لا تختلف الشخصية المضحكة (الكوميدية) عن الشخصيات الدرامية الأخرى من حيث أبعادها وصفاتها إلا بشكل نسبي إذ أن لها بعداً عضوياً وجسمانياً معيناً وقد يكون فيه تشويه يثير الضحك (غروتسك) ولها بعداً اجتماعياً ينتمي إلى طبقة اجتماعية
معينه,وكذلك ولا يختلف ممثل الأدوار المضحكة (الكوميدية) عن ممثل الأدوار الأخرى سواء في المسرح أم في السينما أم في التلفزيون سوى ما تتطلبه الشخصية الكوميدية من متغيرات في التعبير الجسماني والصوتي . وهنا تؤدّي المبالغة والاصطناع والتشويهات دورها أحياناً في أداء الممثل الكوميدي بقصد أثارة الضحك, ومثلما يمتلك الممثل الكوميدي مرونة جسمانية وصوتية كافيه لتنفيذ المتغيرات المذكورة أعلاه فلابد للممثل التراجيدي أو الدرامي أن يمتلك مثل هذه المرونة أيضاً . وقد يتطلب من الممثل الكوميدي أن يكون أكثر مرونة لأن المتغيرات التي عليه أن يمر بها خلال مواقف متغيرة كثيرة وسريعة.
والممثل الكوميدي يقدم جهدا استثنائي في أداءه إلى الأدوار الكوميدي حسب يرى فرويد :” أن الممثل الذي يقدم لنا عرضاً مسرحياً هزلياً مقارنة مع أنفسنا أنه يقدم جهداً كبيراً من خلال وظائف الجسم ,وأن هذا الجهد يجعلنا متَمتعين ومسرورين وهذا هو التفوق الذي يشعر به الممثل الكوميدي”.
وقسم (فيليه) الممثلين الكوميديين إلى مجموعتين: المجموعة الأولى, يمتلك أصحابها ملامح مضحكة وتشوهاً في الشكل واستعداداً للنزق وهي صفات تخدم نوعا من التمثيل يقوم على التحقير, أما المجموعة الثانية فلأصحابها مظهر جسمي مقبول ولديهم مؤهلات السحر والجاذبية.“ ويتميز المظهر الخارجي لأصحاب المجموعة الأولى بخصائص شاذة غير مألوفة أو قبحا في الجسم أو الوجه وهذه الخصائص تقلل في ذاتها من قيمة مهارتها في الأداء القيمة والقدر إذ إن أساليبهم التي تستغل المظهر الخارجي تمضي في اتجاه انتقاص القيمة وفي اتجاه التحقير.
أما والوسائل التي يستخدمها الممثل الكوميدي في أداءه لإثارة الضحك فضلا عن اعتماده أسباب الضحك ,على وفق الأتي:
ـ المبالغة:
المبالغة من التقنيات الهامة التي استخدمها معظم الممثلين: وهي أن تتحدث عن أشياء صغيرة كما لو كانت كبيرة, ولابد أن تكون المبالغة ممنهجة, وهذا الأسلوب نجده حينما يمتدح الممثل الكوميدي الشخصية التي يمثلها بإلقاء الشعر البطولي الذي يصف فيه بطولاته المزيفة.
– التكرار : يأخذ التكرار عدد من الأوجه, منها التكرار في الكلمة والحركة والموقف,
ـ النكتة : يلجأ بعض الممثلين الكوميديين إلى استخدام النكتة لإضحاك الجمهور, و لا يخلو عرض من العروض الكوميدية إلا وكانت هناك نكتة, والنكتة كلام يثير الضحك حينما يقال بطريقة معينة ,ويشمل على تناقضات في الإحداث وكسر للتوقعات.
– التناقض:حينما يسمع السامع مقطعين من الكلام يعاكس أحدهما الأخر أو يشاهد المشاهد حركتين تعاكس إحداهما الأخرى أو موقفين يعاكس أحدهما الآخر , أو شخصين يتعاكسان في شكلهما أو في سلوكهما عند ذلك يحدث الضحك.
ـ التهكم: ما يهمنا في هذا البحث هو الذي يؤدي إلى قلب الأحداث وهذا النوع من التهكم نشاهده الكثير من المسرحيات المصرية عندما يتحول السيد إلى خادم والخادم إلى سيد وكذلك في بعض من مسرحيات شكسبير .
ـ التورية: يقصد بالتورية القول الذي يخفى قائلة مقصداً آخر غير المقصد الظاهر.
ـ اللفظ : لقد اتفق منظري الكوميديا أن الضحك المنبعث من اللفظ هو عنصر هام لتوليد الضحك لدى المتلقي. وقد قسم (محمد حمدي إبراهيم ) اللفظ إلى سبعة أقسام :”هي التشابه أي بوساطة الألفاظ المتشابهة و الترادف أي بوساطة لفظين مختلفين لهما مدلول واحد , والثرثرة الحمقاء أي بوساطة التكرار الممل لعدد من الكلمات أو الجمل, والتلاعب بالألفاظ عن طريق الزيادة والنقصان ومن التصغير وقلب الألفاظ سواء بالصوت أو بالايماءة ومن شكل الكلمة أي باستخدام أساليب لغوية مضحكة سِواء في النحو أو تركيب الكلام.
التقييم
** المصادر :
1- اندريه فيليه، الممثل الكوميدي، تر: محمد مهدي قناوي، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003)
2ـ برغسون ,الضحك .رسالة مدلول الهزل , تر , اركان يوسف .بيثوب , بغداد , دار المأمون
3 ـ شاكر عبد الحميد , الفكاهة والضحك , رؤيه جديده , الكويت , عالم الفكر
4 ـ دراسة في المسرح العربي الكوميدي المعاصر ,الاسكندريه, مركز اسكندرية للكتاب ,1997.
5 ـ د. محمد عناني، فن الكوميديا، (القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية، 1980).
** د. كريم خنجر.( المتخصص في أداء الممثل والكوميديا وفلسفة الضحك/ بغداد – العراق)