اسم الكتاب: عن المسرح المغربي / المسار والهوية
الكاتب: الدكتور حسن المنيعي
إطلالة على تاريخ المسرح المغربي:
يشير الكاتب في بداية مؤلفه إلى رصد لوجود أشكال فرجوية، وهذه الأشكال قامت على فنون الحكي والرقص والموسيقى والغناء والإنشاد، وقد اعتمدت هذه الفنون على الارتجال.. وقد صنف الباحثون المغاربة هذه الفترة ب (ما قبل المسرح) حيث لا يرتبط هذا الما قبل بفنون الدراما بشكلها التقليدي .. ويؤرخ بداية المسرح المغربي مع مراسيم الاحتفالات البرارة مرورا بفنون السرد والسير وفنون التهريج واللعب.
البداية الأولى للمسرح المغربي تعتبر البداية الرسمية للمسرح المغربي انطلاقا من دخول المسرح مفهومه الايطالي من خلال زيارة فرق مشرقية للمغرب (محمد عز الدين،نجيب الربحاني،فاطمة رشدي، يوسف وهبي)
وقد كانت بدايات المسرح ضمن قناعات سياسية وتجذر وطني حيث الاعتماد على قضايا التحرر ضمن نصوص كتبت بهذا الاتجاه مثل نص (صلاح الدين الايوبي) واقترنت هذه العروض بقضايا المقاومة والاستعمار .. وتعرضت البدايات إلى مضايقة من جانبين: الأول جانب الدين الذي اعتبر الممارسة المسرحية توجها معادي للدين. و الثاني: الجانب الاستعماري الذي اضطهد العاملين في مجال المسرح.
المسرح في عهد الإستفلال:
في هذه المرحلة حاول بعض من المسرحيين المغاربة الخروج من دائرة المسرح الشرقي والاتجاه إلى أفق أوسع في الاقتباس لطرق إخراج المسرح الأوربي، حيث تنوعت أساليب المخرجين المغاربة في هذه الحقبة بين مسرح مولير وشكسبير وبريشت وارابال. وبرز إلى الساحة عدة فرق مسرحية منها المسرح العمالي والمسرح الجامعي .. وبرزت بعض التوجهات للمسرح الذي يعتمد الشكل على حساب المضمون وبرزت أسماء مسرحية في هذه الفترة منهم نبيل لحلو الذي أسس لمسرح مغربي طلائعي.
نحو تأسيس فعلي للمسرح المغربي:
* محاولة الطيب الصديقي:
ارتبط المسرح المغاربي حتى نهاية الستينات بالمسرح الكلاسيكي والعبثي والواقعي، وبعد ذلك ظهر اهتمام الطيب الصديقي بالتراث المغربي. اعتمد مسرح الصديقي على الجانب الاحتفالي وروح اللعب. واعتمدت عروضه الطقس الشعبي والعنصر الغنائي والحركي مثل مسرحيات : عبد الرحمان المجذوب ومقامات بديع الزمان الهمذاني وابو حيان التوحيدي.
* محاولة الهواة:
حاول الهواة خلخلة المفاهيم والأنماط السائدة في المسرح المغربي، حيث استطاع مسرح الهواة منذ بداية السبعينات انطلاقا من المهرجان العاشر أن يقدم أعمالا مسرحية استفزت وعي الجماهير والنقاد ابتداء من النص. حيث قوضت الوحدات الثلاث للنص الكلاسيكي واعتمدت نصوصا مركبة تعتمد نسف الأنساق المركزية واعتمدت نصوص الهواة على استدراج التراث وعصرنته، كذلك اعتمدوا مفهوم التناص
وعلى مستوى العرض انطلقت عروض مسرح الهواة على التراث لما يمثله من الشكل السحري والعجائبي وصار المخرج من الهواة يضيف إلى النص نصوصا أخرى لتعزيز إمكانيات العرض واستلهام بعض تقنيات المسرح الغربي كالمسرح الملحمي لبرشت أو التسجيلي لبيتر فايس أو الفقير لكروتوفسكي.
وقام الهواة بتأسيس نظريات لتأصيل شغلهم المسرحي ومن تلك النظريات المسرح الاحتفالي لعبد الكريم برشيد الذي يعتمد إشراك المتلقي ضمن اللعبة المسرحية بعد إزالة الحواجز والستائر والكواليس وبناء قواعد تلك اللعبة أمام الجمهور.
مسرح الشباب المغربي ما بعد الربيع العربي
ساهم مسرح الشباب في فترة ما بعد الربيع العربي في تحديث الثقافة المغربية من خلال انجازاته المتنوعة . وهو مسرح متنوع الأفاق تسوده اتجاهات فنية عديدة ودائم التفاعل مع الانتفاضات الشعبية وهو مسرح احتجاجي.
وقد قدمت عدة عروض بهذا الاتجاه منها مسرحية “الأستاذة آمال” ومسرحية “شظايا طين” ومسرحية “نزهة” .. وكذلك مسرحية “أنا-نتوما-تو” وهي من تأليف عائشة أيوب وإخراج حمزة بو لعز ..ومسرحية “دموع بالكحل” لعصام يوسفي. ومن بين العروض المهمة مسرحية “سكيزوفرينيا” وهي من تأليف وإخراج عبد المجيد الهواس، استخدم المخرج في هذا العرض فضاءات ذات نسق شعري واعتماد لغة الجسد وجماليات السينوغرافيا والإخراج.
هوية المسرح المغربي الانتماء إلى التراث المسرحي العالمي
اعتمد المسرح المغربي على تكوين هوية على وفق منظور عبر ثقافي والانفتاح على تجارب فرجوية باعتبار أن المسرح ـ حسب المؤلف ـ يتعامل مع هوية الإنسان المتلقي في كل مكان, ولذلك يطرح مؤلف الكتاب ثنائية قائمة على طرفي نقيض تتراوح بين التأصيل لهوية مسرح مغاربي من جهة، ومن جهة أخرى البحث عن مسرح عابر للهوية يعتمد التفاعل مع مسارح أخرى وكانت هذه الثنائية هي السمة المائزة في المسرح المغاربي.
يطرح مؤلف الكتاب بعض الأسماء المهمة التي ساهمت في تأصيل هذا المسرح منهم:
الطيب الصديقي
لا يمكن الحديث عن المسرح في المغرب دون طرح هذا الاسم المهم ليس على مستوى على المسرح المغربي، بل كان ولازال اسمه يطرح كمخرج ومنظر مسرحي عربي ساهم في رسم خارطة مسرح طقسي استنهض التراث على وفق معالجات مسرحية لها طقسها الخاص وهو متعدد المواهب بين الشعر والرسم بالإضافة إلى فنون المسرح.
ومن بين الأسماء التي وضعت لهذا المسرح هويته يطرح الكاتب مخرج مهم وهو:
عبد الحق الزروالي
حيث يصفه الكاتب هنا بثيس بيس الاغريقي باعتباره سيد المسرح الفردي المونودرامي وانفتحت عروض الزروالي على الجمهور ومشاركته الفاعلة .وقد جاب الزروالي بعروضه المونودراميا العديد من المهرجانات خارج المغرب ومن عروضه (جنائزية الأعراس، 1!1!رحلة العطش، سرحان المنسي، عكاز الطريق).