نقد

كتاب الخميس (الحلقة السادسة والستون)/ صادق مرزوك

اسم الكتاب : “ جماليات هيئة الشخصية ودلالاتها في مسرح الطفل”

الكاتب: فاتن جمعة سعدون

الناشر: عن دار ومكتبة عدنان.

 

***************

يعد مسرح الطفل ورشة غير معلنة لخلق تلقي قادم لعموم التوجهات المسرحية، مضافا لذلك أهميته القصوى لما يمثله من جانب تربوي رسالي، وكذلك بثه الجمالي الترفيهي للطفل، وما يترتب على عروض الطفل من عطاءات نفسية واجتماعية تساهم في خلق الألفة بين أبناء الجيل الواحد سواء في المدرسة او الأسرة وعموم الحياة، وهذا ما لمسناه خلال عملنا في هذا الإتجاه المسرحي وتعاملنا المباشر مع الأطفال من خلال بيت الطفل الديواني الذي قدم واستضاف العديد من العروض المسرحية للفترة من 2016 ولغاية بدايات العام 2025 ، وهذا يتطلب مباحث علمية وأكاديمية تشمل إصدارات معرفية وملتقيات وورش خاصة بمسرح الطفل، وكتابنا لهذا الأسبوع يصب في هذا الاتجاه الأكاديمي من أجل ترصين إنتاج وتلقي عروض مسرحية تحقق الجانب الجمالي والتربوي.. ويعد كتاب الدكتورة فاتن جمعة (جماليات هيئة الشخصية ودلالاتها في مسرح الطفل)، من الكتب المهمة في هذا المجال، كون مؤلفة الكتاب ركزت على جانب الشكل المسرحي للشحصية ودلالاته في مسرح الطفل، وما تمثله العناية المشهدية في جماليات هذا الإتجاه المسرحي من وسيلة مهمة في الإقناع بالهدف المراد إيصاله للطفل، من خلال الإثارة في علم الهيئة وتأثيرها على هذه الشريحة من المجتمع..

يبدأ الكتاب مع مقدمة بقلم الدكتور عقيل مهدي يوسف، ثم مقدمة الكتاب والتعريف به ..

الكتاب يشمل اربعة فصول

الفصل الاول :

نمو مدركات الطفل الحسية والنفسية

* النمو:

تشير مؤلفة الكتاب في الفصل الأول إلى أن وجهات النظر حول الطفل، والطفولة عديدة، ومتباينة وأحيانا متناقضة، مما جعل البحوث النفسية والاجتماعية والثقافية متواصلة منذ القدم وحتى الوقت الحالي. وتضمنت هذه البحوث دراسة : النمو / الوراثة/ البيئة / الغدد/ الغذاء / النضج / والتعلم/ والإدراك الحسي/ وإدراك الاشكال /والالوان.

كما تؤكد على أهمية معرفة المراحل العمرية في مسرح الطفل من أجل إيجاد الطرق الكفيلة لبث الرسائل المعرفية والجمالية على وفق إستيعاب كل مرحلة عمرية على حدة.. وأن هذه المراحل لا تعد حدودا فاصلة بين المستويات العمرية، فإن بعض الأطفال قد يتجاوزون أعمارهم المحددة من حيث الاستيعاب وإدراك بعض الأمور، وبعضهم قد يتأخر إستيعابه وتتأخر مدركاته الحسية ومؤهلاته المعرفية، بسبب عدة عوامل منها البيئة، والمستوى العلمي للعائلة وقضايا نفسية وإجتماعية وصحية تمارس دورها في تقدم الطفل أو تأخره عن أقرانه..وكما هو الحال في الدراسات والبحوث الخاصة بالطفل تنطلق الدكتورة فاتن جمعة بتصنيف المراحل العمرية للطفولة وسماتها:

المرحلة الأولى :

(6 – 9) وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الخيال، حيث يميل الطفل في هذه المرحلة إلى عوالم خيالية بعيدة عن الواقعية.

الطفل في هذا السن يميل إلى القصص الخيالية والشخصيات الأسطورية، وشخصيات الحيوانات، والنباتات، والجمادات، ولدية قدرة على بث الحياة الأدمية الآنية في هذه الشخصيات، ويتعامل معها كأنها موجودات حقيقية..

وتسيطر على الطفل في هذه المرحلة المدركات الحسية، وأهمها حاستي السمع والبصر وهنا يتوجب على العاملين في مسرح الطفل التركيز على هذه الحاستين من خلال التأكيد على المرئيات والمسموعات بما يتناسب مع هذه الفئة العمرية..

والمرحلة الثانية :

(9 ـ 12) وتشير الكاتبة إلى أن هذه الفئة العمرية تسمى بمرحلة البطولة، حيث أن ميول الأطفال في هذا العمر ينمو لديهم الشعور بالقوة والعنف والإنتصار للخير، ويكون الميول هنا إلى الشخصيات الإنسية، حيث ينمو لديهم الشعور بالاستعداد لتحمل المسؤولية والتمثل بصفات الكبار..

المرحلة الثالثة :

(12- 15) وهنا يتم الإنتقال من الطفولة الى مرحلة المراهقة، وهنا تكون تحولات بيلوجية لجسم الإنسان يرافقها نمو عاطفي، ومواجهة بعض المتغيرات التي تحفز اصحاب هذه الفئة العمرية لمواجهة المشاكل، مع الإشارة الى أن هذه الفئة العمرية لم تأخذ نصيبها من العروض المسرحية، بسبب قلة الكتاب واصحاب المنجز الاخراجي الذين يتعاملون مع هذه الفئة العمرية، كونها مرحلة فاصلة بين الطفولة والشباب والتعامل معها يتطلب جهدا كبيرا بمتطلبات هذه المرحلة.

وبطبيعة الطفل في المراحل الأولى توجهه نحو المسرح الذي يركز على المدركات الحسية وأهمها حاستي السمع والبصر ومنها:

* إدراك الأشكال والألوان:

يتعلق إدراك الأشكال والألوان على الجانب الحسي أكثر من تعلقه بالجانب العقلي.. وبما أن الطفل وخصوصا في مراحله الأولى يميل إلى استخدام حاسة البصر أكثر من ميوله لاستخدام حاسة السمع لأن الأنساق البصرية تحقق تواصل أكثر وأسرع من الأنساق السمعية ، وهنا يكون التركيز على الكتل والألوان وأهمها الألوان التي يميل لها الطفل ، ومنها الأصفر والبرتقالي والأحمر كونها ألوان جاذبة وتحقق حضورا واضحا لدى الطفل المتلقي..

 

الفصل الثاني

الترميز عند الأطفال

تناولت الكاتبة فيه الترميز عند الطفل، حيث تشير مؤلفة الكتاب في هذا الفصل إلى طبيعة الطفل في إضفاء سمات على الأشياء ليست فيها، وتمنحها أبعاد غير واردة في نسقها الطبيعي، إذ لا ينظر إلى الأشياء كما هي في طبيعتها، بل كما يتصورها هو، حيث أن الطفل يضفي الحباة على المواد والأشياء ويتعامل معها ككائن حي، وتأخذ هذا الاشياء شكلا مختلفا من وقت لآخر..

* ماهية الترميز

يستخدم الإنسان حسب وصف الدكتورة فاتن جمعة نسقين من الرموز في إتصالهم مع بعضهم..

الأول: نسق لغة الكلام

الثاني: نسق لغة الاشارات، والصور والألوان والأشكال والأصوات..

* الترميز في لعب الأطفال

اللعب ممارسة إنسانبة شاملة لجميع المراحل العمرية، ويرتبط اللعب بمشاعر المتعة والتسلية، وهذا ما يشترك فيه عموم الاطفال الأسوياء .. وأن حافز اللعب يشكل قوام الفن والجمال، كما أن اللعب في سنوات الطفولة هو مظهر من مظاهر النمو النفسي والاجتماعي، وهنا لابد من الإشارة إلى إقتران اللعب بالمسرح، وخصوصا في مسرح الطفل. وبالتأكيد على ما جاء في هذا الكتاب نظرياً، وجدنا مصداقا لهذا المفهوم من خلال العروض المسرحية الخاصة بالطفل، أننا نقرب هدف ورسالة العرض للطفل من خلال اللعب في مشاهد المسرحية، وخصوصا إذا كان الطفل شريكا فاعلا، ضمن بنية العرض، وهنا تكمن أهمية الخبرة في دراسة وفهم نفسية الطفل في قبوله لفعل مسرحي، دون غيره، وتصنيف اللعب من ( إنعزالي/ فردي/ جماعي)

* الرمز الفني للطفل :

تشير نظرية سوزان لانجر إلى أن العمل الفني هو صورة رمزية، وهي تحدد الفن على أساس أنه إبداع أشكال قابلة للإدراك..

ويشير عالم النفس جان بياجبه كما جاء في هذا الكتاب: “بأن اللعب ضرورة تربوية بالنسبة للطفل، وقسم اللعب على مراحل حسب الفئة العمرية، تبدأ من الانفرادي وتنتهي باللعب الجماعي..”.

كما تشير مؤلفة الكتاب إلى أهمية الجمال في العمل الفني عموما وفي مسرح الطفل تحديدا، وأن الجمال هو ما يحقق العلاقة بين العمل الفني والمتلقي، فكم من العروض التي تحمل رسائل تربوية لكنها تفقد تأثيرها على الطفل بسبب ضعف المعطى الجمالي لذلك العرض، لأن الوظيفة الجمالية تتوحد مع الوظيفة الدلالية، ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى وهذا ما لمسناه في عدة عروض لمسرح الطفل.

 

الفصل الثالث

هيئة الشخصية في مسرح الطفل :

إن هيئة الشخصية كما تذكر الدكتورة فاتن جمعة بانها نسق مركب من ثلاثة عناصر هي:

1- المكياج

2 ـ الزي

3 ـ الملحقات

وهذه العناصر الثلاثة تشكل الهيئة التي تنتج عملا جماليا كليا .. وتعد هيئة الشخصية بمكان من الأهمية كونها مدرك حسي بصري تشمل جميع العناصر الداخلة في العمل الفني ككل منسجم، وعندما تنفصل عناصر الهيئة ويتم عزلها عن بعضها تجدها لا تستوفي الدلالة التي كانت تتضمنها مجتمعة، مثلا عند عزل المكياج على حدة لا يستوفي دلالة الشخصية كاملة، وكذا هو الأمر للزي، وبقية المكملات.. ودلالة هيئة الشخصية، كما تشير مؤلفة هذا الكتاب على إدراك العناصر والاجزاء، ذلك ان الطفل وحتى الراشد لا ينظر الى الشخصية كأجزاء منفصلة، لأنها في هذه الحالة تكاد تخلو من المعنى، ولكن تقارب وإجتماع هذه الأجزاء يظهرها كمجموعة واحدة ذات دلالة واضحة وكما يشير الى ذلك الكسندر دين حول أهمية التكوين الفني وإعتماده على : رباعية الإستقرار والإنسجام والتوازن والتركيز، وخصوصا في مسرح الطفل لابد من العناية بهذه الأجزاء لأننا وكما شاهدنا بعد نهاية كل عرض نسأل الأطفال عن جمالية العرض يجيبون بمنتهى الصراحة وبمنتهى الوضوح سواء كان العرض أعجبهم او لم يعجبهم، لأن نفسية الطفل تميل إلى الشكل الجميل الكامل من كل عناصر الجمال ولا ينظرون إلى جزيئيات العمل الفني بل ينظرون للعمل الفني ككل متكامل كما تشير الدكتورة: “على الماكير مثلا الإطلاع والإهتمام بابعاد الشخصية عن طريق التعليمات المسرحية التي يدونها الكاتب، كذلك الأمر أيضا ينطبق بالزي، يجب ان يكون الزي مدروس بعناية فائقة مع بقية مكملات المسرحية ليكون هذا العمل الفني الخاص بالطفل عرضا مسرحيا متوازنا ومنسجما مع كل عناصر المسرحية”.

ومن العناصر المهمة في جماليات هيئة الشخصية في مسرح الطفل عديدة ومنها :

* الخـــط

حيث يعد الخط من أهم عناصر التصميم في الفضاء السنوغرافي، فان العرض المسرحي هو مجموعة من الخطوط المتعددة والمتنوعة، وكل صوره بأبسط اشكالها البنائية هي مجموعة من الخطوط المتنوعة التي تكون النمط العام للصورة أو الشخصية في مسرح الطفل، ويؤدي الخط دورا مهما في تعريف المتلقي الطفل بشكل الموضوع المراد دخوله ضمن حدود البناء العام للعرض، فهو اساس في تكوين منظومة فنية، وأن التصميم للأشكال المسرحية يتضمن كم هائل من الخطوط بمختلف اشكالها ووظائفها، حيث تدخل الخطوط في خلق نظام ممتع من الاشكال التي توحي بالمعنى البسيط الذي يحبذه الطفل، ويرجع اليه دائما تاثير الخط في المكياج، فهو يوسع العين ويصغرها، ويوهم المتلقي بالاستمرارية والقيمة الخطية للجسد

* الكتلــه

وهي أحد العناصر التصميمية التي يتم عن طريقها قياس الوحدات والاشكال التي تكون الفضاء السنوغرافي في مسرح الطفل، فان الأشكال في العادة تكون ذات كتل كبيرة وأحجام متنوعة مما يتطلب ذلك قياس دقيق من قبل المصمم أو المخرج لكل ما هو موجود على الخشبة من أجل إحداث التوازن في الفضاء، وفي أحيان كثيرة تكون الكتلة ذات تحولات كمية وكيفية ونوعية بفعل الإضافة التي تحدثها عناصر بناء السنوغرافيا. كاللون المنبعث من الإضاءة، وحركه الممثل الذي يجسد الشخصيات باعتباره كائن حي يحتل الثقل الأكبر على الخشبة وبالتالي ممكن اعتباره كتلة فعالة ومؤثرة في الفضاء المسرحي

* الملمس

وهو احد عناصر التصميم التي تدخل في آليات إشتغال وتركيب عناصر بناء السنوغرافيا عن طريق الملمس، حيث يمكن تحديد مستوى الخشونة والنعومة المستعملة في صناعة عناصر السنزغرافيا المتعددة، اي ان الملمس له علاقه في سطوح الاشياء ودرجة تباينها بين عنصر واخر ودرجة وضوحها عند المتلقي في المسرح، ويتم تحديد مستوى الكثافة والسمك التي تدخل في صناعة العناصر لان ذلك يؤثر في طريقة استخدام الإضاءة عند تسليطها في الفضاء على سطح المنظر او الازياء او الملحقات. كما ان الملمس يرتبط بنمط الشخصيات الخيرة او الشريرة وما يتفرع عنهما، لانه في حالات كثيرة يحدد نوع الملمس بناء على الصفة الملمسية التي تكون عليها الشخصية في الواقع، ويبرز ذلك بجلاء في حالة الشخصيات الحيوانية والنباتية، اما الشخصيات الانسانية فتشير مؤلفة الكتاب إلى أن الشخصيات الإنسانية والجمادات والكائنات الخيالية يمكن التحكم بنوع ملمسها بما يحقق التآلف والود، والتعاطف مع شخصيات معينة، مثل البنت الشاطرة أو شخصية العصا العادلة التي تحب الشاطر وتعاقب الكسول، أو شخصية الكائن المشهور القادم من الفضاء الخارجي المحب لإستطلاع الأرض، فملمسه يكون غريب وإستثنائي يتحقق باستخدام خامات غير مالوفة في بناء الهيئة.

* اللــون :

حيث ان اللون يشكل الانطباع الذي يولده النور على العين, اي النور الذي يتم نشره بواسطة الاجسام المعرضة للضوء ونحن نعلم بان الطفل ميال الى الالوان الخاصة به وهي الالوان البراقة، الألوان التي تعطي دلالة واضحة، ويدخل اللون في منظومة بناء السنوغرافيا واليات اشتغالها المتعددة، فهو يدخل في صناعة المنظر والازياء والملحقات والمكياج والاضاءة، حيث يساهم اللون في صناعة بيئة العرض المسرحي عن طريق الاضاءة وشدة ألوانها، وكذلك الازياء والديكور وتاثيرها اللوني على المتلقي الطفل، ويتميز اللون بدلالات كثيرة، بالاضافة الى جماليات اللون فان له دلالات يدركها الطفل ويستمتع بها عندما يتم تقديمها له ضمن سياق موضوع ما فيه متعة كبيرة، فاللون يعطي الحركه الخيالية في فراغ السطح ويعطي نوعا من المتعة الجمالية التي يحبذها الطفل سواء كانت المتعة متحققة في الخلفية أو المقدمة للشكل الذي يمثله العنصر أو الشخصية، وكذلك يخلق اللون حالة ابداعية تشعر المتلقي الطفل بالمتعة الحسية والذهنية، ويسهم في خدمة العاطفة الخاصة بالممثل الذي يؤدي الشخصية ويساعد على إبرازها، كما يؤكد اللون ايضا على قيمة الاشكال في مسرح الطفل ويعلن اهميتها وايضا يعطي اللون قيمة ضوئية منفردة ومتفاوتة في تكوين الاشكال والظلال والعلاقات الساقطة على سطوح العناصر والشخصيات، ويعد اللون العنصر الرئيسي الذي يلجا اليه السنوغرافي ليشكل منه الإطار العام للعرض المسرحي لما يحتله اللون مجموعة علاقات ومضامين ورموز تعبر عن افكار الفنان الذي يعمل على اختيار الالوان التي تنسجم مع الجو العام للمسرحية..

في فقره أخرى تذكر الدكتوره فاتن جمعه المكياج والأقنعة حيث يقع المكياج ضمن المجال المرئي وهو أحد العناصر المكونة لهيئة الشخصية في العرض المسرحي، ويتميز عنصر المكياج عن بقية عناصر السنوغرافيا في العرض المسرحي لانه يكون مرتبط بالممثل مباشرة عن طريق وجهه وظهوره على خشبه المسرح وفي احيان كثيرة يعطي للممثل الحيوية والقدرة على التعبير بواسطة استعمال تقاطيع وقسمات الوجه الذي يمتلكها ويساعد المكياج على دعم وتحفيز مزاج الشخصية وشكلها الخارجي مع إبراز حيوية الممثل والشخصية.

ويستعمل المكياج في مسرح الطفل للتعبير عن غرضين مهمين احداهما وظيفي والاخر جمالي، الغرض الوظيفي فهو مبني على تشكيل شخصية الممثل على المسرح من خلال تحديد ملامحها مع امكانية التصرف بعمر الشخصية من ناحية التصغير أو التكبير، الشباب أو الفتوة أو الكهولة أو اختلاق علامات فارقه في الوجه كالندوب والجروح القديمة والعاهات والتشويهات او حالات الصلع او الشيخوخة التي تفتقد الى الاسنان.

أما الغرض الجمالي فيكون عن طريق استخدام المكياج في التعبير عن اداء الممثل للشخصية مباشرة في حركتها ونشاطها وتوصيفها أو كجزء من التشكيل الجمالي العام للعرض ولابد من ايلاء المكياج في العرض المسرحي الموجه للأطفال درجة من الأهمية تفوق أهميتها في مسرح الكبار، والسبب الرئيسي في ذلك مراعاة المستوى الادراكي للأطفال بالعمل على توفير مستلزمات نجاح العرض كافة التي تكفل الاقناع والوضوح في تقديم الشخصية المسرحية جماليا، كما ان الدور الوظيفي للمكياج في العرض الموجه للاطفال اكثر تعقيدا لاحتوائه على شخصيات شديدة التنوع والتباين ومن الناحية التاريخية يعد استخدام الأقنعة سابق لإستخدام مواد المكياج في العرض المسرحي فقد تم الانتقال من سيطرة الأقنعة الى سيطرة المكياج في عصر النهضة، حيث نجد الاقنعة إختفت بعد ظهور المكياج.

إن وظيفة المكياج تؤدي دورين:

أولا: دور باتجاه الممثل ودور اخر باتجاه المشاهد

القناع من أقدم الصيغ التنكرية التي توصل اليها الانسان القديم، كما يعد من أقدم التقنيات المستخدمة في المسرح ويشترط في القناع إحتوائه على ثقوب او فتحات لسهوله الرؤية للممثل والتنفس والكلام ومن المحتم ان تكون هذه الفتحات مقابلة تماما للعينين والفم والانف، اذ قد يكون القناع معبرا عن شكل لا يتوافق مع تشكيل الوجه الانساني، وهذا وارد في حالات الاقنعة الحيوانية والنباتية والجمادات، ومن جهة اخرى يكون القناع اكثر قدرة على الإفصاح عن بعض الشخصيات لكونه يسفر عن طبيعة الشخصية وحقيقتها ولذلك من خلال تشكيل ملامح الشخصية مثلا الثعلب أو الجني أو الحمامة أو الملاك، ثم رسم الخطوط ووضع الألوان الدالة على الصفة الغالبة على الشخصية ليكون الثعلب الخبيث، الجني الشرير، الحمامة المسالمة، الملاك الخير، ويرجع بعض الباحثين تبعية القناع الى منظومة الزي والبعض الاخر يرجع تبعيته الى المكياج.

* الـــزي :

إن الزي الذي يرتديه الممثل على خشبة المسرح من بين أهم العناصر في تشكيل الفضاء السنوغرافي والياته المتعددة، حيث يساعد الزي بشكل عام على إثارة المعنى والصورة الحقيقية أو الخيالية التي تقترب من الواقع المألوف أو اللامألوف في أي عرض مسرحي. وتجدر الإشارة إلى ان إستعمال ازياء منذ النواة الاولى للدراما ولكن باشكالها البدائية البسيطة لما لها من اسقاطات مهمة على روحية الشخصية التي ينطلق منها الفعل الدرامي، وتقسم الازياء بشكل عام ببيان نوعية العرض والفعل والشكل المجسد الذي عن طريقه يحدث التاثير البصري. وان الزي في مسرح الاطفال دال على جنس الشخصية ووضعها الاجتماعي والاقتصادي، وفي الاساطير والمسرحيات الرمزية تكون الازياء التي يبحث عنها المخرج في التكوين المسرحي اثارا جمالية وفكرية تحمل مضامين ترمز للشخصيات، إذا يكون توافق الالوان والاشكال والاحجام في هذه الحالة راجحا، وإختلاف الألوان ونقص الوحدة ضارا، فاذا كان المصمم يتوخى الدقة التاريخية فعليه ان يتحرى في كتب التاريخ والمصورات لغرض التوصل لتصاميم مطابقة للفترة التي من المفترض أن تعيش فيها الشخصيات، وان حدثت وكانت الاحداث والشخصية التاريخية تجسد على مسارح الأطفال، ينبغي على العاملين في هذا المضمار، العمل بحذر وتركيز خشية ان تنطبع صوره مغلوطة في ذهن الطفل، ومن العبث بطبيعة الحال أن نستهين بدور الزي وأهميته لدى الطفل.

* ملحقات الهيئة للملحقات :

عدة مسميات وتعريفات في الدراسات المسرحية المتنوعة منها المهمات، المكملات، اللواحق، الاكسسوارات، أدوات التمثيل، الأدوات المسرحية، المتممات وتحمل الملحقات دلالات المتعددة.

والملحقات علامات دالة في العرض المسرحي خصوصا في مسرح الطفل وفي اتجاهات متعددة تدعم دلالة الشخصية، أو الحدث او المكان والزمان ويكون كل عنصر من عناصرها علامة قصدية دالة إضافه إلى وظيفتها الجمالية في التكوين المشهدي، وان الملحقات التي نقرنها بالهيئة من الناحية النظرية هي في حقيقتها تقترن بالشخصية التي تتجسد على الخشبة ضمن التكوين العام للعرض، لتكوين جزء من الفضاء المسرحي وتاخذ مجال في العمل الدرامي، والوظيفة الجمالية للملحقات لا تتبلور ان كانت إحدى الملحقات منفردة معزولة في الفضاء لانها تكون كاي شيء موضوع في مكان مهمل، بل ان جماليات المكملات تظهر من خلال علاقتها مع بقية عناصر المسرحية.

 

الفصــل الرابــع

تطبيقات

* في الفصل الرابع تاخذ الدكتورة فاتن جمعة عدة مسرحيات كتطبيقات لما تقدم في الفصول الاول والثاني والثالث، وتبدا التطبيقات بمسرحية للمؤلف مثال غازي بعنوان مسرحية “انا الاسد” وهي من اخراج بكر نايف ومكان العرض مسرح الرافدين الفئات العمرية من ستة الى عشر سنوات، سنه العرض عام 2013

* مسرحية “أيام الاسبوع الثمانية” تاليف صلاح حسن إخراج إقبال نعيم عرضت على المسرح الوطني عام 2014 وشملت الفئة العمرية من 12 الى 15.

* مسرحية “شبيك لبيك” تاليف وإخراج وسنغرافيا الدكتور حسين علي عارف سنة العرض 2015

* مسرحية “دائرة الطباشير الصغيرة” تاليف واخراج الدكتورة إقبال نعيم سنوغرافيا عن السوداني مكان العرض بغداد سنة العرض 2016

* مسرحية “حكايه الديك صياح” تاليف وإخراج حسين علي هارف مكان العرض مسرح دائرة ثقافة الاطفال عرضت عام 2017

* مسرحيه 10 على 10 تاليف ماجد درندش اخراج حسين علي صالح سنوغرافيا علي محمود السوداني قدمت عام 2017 وأيضا قدمت على مسرح قصر الثقافة والفنون في الديوانية عام 2022

* مسرحية شهاب وسر الكتاب تاليف واخراج حسين علي صالح عرضت على مسرح الرشيد انتاج قناة شهاب الفضائية قدم العرض عام 2023 ..

وهكذا تكون الدكتورة فاتن جمعة قد استوفت هذا الكتاب من الناحيتين النظرية والعملية، ويعد هذا الكتاب نهجا أكاديميا وبحثا معرفيا وعملا جماليا للعاملين في مسرح الطفل لما يحتويه من أسس نظرية بالغة الأهمية لم تغادر فيه الكاتبة صغيرة ولا كبيرة الا وتعرضت له بكل تفاصيله المهنية، لأن مسرح الطفل يعد من أصعب المسارح حسب المشتغلين فيه، حيث لا يمكن إقناع الطفل أو التلاعب بردود أفعاله أو التحايل على فعل التلقي لديه إلا بما هو معرفي وجمالي بما يتناسب مع مدركات الطفل الحسيه وإستعداداته العقليه التي لا يمكن تغافلها، ولا يمكن التواصل معها إلا من خلال عمل جاد، وعمل فيه تقنية المخرج الذي يفهم نفسية الطفل.. ولا يمكن أن نصل الى تلك الخصوصية المعقدة للأطفال، إلا بعد بحوث ودراسات نفسية وإجتماعية مضافا الى ذلك البحوث التي تخص الجانب الفني والتقني في مسرح الطفل..

Related Articles

Back to top button