مقالات

الفعل الدرامي والفاعل الاجتماعي في أداء الممثلة العراقية قراءة في تحولات الوعي المسرحي المعاصر/ حيدر كاطع المرشدي

في الزمن الذي يتعاظم فيه دور المسرح بوصفه مرايا للواقع ومرصدآ للتحولات الاجتماعية تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في بنية الأداء التمثيلي لا بوصفه تقنية جمالية فحسب بل بوصفه خطابآ اجتماعيآ عميق التأثير ومن هذا المنطلق جاءت الدراسة الموسومة الفعل الدرامي والفاعل الاجتماعي لأداء الممثلة في العرض المسرحي العراقي المعاصر لتضع الممثلة العراقية في بؤرة الضوء لا بصفتها أداة تنفيذ بل كقوة مبدعة وفاعلة في تشكيل الوعي الجمعي.

هذه الرسالة البحثية لم تكن تقليدية في منهجها أو طرحها بل سعت بجرأة إلى إعادة تفكيك العلاقة بين الفعل الدرامي أي ما ينتجه جسد الممثلة من حركة وصوت وانفعال داخل العرض وبين دورها كفاعل اجتماعي يتقاطع مع السياق العراقي بكل تعقيداته الثقافية والسياسية والنفسية.

الممثلة العراقية بين التمثيل والتمثل

لقد ناقشت الدراسة من خلال قراءات تطبيقية وتحليلات دقيقة كيف أن أداء الممثلة العراقية لم يعد يقتصر على تجسيد النصوص بل تجاوز ذلك ليصبح تمثيلًا لتجارب المجتمع وهموم المرأة وصراعات الهوية. فهي لم تعد تتقمص الشخصيات فحسب بل باتت تنسج من حضورها على الخشبة بيانآ اجتماعيآ بصريًا يحمل العرض المسرحي أبعادآ مزدوجة فنية وفكرية.

إن الفعل الدرامي الذي تنهض به الممثلة لم يعد معزولا عن واقعها الاجتماعي بل أصبح مشروطآ به مرتبطآ بجندرها بموقعها داخل منظومة السلطة وبصورة المرأة في الوعي الجمعي العراقي.

من الجسد المؤدي إلى الجسد المحتج

تتتبّع الدراسة مسار التحول الذي طرأ على جسد الممثلة في العرض العراقي من كونه جسدآ مؤديآ يتحرك ضمن معايير الإخراج والنص إلى جسد يمتلك طاقة احتجاجية تقاوم القوالب النمطية وتعيد تعريف الحضور النسوي في المسرح وهذا التحول لم يكن اعتباطيآ بل جاء نتيجة لتراكمات اجتماعية وفنية فرضت على الممثلة أن تتجاوز الإطار التزييني لتصبح مركزآ للحكاية ومحركآ للمعنى.

الفعل المسرحي بوصفه موقفآ اجتماعيآ

قدمت الدراسة قراءة عميقة للعروض المسرحية العراقية المعاصرة موضحة أن ما تنتجه الممثلة على خشبة المسرح هو أكثر من أداء انه موقف فالفعل الدرامي في حالة الممثلة ليس نتاجآ فنيآ فقط بل هو خطاب مزدوج يخاطب الذائقة الجمالية ويصدم البنية الاجتماعية الراكدة وهذا ما يجعلها في كثير من العروض ليست مجرد ممثلة بل صانعة معنى وناقلة لنبض الشارع العراقي بلغة الجسد والنظر والانفعال.

فتح الصورة

المسرح العراقي والممثلة نحو خطاب مضاد

أحد أهم ما توصلت إليه الرسالة أن الممثلة العراقية في إطار العرض المسرحي المعاصر أصبحت تمثل خطا مقاومآ للسلطوية الثقافية وخطابآ مضادآ للتمثيلات النمطية للمرأة فهي لم تعد تستخدم كرمز جمالي أو عنصر هامشي بل أصبحت تنسج خطابها الخاص وتعيد رسم ملامح الحضور النسوي في فضاء المسرح العراقي.

لقد باتت الممثلة تسائل المجتمع من على الخشبة وتخاطب المتلقي بحضورها وتدفع بأسئلة النوع والسلطة والتمكين إلى واجهة العرض لتخلق طبقة جديدة من التلقي قائمة على التفكير لا الانبهار فقط.

إن هذه الدراسة بما احتوته من جرأة في الطرح ودقة في التحليل تمثل انعطافة حقيقية في مسار البحث المسرحي العراقي إذ سلطت الضوء على فاعلية الممثلة كمنتجة للخطاب المسرحي لا كأداة لتنفيذه فقط إنها محاولة جدية لإنصاف الجسد المؤدي بوصفه حاملاً لرسائل اجتماعية تتجاوز حدود الخشبة إلى عمق الواقع.

المسرح العراقي بحاجة إلى مثل هذه الدراسات التي تعيد تعريف الفعل الدرامي وتكرس حضور المرأة كفاعل اجتماعي مؤثر وبهذا تظل الممثلة العراقية رمزآ للصوت الآخر للمعنى الآخر وللمسرح الذي لا يكتفي بأن يعرض بل يقاوم.

فتح الصورة

 

Related Articles

Back to top button