مهرجان مراكش الدولي للمسرح … العودة المنتظرة/ عادل المنصوري

بعد غياب دام أكثر من ثماني سنوات، يعود مهرجان مراكش الدولي للمسرح إلى الحياة، كمنبعٍ فنيٍ سُقي أخيرًا بعد سنواتٍ من الجفاف. لقد افتقدناه طويلاً، هذا الحدث الذي كان، في زمنٍ غير بعيد، منارة تُضيء الساحة الفنية، وحلمًا يراود الفنانين من كل صوب، يتطلعون بشغف للمشاركة فيه، والاحتفاء مع إخوتهم المراكشيين بهذا العرس الإبداعي الساحر.
كنا صغارًا، نتحسس ملامح الفن في المدينة، قبل أن نصدم بصمتٍ غير مبرر، يُغلق أبواب المهرجان دون سابق إنذار. لم نفهم آنذاك لماذا تُطفأ شموع مثل هذا المهرجان؟ ولمَ يُدفن حيًّا دون عزاء؟ أهو قرار أم مؤامرة؟ هل هو استهداف متعمد لروح المسرح، لعمقه الثقافي في هذه المدينة التي لطالما أنجبت مبدعين؟
منذ ذلك الغياب، أخذت مراكش تتراجع عامًا بعد عام في مجال المسرح، حتى أصبحت القاعات تُغلق واحدة تلو الأخرى، وكأن الفن يُنتزع تدريجيًا من روح المدينة. حينها، لم تعد الأسئلة مجرد هواجس، بل تحولت إلى يقينٍ مؤلم: المؤامرة حقيقية، والمساحات تضيق، والأحلام تُخنق.
ورغم كل شيء، بقيت شعلة الأمل موقدة بفضل من رفضوا الاستسلام، من الرواد، من رؤساء الفرق المسرحية، من الذين تمسكوا بالحلم رغم قسوته. ولولاهم، لكان كل شيء طواه النسيان.
لذا، لا يسعني إلا أن أُعبر عن امتناني العميق للجهود الجبارة التي بذلها فرع النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بمراكش، وعلى رأسهم الفنان المقتدر محمد بلمقدم، الذي كان أحد أبرز الأسباب في إعادة إحياء هذا المهرجان، وفي إنعاش الحركة المسرحية بالمدينة.
هذا المهرجان ليس مجرد فعالية فنية، بل هو حقٌ للمدينة، وهواءٌ تتنفسه ساحة مراكش الثقافية. ونحن، بكل إيمان، مستعدون للدفاع عنه، والعمل على استمراريته، مهما اشتدت الرياح، ومهما تكالبت المحاولات البائسة لإخماده. فالإبداع لا يولد من الدعم المادي فقط، بل من الإيمان، من الحب، من الانتماء.
وإن لم أكن يومًا مشاركًا في المهرجان، فسأبقى أردد نفس الكلمات، وسأدافع عن مدينتي وعن فنها، لأنها ببساطة… تستحق الحياة.