قراءة في عنوانات نصوص وعروض (مسرح اللاتوقع الحركي القصير):
تعُد عتبات النصوص الجيدة؛ مداخل وممهدات تفتح آفاقا واسعة لتحليل النصوص؛ كما تعُد إيذانا للولوج في فضاءات العروض ومعرفة مكنوناتها؛ وقد ألتفت (الكتيباني) الى هذه الخاصية وأولاها اهتماماً خاصاً، وعرضٌ لعنوانات النصوص/العروض التي قدمها (الكتيباني) يدلل على دقةٍ في انتقاء تلك العنوانات وعلى وجود قصدية تهدف الى أن يكون العنوان متفردا من جهة؛ ومثيراً من جهة ثانية؛ وذا دلالة عميقة من جهة ثالثة؛ ففي كل تلك العنوانات لم يختر (الكتيباني) الدارج أو المألوف من الكلمات والعبارات التي أعتادها اللسان؛ وألفتها الأذن؛ ؛ بل أختار ما يثير الغرابة ويستفز الذاكرة ويبتعد عن المألوف؛ فضلا عن تشفيره لتلك العنوانات من خلال تقطيع الكلمات المكونة لها الى مقطعين ؛ حتى وأن كان العنوان لا يزيد عن الكلمة الواحدة مثال ذلك (هس – هسات ، هلو – سات ، هيت – لك ، خدم – لك ، دع – بلك ، زم – بلك) ؛ وسنعرض في أدناه لأربع من تلك العنوانات بشيء من التفصيل :
(هس – هسات؛ هيت – لك، خدم – لك، هلو – سات).
لو تمت دراسة تلك العنوانات بمعزل عن الأعمال التي اتخذت منها تسمية لها؛ لوجد الدارس أنها تتعالق مع بعضها على الوجه الآتي:
أ- إن العنوان الأول يشترك مع العنوان الرابع بثلاثة حروف ويتشابهان بالرسم ؛ وأن العنوان الثاني والثالث يشتركان بحرفين ويتشابهان من ناحية الرسم ايضا .
ب– أن تصويت العنوان الأول مع العنوان الرابع يأخذان النبر نفسه والإيقاع نفسه، والتلوين الصوتي نفسه ، وكذا يقال عن العنوان الثاني والثالث.
ت- يلاحظ في العنوانات الأربعة: سيادة تكرار حرف الهاء لـ(4) مرات ، والسين لـ(3) مرات ؛ وتكرار حرفي التاء واللام لثلاث مرات أيضا.
و على وفق ما تقدم من علامات فأن هناك ما يوحي بوجود علاقة تربط شفرات العنوانات ودلالاتها مع بعضها ؛ إذ أن اي دراسة واعية يمكنها أن تؤشر بأن كل عنوان من تلك العنوانات يحيل الى عنوان آخر فـ(هس هسات) يحيل الى (هلو سات) ، و(هيت لك) يحيل الى (خدم لك) ؛ فالعنوان الأول (هسهسات) لغة هو جمع لكلمة (هسهسة) ، والهسهسة في اللغة العربية تعني الصوت الخفيض جدا ؛ الذي يكون أدنى درجة صوتية من (الهمس) ؛ في حين أن عنوان (هلو سات) من ناحية الرسم يحيل الى أتصال بالقمر الصناعي ؛ بوصف أن كلمة (sat) الإنكليزية تترجم على أنها تعني (قمر صناعي) ؛ وعلى وفق هذا الفهم فأن هناك علاقة تضاد بين دلالة العنوانين ؛ بوصف أن الأول يشير الى البوح الداخلي ؛ بينما الثاني يحيل الى الإعلان والجهر والتعميم على فضاءات واسعة ؛ من ناحية أخرى ؛ فأننا أذا قرأنا العنوان الثاني (هلوسات) بما تدل عليه الكلمة في اللغة العربية ؛ فأنها تشير الى فعل نفسي مضطرب يفضح ما هو مدفون في العقل الباطن ؛ وهو فعل يأتي بلا قيد وبلا انتظام؛ في حين أن (الهسهسات) هي بوح داخلي منظم يهدف الى السرية والكتمان. وبحسب فهم كاتب هذه السطور فأن العنوانين يمكن أن يشكلا عبارة مهمة تعطي لهما دلالة حاضرة في الواقع مفادها: (أن كل هسهساتنا الخفية الماضية أصبحت هلوسات مفضوحة في أيامنا الحالية).