نصوصنصوص مسرحية

نص مسرحية: “تفكك”/ تأليف: محمد عبد الخضر الحسيناوي

مقدمة:

مسرحية “تفكك” تنتمي الى مسرح العبث كوميديا سوداء وعبث الفكرة والحلول، تدور حول التفكك الاسري والأخلاقي للعائلة بعد دخول الهاتف والنت ومواقع التواصل الاجتماعي واعتماد الحرية الشخصية وتعدم فهم الحرية كونها لا يجب ان تتجاوز على حرية الاخرين واعتبار المخالف بالرأي متخلف وينتمي للعهود السابقة هو صراع أجيال ونقلة كبيرة تختلف عن صراع الأجيال للسنوات السابقة بل هو نقلة كبيرة بعد التكنلوجيا الحديثة، حتى الملابس يكتب عليها كلمات بذيئة وساقطة ومخلة للآداب يلبسها الشباب والشابات دون قراءة ما كتب عليها، تصرفات الشذوذ الأخلاقي والحركات المريبة أصبحت عنوان للمثقف وعدم الحياء والانفلات اصبح حرية النساء، صراعات بين جيل الاب وجيل الأبناء ونهاية غير متوقعه

“تفكك” هي صرخة عبثية في وجه العصر، محاولة جريئة لسبر أغوار ما بعد الحداثة الأسرية، حين تخلت القيم عن مكانها في البيت، واحتلت الشاشات عرش السلطة في وجدان الأبناء. هذه المسرحية، المنتمية إلى تيار مسرح العبث، تقدم لنا لوحة سوداء سريالية تغوص في قلب التفكك الأخلاقي والاجتماعي للأسرة المعاصرة، نتيجة تأثيرات التكنولوجيا الحديثة ومفاهيم “الحرية” المنفلتة من كل قيد إنساني أو روحي.

في هذه المسرحية، البيت ليس مجرد مكان، بل فضاء يتحلل أمام أعيننا: جدرانه تتكلم، أضواؤه ترتعش، وأفراده يتآكلون من الداخل وهم يظنون أنهم يتحررون. لا وجود لحبكة تقليدية، فالأحداث تتبع منطق الفوضى والارتباك المقصود، كأننا أمام مرآة مشروخة تعكس صورة الواقع المحرف الذي نعيش فيه، حيث تتحول وسائل الاتصال إلى أدوات انقطاع، ويتحول الابن المثقف إلى ببغاء ترندات، والفتاة الباحثة عن الذات إلى نسخة رقمية مشوهة من أنوثة مستلبة.

المسرحية تسير بنا من فوضى اللغة إلى انعدام المعنى، من ازدحام الأصوات إلى صمت الوعي. حتى الابن الأصغر، الذي يبدو مشلولًا توحديًا، ينقلب في النهاية إلى “الناجي الوحيد”، ليس لأنه الأكثر وعيًا، بل لأنه الأقل مشاركة في الضجيج.

إن “تفكك” تُسائل المتلقي، لا عبر الشعارات، بل عبر التناقضات اليومية التي أصبحنا نعيشها بشكل طبيعي: كيف تُصبح الكلمات البذيئة على القمصان رموزًا لـ”التحضر”؟ كيف تتحول الحركات المريبة إلى “ثقافة بديلة”؟ وأين تقف الحرية عند تخوم الآخرين؟

مسرحية “تفكك” لا تقدم حلاً، لأنها تتماهى مع عبثية الواقع، لكنها تزرع بذور التأمل العميق. هي كوميديا سوداء تُضحكك من قسوة الحقيقة، ثم تتركك مشلولًا أمام مرآة كبرى… أنت نفسك فيها، وأنت الضحية”./ المؤلف

 

الشخصيات

الاب: أستاذ جامعي متمسك بالتقاليد العربية

الام: ربت بيت لا صوت لها سوى محاولة إرضاء الجميع

الابن الأكبر: يدافع عن جيله وصراع الأجيال

البنت الكبرى: تحاول ان تكون متحضرة

الابن الوسط: متهور، يقلد الغرب والعادات السيئة

البنت الوسط: متهورة ورافضة لوجودها كونها تحلم بما تراه عبر الأفلام والمواقع

الابن الصغير: لا شغل له سوى اللعب في الهاتف ومصاب بالتوحد

البنت الصغرى: تقلد كل شيء تراه على المواقع وتعتبره حق وحرية رغم صغر سنها

صديق: صديق الأولاد مخنث بكل حركاته يدعو الى الرذيلة ويعتبرها حريته الشخصية

المرشد: يبحث عن المشاكل ويتمتع بها ليزيدها تعقيدا دون البحث عن حلها

صديقة: العائدة من اوربا حديثا مسترجلة متحررة من التقاليد والأخلاق

 

مسرحية (تفكك)

عبثية، كوميديا سوداء

بيت أسري مكسور داخليًا (يبدو أنيقًا لكنه مليء بالتصدعات)

لا زمن لها، الآن/لاحقًا/لا وقت محدد

 

(إضاءة خافتة. المسرح مقسم إلى ثلاث مناطق: صالون أنيق فيه الأرائك واللوحات، غرفة نوم مبعثرة تملؤها إضاءة شاشات، وزاوية فيها تلفاز قديم يعلوه غبار. يسمع صوت صفير إشعارات الهاتف باستمرار كأنه آلة تنفس اصطناعي. الأب يجلس على كرسي يشبه العرش، مرتديًا ملابس كلاسيكية ومحاطًا بكتب مهترئة. الأم تقف في الوسط تحمل صينية شاي ولا تعرف لمن تقدمه).

الأب: (ينظر إلى الجمهور) أنا هنا منذ ألف سنة. أنتظر من يقرأ قصيدة لا تبدأ بهاشتاغ، من يفكر قبل أن ينشر، من يقول “عذرًا” بدل “تنمر” بفلتر وردي!

الأم: (مرتبكة) هل يريد أحد شايًا؟ سادة؟ بسكر؟ بمرارة؟ أنا أقدّم… ما يُطلب مني فقط.

(يدخل الابن الأكبر بملابس صاخبة، سماعات بأذنيه، يقفز بخفة على الأريكة.)

الابن الأكبر: التقاليد؟! واي فاي 2G يا بابا! نحن جيل السرعة… الرييلز (مقاطع فديو صغيرة) … الحرية أولًا، السؤال لاحقًا، الاحترام؟ تبًا له!

الأب: (ينظر نحوه) الحرية؟ بلا سقف؟ بلا مسؤولية؟ أنتم أشبه بقطيع إلكتروني، يرعى في مرعى التفاهة!

الابن الأكبر: (بضحكة ساخرة) وهل سمعت بحضارة دون “ميمز (Memes) (محتوى سريع)” يا أبي؟

(تدخل البنت الكبرى، ترتدي ملابس عصرية، على قميصها كلمات بذيئة بالإنجليزية.)

البنت الكبرى: (تصرخ) كل من لا يتقبلني هو فاشي، أنا حرّة، جسدي ملكي، عقلي في السحاب، من أنتم حتى تسألوا؟!

الأب: (ينهض، يتمسك بالكرسي كأنه يغرق) جسدك… عقلك.. أين؟ أين الروح؟ الأخلاق؟ اللغة؟

البنت الكبرى: (ترفع هاتفها لتصوّر أباها) لحظة… لحظة…سأجعلك ترند#أب_يعيق_التحضر

(يدخل الابن الأوسط والبنت الوسطى، يرقصان رقصة غريبة ويقلدان فيديوهات تافهة.)

الابن الأوسط: شاهدني! مقلد محترف! كل حركة ترند، كل تفاهة تُصفق لها!

البنت الوسطى: أنا حلم الشاشة، حبيبي من خلف الكيبورد، وأبي مجرد فلتر قديم!

(الابن الأصغر يجلس بصمت يلعب على هاتفه، يضحك فجأة بصوت مرتفع ثم يبكي دون سبب. البنت الصغرى تمشي على أربع وتصرخ “أنا حرة!”)

الأب: (منهارًا) أي بيت هذا؟ أي أب أنا؟

الأم: (تبكي وهي تدور في مكانها) قلت لكم… تريدون شايًا؟ أحد يريد أن يُسمعني؟

(يدخل “الصديق” مخنث الحركة والحديث)

الصديق: كل شيء مسموح… أنا هويتي حرة، من أنتم لتحاسبوا غرائزي؟

(المرشد يدخل يضحك وهو يحمل لافتات عليها شعارات فارغة: “أطلق نفسك”، “اقتل أباك لتولد”، “كل شيء نسبي”.)

المرشد: (بصوت جهوري ساخر) حلول؟ لا يا سادة! المشكلة أجمل حين تُعقد! أنا هنا لأجعلها دراما، تُبكي وتُضحك… دون أن تنتهي!

(تدخل “الصديقة” من أوروبا، ترتدي بدلة رجالية، تمسك سيجاراً وتضع قدمها على الطاولة.)

الصديقة: (تصرخ) الأسرة؟ قمامة أخلاقية! الحرية أن تعيش بلا أبوين، أن تنام وتستيقظ دون ضمير!

(يعم المسرح الفوضى، كل شخصية تصرخ بكلمات متداخلة بلا معنى، الإنارة تومض، الهاتف يرن في كل زاوية، صوت تنبيهات، موسيقى صاخبة، ثم فجأة… صمت تام. الضوء على الأب فقط، واقفًا وحيدًا)

الأب: (بهدوء مرعب) ربما… أنا الميت، وأنتم الأشباح. أو العكس… في الجحيم لا يُطلب تفسير.

(تُظلم الخشبة بالكامل، يسمع صوت ضحكة آلية من أحد تطبيقات الهاتف، ثم… لا شيء)

(نفس البيت – إنارة خافتة، فوضى أكبر، تتغير الديكورات تلقائيًا)

(شاشات تظهر، جدران تتكلم، أصوات غير مرئية تضحك وتهمس)

(الأب يجلس أمام مرآة مكسورة، يهمس لنفسه. الأم لا تزال تدور في دوامة تقديم الشاي. الأبناء مجتمعون حول طاولة، لا أحد ينظر للآخر، كل منهم غارق في جهازه المحمول. “الصديق” يحاول أن يوجه حركاتهم، والمرشد يتأمل الفوضى كأنه يرسم لوحة سريالية).

الأب: (صوت داخلي) ما الذي حدث؟ أنا بين أشجار من زجاج، وماء لا يُشرب، وكلمات تُقال ولا تُسمع… أأنا أب أم متفرج في جنازة القيم؟

الأم: (تهمس دون توقف) هل يريد أحد شايًا؟ سادة بلا سكر…؟ أم أنني أصبحت الشاي نفسه؟

البنت الكبرى: (ترفع رأسها) بابا، ممكن سؤال؟ ليش ما تفتح حساب “تيك توك”؟ تقدر تحكي عن الأخلاق، يمكن يضحكوا عليك شوية!

الابن الأكبر: (ضاحكًا) يلا نصور حلقة… أب يحتضر تحت وطأة الحرية”… ” عنوان جذاب، يخوّف شوية، فيه دموع!

(يدخل “الصديق” وهو يضع مساحيق تجميل ويُصفق ببطء ساخر)

الصديق: كل شيء يُباع الآن، الكرامة، المبادئ، وحتى العائلة! صفقة جيدة إذا عُرضت في بث مباشر!

(المرشد يضحك ويتقدم بخطوات مسرحية متعالية)

المرشد: سأُدخل شخصية جديدة… القيم”… لكنها ميتة! ” نعرضها على المسرح في تابوت من ذهب!

(يدخل طفل صغير يجرّ تابوتًا كرتونيًا مكتوب عليه: “هنا ترقد الأخلاق – ماتت بسبب سوء الفهم”)

البنت الوسطى: (تصيح) يا إلهي! كم هو جميل التابوت… هل يمكنني النوم فيه؟ أريد أن أرتاح منكم!

الابن الأوسط: أرفقها بصورة على إنستغرام! موت الأخلاق… هاشتاغ عالمي!

(الأب ينهض ببطء، يحاول أن يرفع الكتاب، يسقط من يده. ينظر إلى الجمهور كأنه يطلب العون.)

الأب: (منكسرًا) علّمتكم اللغة، فانقلبتم على المعنى. زرعت فيكم الفكر، فأكلتم الغصن والظلّ!

(الابن الأصغر يتوقف فجأة عن اللعب، ينظر إلى الجميع ثم يقول ببطء وبصوت آلي)

الابن الصغير: هل هذه لعبة؟ أين الخروج منها؟

(البنت الصغرى تقلده وتقول بنفس النبرة)

البنت الصغرى: أين زر “حذف الأسرة”؟

المرشد: (يصرخ ضاحكًا) لا حذف… لا حفظ… فقط مشاركة جماعية في الضياع!

(البيت يذوب، الجدران تهتز، الإضاءة تشبه مقاطع الفيديو المتقطعة، الموسيقى تنقطع وتُعاد بشكل مزعج) (الجميع يصرخ – ليس على بعضهم، بل نحو اللاشيء. كلمات مثل “حرية”، “قيم”، “أنا”، “نحن”، تتكرر في الخلفية الصوتية، متداخلة بصرخات أطفال وضحك هستيري. الأب يُصعق بما يرى. الأم تذوب حرفيًا على الخشبة: وجهها يُمحى تدريجيًا بفعل الضوء.)

الأب: (بصوت عال) كفى!! أنا لست “فيلتر” ولست “متصفحًا” أنا أب… إنسان… ولست إشعارًا مزعجًا في حياتكم!

(يبدأ كل من الأبناء بتكرار جملة واحدة، كلٌ على طريقته، بشكل جنوني)

الابن الأكبر: الحرية لي!

البنت الكبرى: جسدي لي!

الابن الأوسط: الفيديو لي!

البنت الوسطى: حلمي لي!

الابن الأصغر: اللعب لي!

البنت الصغرى: التقليد لي!

الصديق: وجسدي للجميع!

المرشد: وهلاككم لي أيضًا!

(لحظة صمت تام، ثم صوت كسر عالٍ. يسقط الهاتف من يد الجميع… الضوء يتركز على الأب)

الأب: (يتنفس ببطء، ينظر نحو الجمهور) الآن فهمت… هذا البيت ليس “مكسورًا”… بل متصل بالشبكة. مربوط بالحبل السري للعدم.

(يخرج الأب نحو الظلمة، يختفي تدريجيًا، بينما يبقى الأبناء جالسين دون حراك، بلا صوت، بلا ضوء على وجوههم، فقط توهج الشاشات.)

(تُضاء الخشبة على الطفل الأصغر فقط. ينظر إلى الجمهور. يتكلم لأول مرة بوضوح ونبرة ناضجة.)

الابن الأصغر: كنت أظنني مصابًا بالتوحد… لكن يبدو أنكم أنتم المصابون بفقدان الشعور. أنا… الوحيد الذي لا يصرخ. لذا… ربما أكون الوحيد الحيّ.

(يسير خارج الخشبة بهدوء. يختفي. تُطفأ الأضواء. يبقى الهاتف على الأرض، يضيء ثم يُطفأ تدريجيًا.)

(البيت تحوّل إلى نسخة رقمية – كل شيء مصمم على هيئة “تطبيق”)

(المسرح شبه مظلم، ينبض بضوء أزرق بارد. الأصوات ميكانيكية، الحركة بطيئة وكأننا داخل برنامج محاكاة. الجميع يرتدي خوذات رقمية على رؤوسهم، يظهر على صدورهم باركودات مضيئة. الأب غائب. الأم مجمدة داخل شاشة كبيرة تشبه الثلاجة. الأبناء متجمدون في أماكنهم كأنهم شخصيات في لعبة.)

(يُسمع صوت آلة ناطقة، آليّة، بلا مشاعر)

الصوت الآلي: تم تحميل الأسرة… بنجاح. جارٍ تشغيل نسخة بديلة من الحياة… الرجاء عدم السؤال عن المعنى.

(تخرج من الأرض يد إلكترونية تحمل هاتفًا ذهبيًا ضخمًا، يسطع ضوءه على الجميع. تبدأ الشخصيات بالتحرك ببطء، تؤدّي حركات غريبة، كما لو كانت في طقوس عبادة رقمية)

الابن الأكبر: (بصوت آلي) نعبد الضوء… نقدّس التحديث… نلعن البطء…

البنت الكبرى: (تكرر) نعبد الضوء… نلعن الأب… نمسح الأم…

(تخرج “الصديقة” من خلف الستار ترتدي زي “روبوت أنثوي”، معها جهاز تحكم، تضغط زرًا، فتسقط الأم ميتة داخل الشاشة، ويصدر صوت: “تم الحذف بنجاح!”)

الصديقة: (ببرود) الأمومة… خيار قديم. تمت إزالته من النظام.

(يظهر الأب فجأة من سقف المسرح، يتدلّى مقلوبًا، يداه مقيدتان، فمه مغلق بشريط كتب عليه “كلمة الحق”، وعيناه تلمعان من الغضب والدموع. يحاول الصراخ لكن لا يُسمع.)

(يدخل “المرشد” حاملاً مرآة مكسورة، يضعها أمام الجمهور ويصيح بجنون).

المرشد: أنتم السبب! أنتم من ضغطتم “موافق”! أنتم من نزلتم هذا التطبيق! أنتم… أنتم…

(ينهار المرشد، يختفي في الأرض. فجأة، يعود الطفل الأصغر. يمسك بالهاتف الذهبي، ينظر إليه طويلًا، ثم يرفعه فوق رأسه)

الابن الأصغر: (بهدوء) إذا كان هذا هو الإله الجديد… فدعوني أطفئه.

(يضرب الهاتف بالأرض. ينكسر. ينطفئ كل الضوء. تبدأ أصوات بشريّة بالبكاء، ثم تختلط بصرخات روبوتية، ثم كل شيء يصمت. يظهر على الجدار عبارة بخط يدوي يرتجف.)

“حين تُستبدل الحقيقة بالشاشة… يصبح الانهيار هو الخلاص الوحيد.”

(تُطفأ الأنوار. ستارة بطيئة. لا موسيقى. لا تصفيق.)

(تفتح الستار قبل اغلاقها بالكامل، فراغ أبيض كامل – بلا أرض، بلا جدران)

(صمت مطبق، ثم خفق قلب آلي بطيء، ضوء أبيض ساطع، ثم يبهت تدريجيًا إلى رمادي بارد)

(الستارة تفتح ببطء لتكشف مشهدًا غريبًا: طاولة طعام طويلة جدًا، تمتد حتى نهاية المسرح. الكراسي مصطفّة بدقة، لكن عليها لا يجلس أحد. الصحون نظيفة… لكنها خالية. على كل صحن، هاتف مكسور. فوق كل هاتف، وردة ذابلة).

(في أقصى يمين المسرح، كرسي صغير تجلس عليه البنت الصغرى، ترتدي فستانًا ممزقًا من قماش عليه رموز “السوشيال ميديا”. تحمل دمية بدون رأس. تحركها بهدوء، كما لو كانت تحاول تذكّر شكل الأمس.)

(في الزاوية المقابلة، يقف الابن الأصغر، الوحيد الذي لا يحمل هاتفًا. يرتدي ملابس بيضاء، عينيه فارغتان، يحمل كتابًا مفتوحًا… لكن صفحاته بيضاء. يتصفحها دون توقف. يقف فجأة، ثم يبدأ برسم دوائر على الأرض بإصبعه، كأنه يكرر طقسًا مجهولًا.)

(من فوق، تتساقط ببطء شديد أوراق مكتوب عليها كلمات مشوهة: حرية، هوية، جسد، متعة، معرفة… وكلما سقطت كلمة على الأرض، تحترق دون لهب.)

(وفي النهاية، يظهر على الجدار الخلفي، بخط كُتِب كأنه بخار على زجاج بارد، هذه الجملة)

“في بيت بلا ذاكرة… تتحوّل الحرية إلى سجن من ضوء.”

(تبدأ الإضاءة بالذبول حتى العتمة التامة. يسود الصمت. لا موسيقى. لا حركة. فقط خواء).

النهايـــــــــــة

 

** محمد عبد الخضر الحسيناوي

Related Articles

Back to top button