بالمغرب: (أميرة البخاري) تقدم بحثها ”البيداغوجيا وفك الاستعمار عن المسرح” بمهرجان طنجة للفنون المشهدية ال 20/ بشرى عمور

شهد اليوم الثالث من فعاليات الدورة 20 لمهرجان طنجة للفنون المشهدية، والذي أقيم في الفترة 05 ـ 08 دجنبر 2024، وضمن الجلستين العلميتين الخامسة والسادسة مشاركة الباحثة المسرحية السعودية (أميرة بخاري) وهي أستاذة محاضرة في جامعة طائف بالمملكة السعودية، حاصلة على دكتوراه في النقد الأدبي والترجمة من جامعة إكستر عام 2022.
اولا برئاستها للجلسة الخامسة التي تطرقت إلى موضوع :”مناهج التعليم المسرحي” بمشاركة كل من: عصام اليوسفي (أستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط ـ المغرب) / “بيداغوجية الممثل: أسئلة المنهج والمرجعية”، ومحمد زيطان (أستاذ المسرح بكلية اللغات والآداب والفنون بالقنيطرة ـ المغرب/ “تجديد المناهج الدراسية وسؤال التنشيط المسرحي: مكون “الاستمتاع والتحدث” في مادة اللغة العربية نموذجا”، وعبد الكريم الشباكي (أستاد التعليم العالي بكلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط ـ المغرب)/ ” الفرجة والبيداغوجيا، تأملات في تجربة ماستر التربية الجمالية والتدبير الثقافي بكلية علوم التربية”.
ثانيا: بمشاركتها في الجلسة السادسة ببحث حول ”البيداغوجيا وفك الاستعمار عن المسرح”إلى جانب كل من: الباحث الألماني (تورستن جوست)، والباحث الكويتي (محمد نوح المهنا)، والباحث المغربي (أحمد الجرطي)، والروائي المغربي (سعيد النعيم).
ملخص البحث:
منذ نشأته، شكل المسرح وسيلة للتعبير الثقافي والهوياتي والسياسي، وأداة لسبر أغوار الذات. ولكونه يوفر مساحة يمكن من خلالها لأصوات المهمشين أن تكون مسموعة، يتيح المسرح الفرصة للتعبير عن الهويات المتنوعة واستكشاف الصراعات الداخلية على مستوى الفرد والجماعة، خاصة بالنسبة للمجتمعات التي لا يزال حاضرها يسيطر عليه شبح الماضي الذي كانت فيه تحت وطأة المستعمر. ومع ذلك، وفي السياق الخليجي، لا زلنا نلاحظ حضور النماذج المسرحية الاستعمارية واختبائها وراء السطور، حيث يلعب المسرح دورا مهما في تكريسها. ويعود هذا الاختراق الاستعماري بشكل رئيسي إلى تعرف الجمهور العربي على المسرح الحديث عن طريق العروض المسرحية المقتبسة والمكيفة من نظيراتها الغربية.
أما بالنسبة للمناهج التعليمية، فهي لا تسلط الضوء بما يكفي على الطبيعة المستوردة للمسرح في العالم العربي. لذلك، فإن تحرير التدريس من الرؤى الاستعمارية يعد أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز السرديات الثقافية العربية “الأصيلة”، وبالتالي تحويل الطلاب إلى فاعلين في عملية إنهاء استعماره. وفي هذا الإطار، تتناول هذه الورقة الحاجة الملحة إلى تفكيك الإرث الاستعماري الذي تقوم عليه المنظومة التعليمية العربية فيما يتعلق بفنون الأداء، وذلك بالاستناد إلى نظريات جون ماكنزي حول الأسس الإمبريالية لدراسات الأداء، وملاحظات جانيل رينيلت حول تشابك السياسة والهوية في الأداء. علاوة على ذلك، تبحث هذه الدراسة في كيفية تطوير طرق تدريس المسرح لا تخضع للفكر الاستعماري، بغية النهوض بهذا الفن في منطقة الخليج العربي. وفي هذا الصدد، يقدم ماكنزي في نظريته إطارا يمكننا من فهم دور المسرح في التصدي للأنماط السردية السائدة، في حين تبرز نظريات رينيلت أهمية دمج الهويات المحلية في الممارسات الفنية.
وسيتم استكشاف هذه الإشكالات من خلال تسليط الضوء على الصبغة التحررية التي تميز أعمال إسماعيل عبدالله، الكاتب المسرحي البارز، حيث تتناول أعماله تيمات تبرز الصراعات بين الهويات المحلية الأصيلة والإرث الاستعماري في العالم العربي. و يمثل استخدام عبدالله للغة عند تمثيله للذات والآخر، تعليقًا قويًا على التوترات الكائنة بين الاستعمار والتراث العربي، خصوصًا فيما يتعلق بالاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين. ومن خلال دراسة معمقة لنصوصه، ستبحث هذه الورقة في كيفية تنقل عبدالله بين هذه الديناميكيات، مقدمةً رؤى حول إشكاليات الهوية والمقاومة المعقدة، والحفاظ على الثقافة في سياق تحرير فنون الأداء العربية من قبضة الرؤية الاستعمارية. وبناء على اقتراحها لأعمال إسماعيل عبد الله كبديل للنصوص المتأثرة بالاستعمار عند تدريس المسرح، تقدم الورقة تقييمًا نقديًا لأعماله من حيث قوة وضعف استراتيجيات الأداء فيها.
وتسهم دراسة هذه الأعمال في ضوء النظريات المذكورة أعلاه في الكشف عن التأثيرات الأوروبية المتأصلة في نصوص المسرح ومناهج التعليم. ومن خلال الوعي بالأساليب التي تتم من خلالها إعادة إنتاج هذه المعرفة القمعية السائدة في الفضاءات التعليمية والفنية (وما قد يترتب عليها من تداعيات جسيمة)، يصبح تبني منهجية تدريس متحررة من أي تأثير كولونيالي ضرورة سياسية وفنية في الآن ذاته.