مقدمة :
ليس من السهولة بمكان أنْ نكتب عن المسرح والإرهاب ، ذلك أنَّ العلاقة بين الأثنين تبدو بعيدة من حيث الشكل والصيغة والمضمون ، ورب سائل يسأل ، هل هناك علاقة بين المسرح والإرهاب ، أم أننا نحاول لوي عنق الكلمة وتقريبها إلى منطقة المسرح ، أو أنَّ المتغيرات المجتمعية التي حصلت على خارطة المجتمع العراقي ساهمت في خلق هذه العلاقة ، وتلك المقاربة ، أو ربما أسباب نجهلها ولم تكن موجودة على السطح ، ذلك أنه لم يخطر ببال أحد من قبل ، أننا سنتطرق إلى موضوع المسرح والإرهاب ، ولكنْ للضرورة أحكام ، فالأرهاب فرض نفسه على الحياة برمتها ، فما بال المسرح ، ذلك الكائن الموغل في القـِدَمْ ، الوديع ، والمسالم كحمامة السلام في كل الأزمنة، وفي أية أرض يحط بها.
كان من الطبيعي أن يؤثر الإرهاب على المسرح بشكل مباشر ، وغير مباشر ، كيف لا والمسرح المرآة العاكسة ، والمتنفس الحقيقي لطبيعة المجتمع ، وبالتالي سيكون تأثرهُ واضحاً وضوح الشمس ، وبات من الضروري الكتابة في هذا الموضوع ، ليعرف المتابع طبيعة العلاقة بين المسرح والإرهاب من جهة، وأثرها في مسيرة فن المسرح بشكل عام ، والمسرح العراقي بشكل خاص من جهة أخرى.
وما هذه الورقة البحثية ، إلا قراءةأولية لتصدي المسرح لهموم ، وأوجاع ، وحاجات المجتمع من بداية ظهوره إلى يومنا هذا ، من حيث الدور الذي لعبه ، والآثار الجانبية التي أرخت بسدولها على مسيرته ، والكيفية التي عالج بها الإرهاب بشكل قصدي ، أو غير قصدي ، ذلك أنَّ الإرهاب هذا المصطلح الغائم والمعقد التعريف ، حمل أوجه عدة عبر العصور ، لذا كان الصعب تحديد تعريفه بشكل ثابت ودقيق ، كما أنَّ من الصعوبة بمكان إيجاد طريقة تعامل ثابتة ، وواضحة المعالم، وعليه كان على المسرح ، ومنذ بدايته أن يجد معادلاً موضوعياً يعالج بها ظاهرة الأرهاب بأشكاله المتعددة ، آملاً أنْ تلتقط هذه الورقة البحثية العناصر المؤثرة في آلية العلاقة بين المسرح والإرهاب.
معنى الإرهاب :
طغى مصطلح الإرهاب في العقود الثلاثة الماضية بشكل كبير على الساحة المحلية والعربية وحتى العالمية على حدٍ سواء ، لما لهذا المصطلح من تأثير كبير على الحياة المجتمعية العالمية ، وبات هو العنوان الأبرز لأغلب نشرات الأخبار العالمية ، ولأن هذا المصطلح معقد ويتحمل القراءات المتعددة ، فهو حمَّال لوجوه عدة ، فما يعتقده الشرق إرهاباً يراه الغرب حقاً من الحقوق ، ونضالاً شريفاً مقدساً ، والعكس صحيح ، لذا وجدنا من المناسب تحديد مصطلح الإرهاب أولاً ، لنضع النقاط على الحروف ، وتحديد الخصوصية للورقة البحثية ثانياً.
مصطلح الإرهابفي اللغة العربية من الفعل (رَهب ، يُرهب ، رَهبةً) أي خاف ، ورهبه أي خافه. والرهبة هي الخوف والفزع وهو راهب من الله أي خائف من عقابه ، وترهبه أي توعده (1)، وفعل (رهب) ومصدر (أَرْهَبَ) يُرهب، إرهاباً، فهو مُرهِب، والمفعول مُرهَب، وأرهب فلاناً : خوَّفه وأفزعه، ويخاف من الإرهاب: ـ يخاف من ممارسة العنف والقيام بأعمال تـَخـْلُقُ الرعبَ في.
أما في القرآن الكريم فينصرف معنى الإرهاب الى ما ورد في الآيات القرآنية التي تأتي بمعنى الفزع والخوف ، والخشية ، والرهبة من عقاب الله تعالى ، فقد ورد في قوله تعالى ((وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكُم وإياي فارهبون))(2). وجاء ((إنما هو اله واحد فإياي فاْرهبون)) (3) وورد ((إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين)) (4).
كما يأتي الإرهاب في القرآن الكريم بمعنى الردع العسكري فقد ورد ((ترهبون به عدوا الله وعدوكم وآخرين من دونهم))(5). وجاء أيضاً ((واسترهبوهم وجاءوا بسحرٍ عظيم)).(6) أما في اللغات الأخرى فان الإرهاب يأتي بمعنى رعب (terror) وتعني خوفاً ،أو قلقاً متناهياً أو تهديد غير مألوف وغير متوقع ، وقد أصبح هذا المصطلح يأخذ معنى جديد في الثلاثين عاماً الأخيرة ويعني إستعمال العنف وإلقاء الرعب بين الناس.
والإرهاب بشكلها العام كان ملازماً لطبيعة البشر، واللمحة التاريخية لجذور الإرهاب تمتد مع الإنسان من بدايته وحتى نهايته، إذ بدء الإرهاب مع بداية البشر توارثوه جيلاً بعد جيل، فمنذ الخليقة والإنسان يعيث في الأرض فساداً، وسفكاً للدماء، ولعل ذلك ما دفع الملائكة الى القول ((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك))(7)وفي التاريخ العربي الإسلامي انتشرت بعض مظاهر العنف المنظم، والذي برز من خلال الاغتيالات السياسية فقد اغتيل الخليفة عمر بن الخطاب (رض)، والخليفة عثمان بن عفان (رض) والإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)، والحسن بن علي(عليه السلام) على يد الخوارج وهي جماعة إرهابية منظمة كانت تهدف إلى تحقيق غايات سياسية. كما انتشر في بعض مراحل التاريخ العربي ما يمكن أن نطلق عليه بإرهاب الدولة والذي تجلى بأعمال القتل والسبي أبان الحكم الأموي ، كما عرف عن الحجاج بن يوسف الثقفي أنه كان يعرض جثث المقاتلات من الخوارج عارية في الأسواق لردع النساء من الانضمام إليهم(8).
أما الإرهاب بمعناه الحديث فلم يظهر إلا في المجازر التي أعقبت الثورة الفرنسية الممتدة بين الأعوام 1789 إلى 1799 والتي يصفها المؤرخون بـفترة الرعب، فقد كان الهرج والمرج ديدن تلك الفترة إلى درجة وصف إرهاب تلك الفترة بالإرهاب الممول من قبل الدولة، فلم يطل الهلع والرعب جموع الشعب الفرنسي فحسب، بل طال الرعب الشريحة الارستقراطية الأوروبية عموماًوالتي أدت الى قتل أكثر من أربعين ألف إنسان(9).
كما أنَّ الأعمال الإرهابية التي قامت بها العصابات الصهيونية في فلسطين، ومجازر الصرب في كوسوفو، والبوسنة، والتي ذهب ضحيتها آلاف المسلمين، وتنتشر في الوقت الحاضر العديد من التنظيمات الممولة بشكل جيد والقادرة على التخطيط والتنسيق فيما بينها لتكون خصماً للدول الكبرى، والتي تستعمل الخطاب الديني في حشد المؤيدين لها.
وفي ذلك يعرَّف (شفيق المصري) الإرهاب بشكل عام باعتباره ((استخدام غير شرعي للقوة، أو العنف، أو التهديد باستخدامها بقصد تحقيق أهداف سياسية))(10)، ويرى (ناعوم تشومسكي) القتل الغاشم للمدنيين الأبرياء هو إرهاب، وليس حربا على الإرهاب، بينما يرى (فرج فودة) انطلاق الكلاشينكوف دليل على عجز الحروف، وصوت الطلقات تعبير عن قصور الكلمات، و يوجد ثلاث سبل لمواجهة الإرهاب وهي : التعليم ومواجهة المشكلة الاقتصادية والوحدة الوطنية، بينما يرى (مهاتير محمد) إن الإرهاب ليس كالحرب التقليدية، لا يمكن للأسلحة المعقدة ولا الرؤوس النووية أن تهزم الإرهاب، الهجمات الإرهابية هي نوع جديد من الحرب، إنها حرب الضعفاء ضد الأقوياء، فطالما يوجد هذا الفارق الهائل بين القوي والضعيف في القدرة على القتل.
أما الإرهاب في العراق فقد ورد في المادة (200/2) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969(يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس كل من حبذ أو روج أياً من المذاهب التي ترمي الى تغيير مبادىء الدستور الأساسية أو النظم الأساسية الاجتماعية أو لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية متى كان استعمال القوة أو الإرهاب أو أي وسيلةٍ أخرى غير مشروعة ملحوظاً في ذلك). وورد في المادة (365) (يعاقب بالحبس أو الغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من اعتدى أو شرع في الاعتداء على حق الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة في العمل باستعمال القوة أو العنف أو الإرهاب أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة).
أما الإرهاب في القانون الفرنسي بوصفه القانون الأكثر شيوعاً في العالم، فقد ورد وبموجب القانون رقم 86/1020 لعام 1986 عرف المشرع الفرنسي الإرهاب بأنه ((خرق للقانون، يقدم عليه فرد من الأفراد، أو تنظيم جماعي بهدف إثارة اضطراب خطير في النظام العام عن طريق التهديد بالترهيب))(11).
أما الإرهاب في الولايات المتحدة الأميركية، فقد عرفته وزارة العدل الأمريكية عام 1984 بأنه ((سلوك جنائي عنيف يقصد به بوضوح التأثير على سلوك حكومة ما عن طريق الاغتيال أو الخطف. بينما ذهب مكتب التحقيقات الفيدرالي الى تعريفه بأنه عمل عنيف أو عمل يشكل خطراً على الحياة الإنسانية وينتهك حرمة القوانين الجنائية في أية دولة))(12).
وفي النهاية فقد ظل مصطلح الإرهاب متعدد الأوجه بين بلد وآخر، إلا أنَّ الجميع متفق على أنَّ الإرهاب هو خوف، وفزع، وانتهاك لحقوق الغير، لكن هذه الحقوق تختلف من بلد إلى آخر وفقاً للأهداف السياسية التي تملي عليها، ولذا تجنبت الاتفاقات الدولية وضع تعريف محدد للمقصود بالأعمال الإرهابية، واعتمدت أسلوب تعداد بعض الجرائم، واعتبرتها ضمن مفهوم الإرهاب، ونرى أن هذا الأسلوب يتناقض مع مبدأ شرعية القانون الجنائي، ويبيح التلاعب من حيث إخراج الكثير من الجرائم من دائرة الإرهاب لا لشيء، سوى أنها لم تذكر في ضمن هذا النوع من الجرائم متجاوزين عما قد يفرزه التطور من جرائم إرهابية جديدة.
علاقة المسرح بالأرهاب :
لإنَّ المسرح يدعو إلى الفضيلة، كان وما يزال يشكل الوجه الحقيقي للمجتمعات الحضارية المتمدنة والبدائية البسيطة على حدٍ سواء، لما يمثله من إنعكاس وحضور صادق لمفردات الحياة، وتأتي أهميته من كونه يلسط الضوء على جميع الحالات الإنسانية التي يمر بها المجتمع كيفما كانت ثقافته وإنتماءاته وطرق معيشته، وهذا العامل ـ تسليط الضوء ـ هو عنصر قوة أهلت المسرح في أنْ يكون راسخاً، ثابتاً، مهماً على مدى العصور، وحتى فترة القرون الوسطى التي حاربت المسرح، ما أنْ سارعت بعد حين لإستقطاب المسرح واستثماره في الدعوة التبشيرية، وذلك لإيمانهم المطلق بأهمية دور المسرح في نشر الثقافة، والمعرفة، والعلوم، والأديان.
من هذا وغيره شكل المسرح الحضور المؤثر في الحضارات العالمية، وأخذ دور المتنفس الثقافي، والمعرفي، والترفيهي لجميع المجتمعات، ودليلنا في ذلك، أنَّ الطقوس الدينية، والأحتفالات، والمراسيم، والطرق التمثيلية في تقديم القرابين للآلهة والأحتفال بهم التي حصلت في الحضارة اليونانية، كانت ذاتها تحصل في الحضارة البابلية والفرعونية باختلاف المسميات، وهذا دليل واضح على أهمية المسرح في المجتمعات الإنسانية.
من هنا نستكشف أهمية المسرح في التنفيس عن خلجات ومشاعر الإنسان بكل أشكاله وأطيافه، فهو معبر عن الحب، السلطة، الخيانة، الشجاعة، الغيرة، الخذلان، التضحية، العرفان، الخوف، الفزع، الطمأنينة، الأمان، والفرح، هو باختصار تعبير عن جميع القيم والمعاني والأفعال الإنسانية، ولذلك فهو يحقق الرفقة الأبدية للكينونة الإنسانية، ومن الطبيعي بمكان أنْ يكون الأقرب للتعبير عن الوجدان الإنساني، والتصدي للمواضيع التي ترافق الحياة، فالمسرح وكما أسلفنا تطرق ويتطرق لجميع الأفعال، وهذا الأمر متأتي من معنى وطبيعة دور المسرح المنتمي للدراما بشكلها العام، ذلك أنَّ الدراما تعني أول ما تعنيه الفعل، وبالتالي فأنَّ المسرح يسعى لقديم الأفعال التي تمر بها الإنسانية، وهذه الأفعال بطبيعتها إيجابية وسلبية، ومن تلك الأفعال التي اجتاحت الإنسان من قبل، وما زالت تمارس أنتهاكها للقيم الإنسانية هو فعل الإرهاب، والإرهاب بمعانيه المتعددة كان حاضراً في مسيرة المسرح من بدايته إلى يومنا هذا، فالإرهاب بوصفه خوفاً، وفزعاً، وانتهاكاً، تناوله المسرح وأدانه بأشكاله المتعددة، لأنَّ المسرح هو المتصدي والمدافع لإرساء الفضيلة وتحقيق حقوق الفرد، وعلى سبيل المثال لا الحصر أول ما تناول الإرهاب في المسرح الكاتب اليوناني (يوربيدس) في مسرحيته (نساء طروادة) التي تحدثت على سبي النساء اللواتي حضرن (الكسندرا) و (هيلين) و (أندروماك)، وما فعلته الحروب من سبي الأسيرات والإرهاب الذي مورس بحقهن، فكانت تلك من العلامات المهمة بإستثمار موضوعة الإرهاب وإدانته من قبل المسرح.
والشيء اللافت وما يتوافق مع الورقة البحثية أن يوربيديس يجد له هذه الأيام موقعاً مميزاً على خشبات المسارح اللندنية، فـ(إفجينيا في أوليس) تستأنف عرضها على خشبة مسرح (National Theatre) بمعالجة ذي نكهة سياسية، تعكس ما يجري اليوم في العالم من إنعطافات حادة في السياسة الدولية، أما (نساء طروادة) فهي تواصل عرضها منذ أسابيع على خشبة مسرح New End Theatre متابعة المصائر المأساوية لضحايا الحرب بين أثينا وطروادة، ورائحة بارود حروبنا المعاصرة تفوح من جنباتها.
أما فرقة شكسبير الملكية، فأنها تضع حالياً لمساتها النهائية على بروفاتها الأخيرة على مسرحية (هيكوبا) وبترجمة جديدة للشاعر والكاتب المسرحي توني هاريسون، لتقديمها في مستهل العام المقبل على مسرح الباربيكان، والتي ستلعب الممثلة البريطانية فينيسيا رودغريف الدور الرئيسي فيها، ما الذي يدفع بالناس هنا، حقاً، الى الذهاب كل مساء لمشاهدة مآسي يوربيديس هذه الأيام؟
لنستمع بهذا الشأن، الى وجهة نظر البرفيسور(ديفيد ووتن)، أستاذ التاريخ في جامعة يورك، وهو ناقد مسرحي وراهب أيضاً، في حديث له عن مسرحية (هيكوبا) التي تتحدث عن (هيكوبا) التي كانت يوما ملكة، هي الآن واحدة من تلك الغنائم، تجول في معسكر الأعداء أشبه بغجرية قذرة وخلفها نساء طروادة وإبنتها (بولكسينا) التي ستذبح بعد قليل قرباناً لـ(أخيل)، يذكر هذا البرفيسور في مجلةThe Social Affair Unit يقول: إن أي شخص، لم يكن لديه أي تصور مسبق ومنذ البدء، لما ستؤول إليه الحرب في العراق من نتائج مأساوية، عليه أن يذهب لمشاهدة (هيكوبا) بترجمتها الجديدة، وعليه أن يعرف أيضاً، أن مديري المسارح اللندنية، في عروضهم لمسرحيات يوربيـديس هذه الأيام، يثبتون أنهم أصبحوا أكثر مسؤولية ووعياً من إدارة البيت الأبيض و10 داوننغ ستريت، في إدراك النتائج الكارثية للحروب في العالم، وفي الشرق الوسط، على وجه خاص).
كما أنَّ المخرج السوري (عمر أبو سعدة) أستثمر مسرحية (نساء طروادة) في عرض مسرحي عن اللاجئات السوريات وأسماه (طرواديات) للتعبير عن الإرهاب الذي حصل ويحصل في سوريا، إذ جاءت المقترحات الإخراجية لعمر أبو سعدة، على النص وفق تصميم حوارات سهلة فـ(هيكوبا) ملكة طروادة في السياق الإيهامي تخلت عن حضور الموت، والهزيمة الساحقة في وعيها، في رؤية تتخطى قدرها (حضور روح التخطي لدى الشخصية التراجيدية)، وهي تستعيد أبنائها من الموت، ليقفوا في حضرتها كملكة لمحاولة إعادة الاعتبار لها من حالة الموات المأساوية التي آلت إليها، وجاء التشابه بين الحوارات الشعرية الطروادية مع حوارات النساء السوريات في مسألة الشعور بخسارة الذكر كأب، وزوج، وأخ، وإبن.
أما (شكسبير) فأغلب مسرحياته جاءت إدانة للإرهاب ودعوة للفضيلة والحب والأمان، ففي مسرحية (ماكبث) هذا الطامع وهذا الأرهابي النزعة بحبه للسلطة، وغدره، وقتله الملك (دنكن) برفقة زوجته (الليدي ماكبث)، كان يبحث عن السلطة بإستعماله شر الطرق للوصول إلى مبتغاه، لكنه أدرك فيما بعد أنَّ جلَّ ما يسعى إليه الإنسان هو فضيلة الأمان، إذ يقول: ليس العبرة في أنْ تكون ملكاً بل العبرة في أنْتكون آمناً، وهذه الفضيلة التي سعى اليها (شكسبير) هي عكس الإرهاب حيث الفزع والخوف، بينما دعى (شكسبير) إلى الأمن والأمان.
وكذا الأمر حصل في مسرحياته الأخرى مثل (تاجر البندقية)، إذ يذهب اليهودي (شايلوك) لإرهاب (أنطونيو) والمجتمع بأسره وهو يروم أسترجاع قرضه من (أنطونيو) بأخذ ثلاث أرطال من اللحم من قلبه بناءاً على الأتفاق السابق بينهم، لكن روح المسامحة وروح المحبة هي التي تغلبت في نهاية المطاف.
أما في مسرحية (روميو وجوليت) الذي طغت المحبة والتضحية والإثار على كل أنواع الكره والبغض والعداوة والشر والكراهية، فكانت عنواناً للمحبة والأمان، والمسرحية هذه ظلت ترخي بظلالها على جميع المجتمات الإنسانية، حيث قدمت مسرحية (روميو وجوليت) بطرق وأشكال متعددة، وجميعها يحارب ويتصى للإرهاب بكل أنواعه، فقد قدمت فرقة مسرحية من (البوسنه والهرسك) عام 1997 في مهرجان مسرح الفوانيس في عمان مسرحية ( روميو وجوليت في سراييفو) وكانت قراءة جديدة في فكر المسرحية وإدانة جديدة للإرهاب الذي أطاح في جمهورية (البوسنة والهرسك)، حيث النزاع الكبير بين المسيحيين والمسلمين، وقد قدمت المسرحية روميو بوصفه مسلماً، وجوليت بوصفها مسيحية، وكانت المسرحية صرخة بوجه الإرهاب الفكري.
ومما يستحق الوقوف عنده هو ما قام به المخرج العراقي (مناضل داود) وهو يقدم مسرحية (روميو وجوليت في بغداد) وقدم إدانة واضحة للإرهاب الذي حلَّ في العراق والصراع الطائفي الذي أحرق الأخضر واليابس، إذ قدم (روميو) بوصفه مسلماً شيعياً و (جوليت) بوصفها مسلمة سنية، وبذلك أدان الإرهاب الطائفي بشكلٍ جلي.
ومن الجدير بالذكر أنَّ أغلب الفرق المسرحية التجريبية الحديثة العالمية جعلت من المواضيع السياسية، ومعاناة الشعوب، والخوف، وعدم الأمان الإجتماعي والسياسي، عنواناً لتجاربهم، أمثال فرقة المسرح الحي لـ(جوديث ملينا) وفرقة المسرح المفتوح لـ(جوزيف شايكن) والمسرح البيئي لـ (ششنر) فرقة مسرح الخبز والدمى لـ(بيتر شومان) ومسرح الواقعة لـ(جون كيج)والمسرح الثالث لـ( يوجينو باربا) وفرقة مسرح الشمس الفرنسية لـ(أريان مينوشكين) التي قدمت مسرحية (1789) والتي تتحدث عن الثورة الفرنسية وما أعقبها من إرهاب كبير، حيث قدمت المسرحية بمكان مفتوح، وإستعملت (مينوشكين) عدة وسائط مثل الدمى والمايم والمسليات والمشاهد الموسيقية والحوار التقليدي.
أما في المسرح العراقي الذي حفل بكل أنواع الحروب والإرهاب من بداية نشوء الدولة المدنية العراقيية وليومنا هذا، فقد تناولوا المسرحيون موضوع الحرب والإرهاب بأشكال متعددة خصوصاً أثناء الحرب العراقية الإيرانية وما أفرزته من خوف ورعب وإرهاب، الأمر الذي دعى الشاعر (يوسف الصائغ) إلى كتابة مسرحية (الباب) والتي أخرجها (قاسم محمد)، ومثلها (محمود أبو العباس) و (سهير إياد) والتي تناولت مدى الإرهاب والخوف في دفن الزوج الحي مع زوجته المتوفاة، ودفن الزوجة الحية مع زوجها المتوفي ، جاءت المسرحية تعبيراً عن مدى الخوف الذعر والدمار الذي يعيشه المجتمع العراقي.
وذهب الكاتب (فلاح شاكر) أبعد من ذلك في الضياع والخوف الي يجتاح الشخصية العراقية من خلال مسرحيته (قصة حب معاصرة) التي أخرجها (هاني هاني) والتي مثلها (جواد الشكرجي) و(سهير إياد).
ليفرز المسرح العراقي بعد ذلك مسرحية (الذي ظل في هذيانه يقضاً) التي أعدها (أحسان التلال) من قصيدة طويلة للشاعر (عدنان الصائغ) وأخرجها (غانم حميد) وتمثيل (حكيم جاسم) و(حقي الشوك) و (أنتصار جمال) لتعبر في حينها على مدى الإرهاب الفكري والإجتماعي والإقتصادي والسياسي الذي حلَّ في العراق، إذ شكلت هذه المسرحية وثيقة دامغة لإدانة الإرهاب والحرب في العراق، وأعقبها بعد ذلك المخرج (غانم حميد) بمسرحية (المومياء) لكاتب (عادل كاظم) وتمثيل (ميمون الخالدي) و(هناء محمد)، وتضيف إدانة جديدة للإرهاب والحرب.
أما في تسعينات القرن الماضي فقد شكلت الثلاثية المسرحية فرقة المسرح الفني الحديث علامة هامة وكبيرة في إدانة الخوف والرعب والإرهاب الذي كانت تمارسه الدولة بحق مواطنيها، ففي مسرحيات (إلى إشعار آخر)، (الكفالة)، (شكراً ساعي البريد) الذي قام بتأليفهم جميعاً (عبد الكريم السوداني) وأخرجهم جميعاً (سامي عبد الحميد)، بعدما أخضع المسرحيات الثلاثة إلى مختبر مسرحي وأعاد صياغة تأليفهن بشكل جماعي، وقد شارك في تمثيل المسرحيات الثلاث (مظفر الطيب) و (حقي الشوك)، أما (وليد شامل) و (عواطف إبراهيم) و (أنعام الربيعي) فشاركوا بمسرحية واحدة لكل منهم، تناولت المسرحيات الثلاثة الإرهاب الحقيقي للسلطة الحاكمة، ففي المسرحية الأولى تناولوا الإرهاب الإقتصادي والإجتماعي، وسحق الشخصية العراقية، وفي المسرحية الثانية عالجوا الإرهاب الأمني، والرعب والخوف الذي كانت تمارسه الأجهزة الأمنية بحق مواطنيها، من خلال زج البطل في قعور السجون لعشرات السنين، ثم تبين بعد حين أنه برئ وعليه إحضار الكفيل للخروج، لكنه يعجز الحصول على الكفيل بسبب خوف الناس ورعبهم من السلطة، أما في المسرحية الثالثة فقد تناولت أنتهاك السلطة لخصوصية مواطنيها من حيث فتح الرسائل التي تأتيهم، وبذلك فقد أنتهكت حرمات المواطن وخصوصيته، شكلت تلك المسرحيات خطوة متقدمة في تناول المسرح لظاهرة الرعب والخوف والإرهاب الذي تمارسه السلطة.
بعد 2003 فقد أختلف تصدي المسرح للمواضيع الإنسانية، وفي مقدمتهم الخوف والرعب، فلم يعد الخوف من السلطة كبيراً، وأنفتحت الحريات في تناول الموضوعات، حتى قدم (جواد الأسدي) مسرحيته تأليفاً وإخراجاً (نساء في الحرب) التي مثلتها (شذى سالم) و (آسيا كمال) لتتطرق لموضوع الإرهاب الذي حلَّ في العراقيين وبحثهم الدائم إلى الأمن والأمان.
قدم (سامي عبد الحميد) مسرحية (أضغاث أحلام) محاولة منه في تعرية الوضع الذي آل اليه المجتمع العراقي من جراء الحروب وعدم الأمان، كما أنه قدم مسرحيته المونودراما (غربة) التي أدانت كل مظاهر الإرهاب القادم من السلطة أو من الغربة، وحتى الإرهاب القادم من المجهول.
حاول (هيثم عبد الرزاق) من خلال مسرحية (مرض الشرق الأوسط الديمقراطي) ومسرحية (موت مواطن) أنْ يتناول موضوعة الإرهاب والخوف الذي أجتاح البنية العراقية، وخصوصاً في مسرحية (موت مواطن) وتقديم العلاقة الجدلية بين الأديان والطوائف، وتأثيرها على المجتمع العراقي.
ولم يدخر جهداً (مناضل داود) في تناول موضوع الإرهاب وتأثيراته المميتة على الحياة العراقية، لا سيما في مسرحيته (المطحنة) التي كتبها وأخرجها، ومسرحية ( من السما) التي قدم المشهد العراقي بشكل مباشر، من خلال إختلاف الطوائف، وتباين الأديان والجنسيات، وجعل من الإرهاب عدو مشترك لكل الشعوب وجميع المجتمعات، لكنه نجح إلى حدٍ كبير في مسرحيته ( روميو وجوليت في بغداد) كما أسلفنا.
نجح (مهند هادي) إلى حدٍ كبير في مسرحيته (حظر تجوال) تأليفاً وأخراجاً، بعد إنْ ألتقط جميع مفردات الخوف والإرهاب الذي حلَّ في بغداد بعد أحداث 2003 ، فقد وظف جميع عناصر المسرح التجريبي في ذلك، من خلال الممثل (رائد محسن) و (سمر قحطان)، وشكلت هذه المسرحية فتحاً جديداً في بناء المسرحية العراقية بعد عام 2003 ، وتكررت المحاولات بعد ذلك في مسرحية (كامب) للمخرج نفسه لكن العبق والسبق كان لمسرحيته (حظر تجوال).
وحاول (كاظم النصار) أنْ يعيد مسرحية (نساء في الحرب) تأليف (جواد الأسدي) ليعمق الخوف من هجرة العراقيين، كما أنه نجح في تلسيط الضوء على الفوضى العارمة التي تجتاح المشهد السياسي والإجتماعي والأقتصادي من خلال مسرحيته (أحلام كارتون) للمؤلف (كريم شغيدل)، وقدم من خلالها حجم الخوف والإرهاب الذي يمارسه العراقيون بعضهم ببعض من خلال الشخصية الدينية، وشخصية النادل.
المخرج (عماد محمد) هو الآخر قدم مسرحية (تحت الصفر) لمؤلفها (ثابت الليثي) وتمثيل (عبد الستار البصري) و (يحيى إبراهيم) وهو معدة من مسرحية (في أنتظار كودو)، إلا أنَّ (عماد محمد) ألبسها لبوس الخوف والإرهاب من الشخصيات أنفسهم، وجعل الواحد منهم يخاف ويرهب الآخر دون وجه حق، ثم أضاف بوجود الأميركي المحتل رعباً وخوفاً مضافاً، وهو نفسه قدم الإرهاب من المحتل في مسرحيته (بيادق) وكانت من تأليف (مثال غازي) عبر ممثليه (محمد هاشم) و (يحيى إبراهيم)، وقدمت المسرحية الخوف والرعب من الحروب التي تجتاح حرمات الإنسان.
وقدم (إبراهيم حنون) إدانة واضحة المعالم للإرهاب، من خلال مسرحيته (حروب) التي ترجمها (سامي عبد الحميد) عن (حروب كوسوفو لهاكيف ماليكي) وقام بإعدادها وتمثيلها (سعد محسن) و (أحمد طعمة) ، وقد تناولت المسرحية الإرهاب بشكل واضح من خلال شخصية الإرهابي وعلاقته بالطبيب، وقدم النص إدانة واضحة للإرهاب، وفي مسرحية (أستيلاء) يكشف لنا (إبراهيم حنون) مدى الإرهاب والخوف الذي يدخل في نفوس شخصياته التي أستمدها وأعدها (حيدر جمعة) من مسرحية (بيت برناردا البا) للكاتب (لوركا)، وهذه المسرحية بحد ذاتها تناولت الخوف من المجهول، والرعب الذي يفرضه سجن البيت.
وحاول (حاتم عودة) في مسرحية (الصدى) لكاتبها (مجيد حميد) وتمثيل (بشرى اسماعيل) و (سمر قحطان) الكشف عن مديات الخوف والرعب تعالج قضايا يومية بأسلوب تجريبي ورمزي وهي ملحمة الوجع العراقي وتأثيراته في المجتمع، أما في مسرحية (فيلم أبيض وأسود) الذي قام بكتابتها مع (سمر قحطان) وقام بتمثيلها (بشرى اسماعيل) و(إياد الطائي)، فقد حاولت المسرحية مناقشة المعاناة المجتمعية من خلال فئة الشباب، محملاً أثار الحروب المدمرة على الحياة العراقية.
أما الكاتب (علي عبد النبي الزيدي) فقد تناول الإرهاب بشكل صريح في مسرحيته (تحوير) التي أخرجها (مصطفى ستار الركابي) لجماعة الناصرية للتمثيل، والآثار التي لحقت بالمجتمع من خلال الإرهاب والتفجيرات التي تحصل وتؤدي إلى فقدان الناس لأرواحهم، وأعضائهم، وقدمت المسرحية التطرف الديني والسياسي والاجتماعي بشكل واضح، حتى بات الواحد منا يتساءل هل التطرف يخلق الإرهاب أم الإرهاب يخلق التطرف، وفي مسرحيته الثانية المعنونة (يارب) يقدم لنا (الزيدي) صرخة احتجاجية، وشكوى، ودعاء إلى الله عز وجل، أنْ يخلَّص العراق من الإرهاب، من خلال إحتجاج النساء جميعهن وتقديم الشكوى إلى الله أنْ يوقف الإرهاب، وتصدى لإخراجها (محمد حسين حبيب) لكلية الفنون الجميلة / جامعة بابل، وقدم لنا نموذجاً إنسانياً محباً للحياة باحثاً عن الخلاص من الإرهاب وجذوره، من خلال شخصية المرأة (الأم) التي تأتي إلى المقبرة وتدعو الله، ليظهر لها نبي الله (موسى عليه السلام)، وبعد محاورة طويلة يعجز نبي الله (موسى عليه السلام) من إقناع المرأة بالعدول، كما أنَّ عصاه تعجز من مساعدة المرأة، الأمر الذي يجعله أنْ يصف بجانب المرأة، وبذلك تشكل المسرحية صرخة مدوية ضد الإرهاب بأشكاله المتعددة، كما أنَّ (الزيدي) قدم مسرحية (مطر صيف) والتي أخرجها (كاظم النصار) وكانت تتناول نفس الموضوع.
وقدم (سنان العزاوي) قراءة سينوغرافية ضد الإرهاب من خلال مسرحية (عزف نسائي) لكاتبها (مثال غازي) وتمثيل (هناء محمد) و (أسماء صفاء)، من خلال العلاقة الغريبة التي إنشأتها ظروف الإرهاب بين سيدة متدينة ملتزمة، وبين أمرأة ليل تبحث عن مكان يأويها من كثرة الإرهاب الذي حلَّ في المدينة، وهذه المسرحية من المسرحيات التي كان الإرهاب محورها الرئيس والمباشر في المسرح العراقي.
حاول المسرحيون الشباب وهم نتاج طبيعي للحروب التي خاضها العراق، والإرهاب الذي ضرب العراق طولاً وعرضاً، فبات من الطبيعي أنْ يكونوا الأبناء الشرعيين لمخلفات الإرهاب، فجاءت أغلب عروضهم، بل معظمها تصب في إدانة الإرهاب على جميع الصعد، فمسرحية (باسبورت) لـ (علاء قحطان) ومسرحية (نشاز) و (المقهى) لـ (تحرير الأسدي) و (فقدان) لـ (غسان إسماعيل) و (إنفرادي) لـ (بديع نادر) و(شريط الكراب الأخير) لـ (أمير أبو الهيل)، وجميع محاولات (محمد مؤيد) و (أنس عبد الصمد) في (الكيروكراف) تصب في إدانة الإرهاب بأشكاله الأمنية والإجتماعية والأقتصادية والسياسية، ذلك أنهم يرون أنه السبب في أذيتهم وتراجع مظاهر السلام والأمان في بلدهم.
والمسرحية الأخيرة التي تناولت الإرهاب وآثاره الجانبية على بنية ملفات المجتمع العراقي فهي مسرحية (أعزيزة) للمخرج (باسم الطيب)، التي تطرقت لجميع البنى التحتية التي أثر عليها الإرهاب، من خلال الشخصيات المجتمعية المختلفة التي قدمها العرض، والصرخة الإحتجاجية الأخيرة (اللطمية).
الهوامش والمصادر :
1/ أبن منظور ، لسان العرب ، المجلد الأول (بيروت ، بيروت للطباعة والنشر ،1995) ص1374 .
2/ القرآن الكريم ، سورة البقرة ، الآية 40 .
3/ القرآن الكريم ، سورة النحل ، الآية 51 .
4/ القرآن الكريم ، سورة الأنبياء ، الآية 90 .
5/ القرآن الكريم ، سورة الأنفال ، الآية 60 .
6/ القرآن الكريم ، سورة الأعراف ، الآية 116 .
7/ القرآن الكريم ، سورة البقرة ، الآية 30 .
8/ ينظر : هيثم المناع ، الإرهاب وحقوق الإنسان ، دراسة مقدمة إلى مجلة التضامن المغربية Internet Explorer .
9/ ينظر : وداد جابر غازي ، الإرهاب دائرة على العرب (مجلة العرب والمستقبل ، تصدرها الجامعة المستنصرية ، السنة الثانية ، آيار 2004) ص56 .
10/ حسنين عطا الله ، الإرهاب البنيان القانةني للجريمة (دار المطبوعات الجامعية ، 2004) ص97 .
11/ محمد شكري عزيز ، الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن (دمشق ، دار النشر العربية ، ب ت) ص96 .
** د. مــظـفـر الـطـيـَّب (9 / 6 /2015 (المهرجان العراقي الأول للمسرح ضد الأرهاب))