كاتب عامود مشهد في جريدة مسرحنا ضيف مجموعة المسرح ثقافة لهذا الشهر ، استضافت مجموعة المسرح ثقافة الناقد والكاتب المسرحي المصري الاستاذ محمد الروبي الذي تحاور مع أعضاء المجموعة في حوار عفوي ماتع وممتع كل الشكر والتقدير لأستاذنا المميز الاستاذ محمد الروبي حوار ماتع ناقش من خلاله تجربته الفذة في ( مسرحنا ) ولامس واقع النقد المسرحي وحلل ما يحدث حالياً في المشهد المسرحي المصري، ادار الحوار الدكتور محمود سعيد الناقد المصري ومشرف مجموعة المسرح ثقافة .
بدء الحوار بسؤال للضيف من الإعلامية المصرية الاستاذة غادة كمال بهل جاء تحول جريده مسرحنا من ورقيه لالكترونيه مواكباً لسياده عصر وسائل التواصل الاجتماعي…وهل حقق الهدف المنشود؟ فاجاب الاستاذ محمد ( نعم جاء التفكير فى تحويل ” مسرحنا ” من ورقية إلى إلكترونية ، مواكبا لما يسود الآن وفى المستقبل من سيطرة الميديا الإلكترونية ، كما أظن أنه خيار كان فى صالح القارىء والجريدة .
مع لفت النظر إلى أننا نحافظ على أن تصدر ” مسرحنا” ورقيا كل شهر إلى جانب اصدارها إلكترونيا اسبوعيا . كما أننا حرصنا على أن نضع العدد الورقى أيضا على موقع الجريدة الإلكترونية. وأعتقد أن الإنتشار الإلكترونى للجريدة أتاح لنا الوصول إلى قارىء كان من الصعب الوصول إليه عبر المطبوع ، وأقصد به القارىء العربى خارج الحدود المصرية .
والحمد لله لمست تفاعلا كبيرا مع الجريدة بعد تحويلها إلكترونيا ، واستفدت وزملائى من ملاحظات وأفكار كثيرة أتاحها هذا الإنتشار عبر التواصل الدائم مع الأصدقاء في الوطن العربى والعالم. ثم تداخل المسرحي المغربي الاستاذ عبدالجبار خمران بسؤال للاستاذ الروبي، كيف تصف المشهد المسرحي المصري الحالي .. وما اهم ما يميزه.. واي افق تسير باتجاهه الحركة المسرحية المصرية حاليا ؟ فتحدث الضيف الاستاذ محمد بأن المشهد المسرحى فى مصر له ملامح كثيرة ، بعضها يخص آلية الإنتاج ، وبعضها يخص نوعية المنتج ، وبعضها يخص الرؤية فى ملمح آلية الإنتاج ، ربما لا يعرف كثيرون من أصدقائنا العرب ، أن مصر تنتج عددا كبيرا من العروض قد يتجاوز الثلاثمائة عرض فى العام الواحد. وهى موزعة ما بين: إنتاج ( البيت الفنى ) التابع لوزارة الثقافة .. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الفرق المسرحية التابعة للوزارة هى : فرقة المسرح القومى ، وفرقة مسرح الطليعة ، وفرقة المسرح الحديث ، وفرقة مسرح الغد ، وفرقة مسرح العرائس، وفرقة مسرح الطفل . وكال فرقة من هذه الفرق لها عدد من العروض لابد أن تنتجه كل عام ، يتراوح مابين عرضين وثلاثة .
أيضا هناك إنتاج إدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية ، والثقافة الجماهيرية لمن لا يعرف هو جهاز أنشأه الزعيم جمال عبد الناصر فى أواخر الحمسينيات مستهدفا وصول النشاط الثقافى وعلى رأسه المسرح إلى كافة أرجاء مصر من مدن وقرى . لذلك إنشىء عدد من ( قصور الثقافة ) و ( بيوت الثقافة ) فى كل محافظة ومدينة وقرية . واذا علمنا أن مصر بها 27 محافظة ، فلنا أن نتخيل عدد فرق المسرح الموجودة بكل محافظة وتتراوح ما بين (بيوت ) و ( قصور ). وهو ما يعنى أن إنتاج هذه الهيئة ( هيئة قصور الثقافة ) أو حسب اسمها القديم( هيئة الثقافة الجماهيرية ) إنتاج كبير جدا يتجاوز فى العام الواحد المائة عرض مسرحى ، كل عرض منهم مجبر أن يعرض 15 يوما . يتم الإختيار من بينهم للمشاركة فى مهرجان خاص بفرق الثقافة الجماهيرية .
كذلك هناك ( المسرح الجامعى ) : وهو المسرح الذى تنتجه الجامعات ( عبر كلياتها المختلفة ) وأيضا يتم التسابق فيما بينهم فى مهرجان عنوانه ( مهرجان المسرح الجامعى ) . هناك أيضا ( المسرح المستقل ) وهو ذلك الذى تنتجه فرق غير تابعة للدولة . مجموعات من الهواة ينتجون مسرحا خاصا بهم تدعمه الحكومة سواء بمنحهم مكان العرض ، أو بمدهم ببعض الأموال ، أو بالأثنين معا .
وكما نرى فإن خريطة الإنتاج فى مصر كبيرة للغاية ، وهو ما يتم فرزه عبر لجان مختلفة للمشاركة فى المهرجان الأكبر ( المهرجان القومى للمسرح المصرى ) وهو بالمناسبة مقام هذه الأيام. هذا من ناحية الإنتاج .. وستلاحظ أن المسرح عبر هذا الإنتاج الكبير أن مصر تموج بالفعاليات المسرحية المختلفة كل عام .
أما عن المحتوى ، والقيمة ، فلا يمكن أن ننكر أن المسرح فى مصر رغم هذا الزخم الانتاجى يمر – منذ سنوات طويلة – بحالة فنية ليست كما يفترض أن يعبر عنها هذا الزخم . وتفسيرى لهذا هو وببساطة يكمن فى نظرية الأوانى المستطرقة التى أثق أنه يمكن تطبيقها على المجتمعات بإمتياز. فالمسرح رافد من روافد المجتمع ، أو بتعبير الأوانى المستطرقة هو أنبوب ضمن أنابيب كثيرة أخرى ، ولا يمكن أن يزداد منسوب المياه ( الجودة ) فى احدهم دون الآخر . لكن وحتى نكون منصفين، يعيش المسرح المصرى هذه الأيام ومنذ سنوات قليلة سابقة حالة من الاستنهاض، أو إعادة بعث الروح . ويرجع فضل ذلك إلى جهود عدد من المسرحيين الذين لا يكفون عن الإجتهاد من أجل أن يستقيم الحال.
ما سؤال الدكتورة امنة الربيع من سلطنة عمان للضيفجاء على النحو التالي، في زمن أغلقت الصحف العالمية أبوابها وسعت إدارات بعض المؤسسات الصحفية إلى تقليل صفحاتها الثقافية بل ومنعت بعضها صدور مجلات لفنون السينما والتشكيل، بدعوى ترشيد الميزانية كيف تنظرون إلى استمرارية مجلة مسرحنا. وما دعامة عمل مجلة ثقافية مسرحية اليوم ؟
فاجاب الاستاذ الروبي تقلص المطبوعات الثقافية ومنها المطبوعات المسرحية ، أمر مقلق ومحزن فى الآن نفسه . ومن هنا تأتى المسئولية المتزايدة على جريدة مسرحنا التى أحاول مع زملائى أن نطورها ونبقى عليها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا . لكن أيضا أبشرك أننى كلفت مؤخرا ومنذ شهرين تحديدا بتشكيل والإشراف على صفحة مسرح متخصصة فى واحدة من كبريات الصحف السيارة فى مصر وهى جريدة ( المصرى اليوم ) وهى تعد السابقة الأولى فى مصر أن تفرد صحيفة ( خاصة ) صفحة كاملة اسبوعية لعالم المسرح . وهى خطوة أظنها إن نجحت ( وأتمنى أن تنجح ) ستلفت نظر صحف أخرى لتقليدها . فالإنتاج المسرحى
فالإنتاج المسرحى فى مصر كبير – كما سبق وأن أشرت – ومن ثم يحتاج إلى عشرات الصفحات الاسبوعية ، بل وعشرات المجلات المتخصصة ( شهرية أو فصلية).أهمية هذه النوافذ ، كما لا يخفى على حضراتكم ، يكمن فى أنها ستكون صوتا لإيصال كل الأفكار العلمية الصادقة لكيفية النهوض بالمسرح المصرى ، كما أنها ستكون متابعا جيدا عبر نقد علمى للمنتج منه ومن ثم سيسعى المبدع إلى تطوير ذاته عبر ما سيقرأه من ملاحظات .. وهكذا.
ما طرح الاستاذ الاستاذ عزيز ريان من المغرب عدة أسئلة على الضيف الكريم، كيف تقيمون تجربتكم بمسرحنا؟ و لماذا لم تعد تصل للمغرب كما كانت؟ ما هي الحلول لتسويق أول جريدة متخصصة بالمسرح بالعالم العربي وكيف ترى تطرق الصحف المصرية للمسرح عبر صفحاتها باعتبار تجربتك مع صحيفة مصرية، ما هي خلاصة تجاربك عبر لجان تحكيم ؟ ما هي أهم ملاحظاتك للتحسين من جودة أدائها، هل يكفي خلق معهد متخصص في الكتابة المسرحية خصوصاً للطفل للخروج من إشكاليات النص بعالمنا العربي، وما دور الترجمات في هذا ؟
فقال الروبي تقيمى لتجربتى فى “مسرحنا ” أمر صعب للغاية ، فليس من حقى أن أقيم نفسى . لكن إن أردت فتجربتى مع ” مسرحنا ” أفادتنى على كثيرا على مستوى تنمية قدراتى النقدية التى لا أكف أبدا على تنميتها . فقد نبهتنى ” مسرحنا “عبر الاحتكاك المباشر مع جيل الشباب من النقاد إلى ضرورة “إعادة حرث الأرض ” وهو الشعار الذى رفعناه فى مسرحنا وقصدنا به أن نعاود النظر بتأمل أكثر عمقا إلى ماضينا المسرحى . ولذلك عكفنا ونعكف على عمل ملفات عن اسماء مسرحية مصرية ( كتاب ومخرجين وممثلين ومصممى مناظر ) وأصدرنا منها حتى الآن : محمود دياب الذى رأى ، ونجيب سرور يا ناس ، ونهاد صليحة سيدة النقد ، وسكينة محمد على رائدة التصميم المسرحى .. ونواصل .
أما لماذا لم تعد تصل إلى المغرب ( وغيرها من الدول الشقيقة ) فذلك كان أحد أهم الأسباب للتفكير فى تحويلها إلى إلكترونية ، مع الإبقاء على عدد شهرى مطبوع ، فعالم التوزيع الورقى فى مصر والوطن العربى بات يعانى من عوائق كثيرة .
وعن علاقة الصحف السيارة بعالم المسرح . أقول أن هذه العلاقة كانت دوما هامشية ، ومن حسن حظى أن أكون مسئولا الآن عن صفحة متخصصة فى جريدة خاصة هى ( المصرى اليوم) .. وحتى الآن – التجربة منذ شهرين فقط – أعتقد أن النتيجة مبشرة سواء عبر تفاعل المسرحيين المصريين مع الصفحة ، أو عبر احساس المسئولين عن الجريدة بأهميتها من خلال وصول رد الفعل إليهم . وأعتقد أن هذه التجربة ستكون نموذج يمكن أن يقلدها مسئولين عن صحف أخرى. وعن دور المعهد المتخصص والترجمات فى النهوض بمسرح الطفل ، أتصور أن دراسة مسرح الطفل كان لابد أن تكون جزءا من الدراسة الأكاديمية للمسرح بشكل عام . وللأسف لا يوجد معهد متخصص لدراسة المسرح يهتم بهذا النوع ، بدءا من المعهد الأم فى مصر. كذلك أتصور أن حركة الترجمة الخاصة بالأعمال المسرحية بشكل عام تعانى من قصور شديد ، فمازلنا نقف عن الترجمات التى تمت لنصوص أو دراسات عالمية تمت فى الستينيات ، مع استثناءات قليلة للغاية وبجهود فردية . طبعا حركة الترجمة إن نشطت ستساهم كثيرا فى نهضة مسرحنا و فى القلب منه مسرح الطفل .
أما تجربتى مع لجان التحكيم، فيمكننى القول بأن لكل مهرجان ظروفه الخاصة، ولكن بشكل عام يمكننى القول وبضمير مستريح أننى لم أتعرض يوما لتدخل إدارة مهرجان للتوجيه بنتائج . لذلك أندهش كثيرا حين اسمع البعض يتهم لجانا بأنها وجهت . تقديرى الشخصى أن البعض لا يقتنع تماما بأن الفن ( وفى القلب منه المسرح ) هو وجهات نظر ، وأن التحكيم – فى كل مهرجانات العالم – هو تعبير عن رؤية مجموعة ( يجب طبعا أن تختار بعناية وتنوع ) .. وأن التحكيم هو تحكيم بالنسبة إلى ، بمعنى أنت لا تحكم المسرح فى المطلق ، لكنك تحكم بين عروض محدودة العدد تختار من بينها أفضلها لا الأفضل فى المطلق.
كما وجه المسرحي الأردني انس الهياجنة للضيف مجموعة من الأسئلة في مجال النقد المسرحي، ما هو المنهج او المدرسه النقديه التي يتبعها الاستاذ محمد الروبي، ما الفرق بين النقد البناء والنقد الهدام ؟
فاجاب الضيف الكريم بلا أتبع مدرسة نقدية بعينها ، فأنا من المؤمنين بأن العمل هو الذى يفرض على الناقد أدواته النقدية ، وأن على الناقد أن يتخلى عن وهم أنه (قاضي) يوزع الصكوك . لكنه – حسب رأيى المتواضع هو قارىء ومفسر للعمل . وعليه ألا يطرح على العمل ما ليس فيه ليثبت أشياء لا يقصدها.
وفى الإطار نفسه لا يوجد ( نقد بناء ونقد هدام ) فالنقد كما أشرت قراءة متأنية للعمل ( نصا كان أو عرضا ) ربما كان السبب فى سيطرة هذا الذى تسميه ( نقدا هداما ) هو المتابعة الصحفية السريعة التى لا ترقى إلى النقد لكنها أقرب إلى البحث عن الإثارة التى تهتم بها الصحافة .
تواصلت الأسئلة للضيف الاستاذ محمد الروبي عن النقد من خلال مجموعة من الأسئلة للمسرحي الموريتاني محمدسالم ولد خليه، هل كل عمل مسرحي أهلا للنقد ومتي يكون النقد مفيدا في العمل الفني، في مرحلة تقديمه كنص مقروء، أو بعد تجسيده علي الركح ، كيف ومتي ينجو النص المسرحي من سياط الجلادين(النقاد)؟ فاجاب الاستاذ محمد في كل الأحوال النقد مفيد ، سواء للنص المقروء ، أو العرض . وايمانى أن النص المسرحى الذى لم يجسد على خشبة المسرح هو نص ناقص ، فالمسرح يكتب كى يعرض.
فى اعتقادى أنه نعم كل عمل مسرحي قابل للنقد، فما دام تجرأ الكاتب أو المخرج وأطلق على عمله ( مسرح) فهو يستحق النقد . وهنا سنترك للناقد / النقاد أمر أن يرونه يستحق أم لا ؟ بمعنى قد يرى بعض النقاد ( وأنا منهم ) أن هناك أعمالا تنتمى زورا إلى عالم المسرح. وأفضل هنا التصريح بذلك حتى لا نترك للمنتمين زورا إلى عالم النقد أن يجعلوا منه مسرحا . لا أعرف لماذا أطلقت على النقاد لفظ ( الجلادين) ؟ فى سياق سابق بينت أننى من المؤمنين بأن الناقد ليس قاضيا ، فما بالك بالجلاد .. النقد يا سيدى هو قراءة علمية متأنية للعمل ( نص أو عرض) وبالتالى فكل ما يكتب تحت هذا المسمى ( مسرح ) يعرض نفسه على مائدة النقد.