفون جميعا ضده, ويبدو أنهم محقون في أمر من خرجوا لأجله.
الزوجة : ومن قال بأنهم على حق ؟ ربما كان مظلوما !
نقار الخشب : لا لا يبدو أنه شخص مزعج, فقد أجمع الجميع على أنه مزعج (يهتف مرة أخرى) اخرجوه أخرجوه من هنا .
الزوجة : (تصرخ في وجهه ) ربما هم خرجوا لأجلك أنت !
نقار الخشب : من أجلي أنا ؟ أنا الطائر الجميل ؟ هل أنت بلهاء ؟! ولم يخرجون لأجلي ماذا فعلت لهم ؟
الزوجة : قلت لك ربما , لم أقل إنك المزعج هنا.
نقار الخشب: (يلوح بيده ويحاول تبرئة نفسه) لم أفعل شيئا خاطئا لأحد, كنت أبتسم للجميع وأساعد الجميع وألاطف الجميع.
الزوجة: (بضجر)ها قد بدأنا مجددا , كم أنت متباهٍ بنفسك.
نقار الخشب : لم أتحدث عن نفسي إلا قليلا (يضحك) .
الزوجة : ماذا تسمي هذا ؟
نقار الخشب : أنا أبرر فقط , ولكن هيا دعينا نعرف النبأ اليقين.
الزوجة : نسأل من ؟ هل أذهب إلى عصفورة ؟ (تنظر يمينا وشمالا لا تراها جيدا )
( يصل الحشد إلى أسد الغابة وكبيرها فيستقبلهم …)
الأسد : أخبروني يا أبناء غابتي الأعزاء ما هي المشكلة هذه المرة ؟
الدبة العرافة : سنموت جميعا إن بقي معنا .
العصفورة : إنه مزعج , مزعج , لا أطيق سماع نقره على الأشجار
الفأر : سيدي الأسد عليك أن تخرجه من أرضنا , لقد مللنا وجوده بيننا
القط : اخرس أيها الفأر قبل أن تصبح طعامي .
الفأر : هل سمعت يا سيدي الأسد, عليك أن تخلصني من القطط هنا, هذه أيضا مشكلة فأنا لا أستطيع العيش بسلام .
القط : سيدي, نقار الخشب يزعجنا كل يوم يستيقظ مبكرا فينقر فوق رؤوسنا لا يأبه لأحد.
نقار الخشب: ( يقترب من زوجته قائلا ) عن من يتحدثون ؟ من هو المزعج ؟!
الزوجة : دعني أنصت جيدا .
نقار الخشب : يبدو أنني سمعت أسمي .
الزوجة : أصمت قليلا .
القرد : جد لنا حلا , لا أستطيع النوم بسبب نقره المتواصل , إنه مزعج .
الأسد : ولكن هذه أرضه هو أيضا , وله الحق بأن يكون معنا.
القرد : هل نخرج نحن ؟
الأسد : إن أخرجته هل ستقيم لنا حفلا كما يفعل البهلوان على المسرح.
القرد : ( يقفز هنا وهنا ويصرخ بحماس ) حفلات , حفلات حتى الصباح سأريكم حيلي الجديدة التي تعلمتها من أحد المهرجين البشر (يمسك الكرات بيديه يحاول رميها في الهواء ولكنها تقع منه ويضحك عليه الجميع يحاول مرة أخرى ولا ينجح)
الأسد : (غاضبا) كف عن الهراء أيها المهرج, نحاول هنا أن نحل قضية مستعصية .
الدبة : عليك أن تحكم بيننا بالعدل , أيخرج جميع أبناء الغابة ويحظى هو بالغابة كلها بمفرده؟
نقار الخشب: (يخترق الحشد لكي يفهم الموضوع ويقف بينهم) مرحبا يا رفاق (لا يرد عليه أحد وينظرون له بغضب) يبدو أنكم غاضبون مني لسبب ما ؟ لقد سمعتكم ربما تتحدثون عني بالسوء,ماذا يجري هنا ؟!
الأسد : أبناء الغابة غاضبون منك .
نقار الخشب : لم أفعل شيئا , لماذا الجميع غاضب مني ؟!
الأسد : إنك مزعج , وتنقر على الأشجار وتحدث فوضى عارمة هنا وهناك.
نقار الخشب : ومن أين أحظى بالطعام إن لم أنقر على الاشجار ؟
الدبة العرافة : لست مجبرا على الأكل .
نقار الخشب : إنك تحاولين الحصول على طعامي أيضا لا يكفيك ما يجلبه لك الجميع (دبة شرهة)
القرد : حاولت رميك بهذه الكرة مرات عدة لكي أتخلص منك لأكون صادقا .
الفأر: (وهو يحاول الفرار من القط ) حفرت تحت الأرض لكي أحصل على ملجأ وأهرب من صوتك المزعج الذي أستيقظ عليه كل صباح, (يصرخ عاليا) أنقذوني
القط : إننا جميعا نعاني من وجودك هنا بيننا (ويضرب الفأر بيده )
العصفورة: تمنيت أن تبقى مريضا، وأن لا تتخلص من ذلك السعال الحاد فقد كان الهدوء يعم المكان .
نقار الخشب: (بغضب) وهل اعترضت عليك عندما كنت تزقزقين بصوتك البشع أنت وبقية العصافير, وأنت أيتها الدبة، هل تحاولين الحصول على منقاري القوي فقط لأنه مزعج؟ إذن دعينا نحظى بالقليل من فروك هذا لكي نسلم من برودة الشتاء، تبا لكم جميعا ….
الأسد : اخرسوا جميعا , أنا الحاكم هنا ، ولابد أن أجد حلا وننهي النقاش على الفور فقد حان وقت قيلولتي .
الحيوانات: عليك إخراجه من هنا ، إن لم يخرج هو سنخرج نحن.
الأسد: هدوء، هدوء، حكمت على نقار الخشب بالنفي مدى الحياة, يجب أن يخرج حالا هو وزوجته من الغابة؛ لأنه مصدر إزعاج لا يحتمله الجميع, رفعت الجلسة، هيا اذهبوا إلى منازلكم فقد حان موعد نومي .
( تصفق الحيوانات فرحا …. ينظر نقار الخشب بحزن إلى زوجته )
نقار الخشب: أين سنرحل ؟ أين نذهب ليس لدينا مكان أخر ؟
الزوجة: (بخيبة) دعنا نخرج من هذا المكان, لن نعود لهم مرة أخرى
نقار الخشب : أنهم لا يقدرون قيمتي (يجهش بالبكاء).
الزوجة : الفائز من يضحك أخيرا يا زوجي، دعنا نخرج من الغابة، ونجد مكانا جديدا للعيش.
نقار الخشب: ( يمسح دموعه) حسنا دعينا نطير ونجد موطنا جديدا
( يخرج نقار الخشب مع زوجته ويصفق الحيوانات لخروجهما ويصرخون وراءهم)
الحيوانات: أخرجوا أيها المزعجون أخرجوا من ديارنا ولا تعودوا مرة أخرى إلى هنا .
( في اليوم التالي .. يعم الهدوء في الأرجاء لا تسمع سوى حفيف الأشجار , لا يخرج أحد إلى العمل الجميع غارقون في النوم تخرج العصفورة متذمرة من منزلها )
العصفورة : تبا, لقد نمت كثيرا وفاتني عملي, لن أحصل على طعامي، ولكن هذا مريح بعض الشيء فذلك المزعج غير موجود .
الدبة : ( تخرج صارخة) ما هذه الحشرات الغريبة، إ نه نوع جديد لم أر مثله من قبل قام بعضي في جميع أنحاء جسدي, وأيضا قد فاتني الكثير لم أستيقظ مبكرا .
الأسد: (يتثاءب بضجر ) تبا أنا كسول اليوم, لا أستطيع الحراك جيدا , وأيضا ما هذه الحكة الغريبة التي أصابتني .
القرد : كم أن الهدوء جميل, لا أحد يوقظنا باكرا , قد فاتني عملي , ولكن لا يهم , لا يهم المهم أنني نمت كثيرا .
الفأر: (يصرخ راكضا من جحره) ما هذه الحشرات , تبا , تبا .
القط: ( ينظر إلى الفأر ضاحكا) هل تفر مني, لا تفر إنني لا أستطيع الوقوف على أقدامي بسبب الكسل والصداع لم أتعود أن أنام هكذا إلى منتصف النهار.
الفأر : ألم تلاحظ هذه الحشرات الجديدة التي هجمت إلى باطن الارض .
القرد: ( يمر من جانبهم ) يا رفاق هل عضتكم الحشرات الغريبة ( يتحرك القرد بحركات بهلوانية لأن الحشرات تقوم بعضه ) .
(يضحك الفأر والقط عليه )
الفأر : نعم نعم لقد رأيتها, أنها تقوم بغزونا .
الدبة: إنها اللعنة , حلت علينا اللعنة .
القرد : تبا لك أيتها الدبة كفي عن الصراخ , تكاد الأرض تتفطر من وقع أقدامك الضخمة .
الدبة: (بغضب) تقدم نحوي ودعني أريك كيف ٍأفطر رأسك بقدمي .
أسد الغابة: (يجتمع بالحشد) ماذا يجري الان ؟ ما بالكم ؟ هل لدينا مشكلة أخرى .
الدبة : هنالك حشرات في جميع الأنحاء، لقد رأيتها بعيني هاتين (وتشير إلى عينيها كما البلهاء) .
القرد : لا أرى عيونا أرى لحما وشحما يكفينا جميعا حتى الشتاء القادم (ويضحك).
الدبة : سأطبق رأسك إلى الارض أيها المهرج الكبير .
( القطة والفأر يبدآن بالحك في جميع أنحاء جسدهما )
العصفورة : أكلت تلك الحشرات الغبية جميع مخزون الطعام الذي كنت أحتفظ به .
الأسد : (يبدأ بالحك معهم) ما هذا الآن, أولا نحن متأخرون عن عملنا, ونشعر بالكسل, وثانيا هنالك حشرات تحاول أكلنا .
الدبة : ( صارخة ) تحاول أن تأكل طعامنا, سنموت جوعا, ليس لدي وجبة كافية, سأنقرض قريبا .
القرد : لن تنقرضي, تستطيعين العيش بهذا الشحم واللحم عشرين عاما قادمة (ويخرج لسانه كما المهرج ويهزأ منها ) .
الأسد : أخرسوا جميعا, أخرسوا لا أستطيع الكلام بشكل جيد بسبب تلك الحشرات, إنها تقوم بعضي.
الفأر: كنت أخاف من ذلك الهر الأبله, الآن أنا أخاف من تلك الحشرات ستلتهمني قبل أن يفعل ذلك الغبي .
القط: (يحك في جميع أنحاء جسده) لا تخف أيها الفأر لن يتخلص أحد منك غيري, انتظرني قليلا دعني أحك ظهري هذه الحشرات تكاد تنهش أنحاء جسدي .
الدبة : إنها لعنة نقار الخشب, نعم نعم، لقد قام بلعن الغابة, لطالما تنبأت بأنه مشعوذ شرير سيقلب الموازين يوما .
العصفورة : نحن من قلبنا الموازين وليس هو.
الأسد: (يحك ويتحدث بجدية) ماذا فعلنا نحن, تحدثي بسرعة تلك الحشرات ستقتلني.
العصفورة: أخرجناه من دياره, كان ذلك الكائن المزعج يتغذى على تلك الحشرات.
الدبة : أخبرتكم أنها لعنته , لا يريدنا أن نرتاح منه .
القرد : أرجعوه , أرجعوه , لا أستطيع احتمال هذا .
الأسد : حتى أننا لم نخرج إلى العمل اليوم .
القط : نعم بقيت نائما على غير عادتي حتى منتصف النهار.
الفأر : أنا أيضا بت كسولا جدا .
العصفورة : كان نشاطه المزعج يمدني بالنشاط مدى النهار, فأعمل بلا كلل أو ملل.
الاسد : هل نتفق على أرجاعه ؟ هل الجميع موافقون ؟
الحيوانات : نعم ، نعم , دعونا نرجع نقار الخشب إلى دياره .
( يذهب الحشد لكي يبحث عن نقار الخشب محاولين أيجاده وهم ينهشون أجسادهم من الحك وتبدو عليهم علامات الكسل والتعب .يجدونهما ينقران على أحدى الاشجار)
نقار الخشب : وجدت حشرة كبيرة ستكون طعامنا الليلة .
الزوجة : تبدو فريدة من نوعها .
نقار الخشب : نعم نعم أحببت هذا المكان الجديد, لا أحد هنا لكي ينزعج مني, لدينا شجرة كاملة لأجلنا فقط .
الزوجة : إنها الحياة التي طالما حلمت بها .
نقار الخشب : كفي عن أحلام اليقظة ، وهيا دعينا نكمل عملنا لكي نرتاح قليلا ( ينظر فجأة فيجد حشد الحيوانات مجتمعين عند داره فيقف أمامهم غاضبا) لم أنتم هنا ؟ عليكم الخروج حالا من دياري، لا أريد أن أرى أحدا منكم .
الأسد: (يحك وتبدو علامات التعب عليه ) دعني أتحدث معك من فضلك ؟
نقار الخشب : ليس هنالك ما نتحدث فيه .
الزوجة : عليك الاستماع إليهم يا زوجي العزيز.
نقار الخشب : هل تراعين مشاعرهم ولا أحد يراعي مشاعرنا .
الزوجة: (تهمس له ) كن أفضل منهم يا نقار .
نقار الخشب : لا أريد, لا أريد أن أكون الأفضل, اخرجوني من بيتي فقط لأنني أحاول الحصول على طعامي كما يفعلون هم .
الدبة : نقار إن الحشرات تنهش بأجسادنا منذ خروجك من الغابة .
القرد : تلك الدبة ستستنفذ طعامنا هي وتلك الحشرات المزعجة .
القط والفأر : أرجوك يا نقار عد إلى الديار .
الأسد : نشعر بالكسل والتعب منذ أن رحلت, كنت كجرس الساعة لنا .
نقار : لا يهم ما تقولونه لا يهمني شيء، وهيا عليكم أن ترحلوا من هنا أنا أعمل .
الزوجة: ( تهمس له ) سأضربك بمنقاري أن لم تستمع لهم .
نقار الخشب : هل أنت معهم أم معي .
الزوجة : أنا معك بالطبع, ولكن يجب أن نمد يد العون للآخرين وألا أختلت قوانين الغابة .
نقار الخشب : هم من أرادوا أن يخرجوا عن القانون , هم من أخلوا بالنظام .
الزوجة: (تهمس له مجددا ) لقد أخطأوا في حقك أعلم هذا, ولكن عليك أن تسامحهم .
الأسد: ملك الغابة شخصيا يعتذر منك عن إخراجك من الغابة, عد إلى ديارك يا نقار .
القرد : سأقيم لك حفلا بهلوانيا (يخرج كرته ليريهم حركاته البهلوانية لكنه يفشل كالعادة) .
الدبة : وأنا سأعطيك العسل وربما القليل من طعامي المفضل .
نقار الخشب: لا أريد شيئا منك أيتها العجوز .
الزوجة: (تهمس له) لا تصبح عنيدا يا زوجي دعنا نعود, أفتح لهم قلبك الطيب .
الفأر: عد معنا أرجوك تلك الحشرات تقضي على متعتنا في الغابة, وأيضا لقد قامت بغزو منزلي أصبح إزعاجك أرحم لي منها .
القط : أقدم لك اعتذاري أيها الطائر عد معنا قبل أن أقوم بأكلك (يمزح) .
العصفورة : أنا أعتذر منك لقد أضعت عملي وتلك الحشرات قامت بأكل مخزون الطعام وتدميره, هيا عد معنا .
الأسد : سنبني لك عشا جميلا ونهبك أكبر جذع لكي تنقر كما يحلو لك .
نقار الخشب : حسنا, حسنا هذا يكفي, سأعود معكم هذه المرة فقط, إن أزعجني أحدكم مرة أخرى سأختفي إلى الابد .
الزوجة : أحسنت, أحسنت يا زوجي أنا فخورة بك .
الحيوانات : مرحى ، مرحى ( يصفق الجميع ويضحك مرحا ويحتضنون نقار الخشب ثم يعود معهم إلى الغابة مجددا ….)
ستـــــــار
* رؤى حازم رشك/ العراق (2022)