بدية هذه القراءة المتواضعة حاولت الالتفات الي دور المسرح وارتباطه الوثيق بالسياحة فيما سمي بالمنتج الثقافي وهي قراءة لازلت ارها متواضعة وتقود الى بحث اكثر عما لاحقا.
الملخص
المهرجانات السياحية تعد من اهم أولويات الوعي الثقافي بأهمية السياحية كرافد اقتصادي مهم للدخل القومي للدول وهي بلا شك صناعة ارتبطت بالإنسان ليس لأنها من الوسائل الحياتية المرتبطة برغبة إنسانية للترفيه والتسلية والاستجمام
بل لتقاطعاتها المتعددة في الرقي والرغد لكونها من اهم النشاطات المرتبطة بالاقتصاد العالمي الحديث والفعل الحياتي المعاصر
مما يميز أيضا المهرجانات السياحية قدرتها القوية والملفتة على انعاش الاقتصاد فهي مصدر كبير للدخل القومي من خلالها توفر فرص العمل واثناء اشتغالاتها تقل نسبة البطالة وترتفع نسب النمو الاقتصادي.
ان المهرجانات السياحية هي مكون صناعي ثقافي تعتمد على العمل البشرى وترتبط بمواسم وهذه المواسم تستثمر بشريا بمناشط وفعاليات عديدة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وهذا ما جعلها في مقدمة القطاعات الاستثمارية البارزة التي تلتفت وتتسابق لها الدول من اجل اقامتها.
لدينا في السلطنة مهرجانات ترفد الاقتصاد المحلي وتقام في اطار مكاني معين ذو خصوصية ما يحوي فعاليات وبرامج وابداعات متنوعة الاصالة ابرزها مهرجان مسقط ومهرجان صلالة السياحي ومنذ الانطلاقة الأولى للمهرجانات السياحية في السلطنة كان المسرح في القلب منها يتقاطع معها ويتفاعل ويكمل روقنها الترفيهي بقضاياه ورؤاه الثقافية بأطرة الجمالية المادية والمعنوية.
من مظاهر هذا التفاعل مناقشة قضايا فكرية تتعلق بالهوية والهم الإنساني وغيرها من مسائل تمثل مثاراً للنقاش المحتدم في الساحة الثقافية والمسرحية ، وقضايا تتعلق بالفن والجمال بشكل عام، من قبيل: “الأصالة والمعاصرة” و”التراث والتجديد”.
لقد عملت المهرجانات السياحية المعاصرة على ترسيخ التجربة المسرحية الجديدة في سلطنة عمان وساهمت في رسوخها في عقل الجمهور المحلي والعربى، وصار كل اتجاه ــ المهرجانات السياحية والحركة المسرحية ــ يعمل كل منهم من خلال المنظور الذى يؤمن به، ويرتقي به،،
كانت التقاطعات ملمحاً إيجابياً للنهضة المسرحية والسياحية الامر الى أدى الى استفادة الفرق المسرحية العمانية من تنوع نطاق واطر المهرجانات السياحية الداعمة للثقافة والفنون بأنواعها وبدرجات متفاوتة، وبأساليب تتطابق مع ظروف الواقع الفني للمشهد المسرحي العماني .
استثمرت الفرق المسرحية العمانية المهرجانات السياحية في السلطنة لتكون ايقونة الفعاليات والبرامج السياحية في اطرها الثقافية والجماهيرية لتعبر عن كونها جزءاً لا يتجزأ من المقصد السياحي من خلال خصوصية فنية ونوعية لا تتعارض مع انتماء المسرح العماني لحركة المسرح العربي المعاصر في مسيرته الكبيرة التي تناضل في مجال صراع الهوية والوجود منذ عقود.
لقد تميز المسرح العماني منذ ارتباطه بالمهرجانات السياحية في السلطنة بإلاشتغالات المسرحية في قلب المهرجانات السياحية باحتوائه ثيمات أساسية تنهل موضوعاتها الاجتماعية من التاريخ العماني الثري بمعطياته ، ومن خصوصية الواقع الاجتماعي المحيط، ليؤكد هويته الفكرية والفنية بأساليب اشتغاليه متنوعة، ولقد عمل هذا التنوع على طرح الأحداث التاريخية والاجتماعية بمهارة ودقة ومتعة لجذب المتلقي سعياً لأهداف كبيرة من خلال الركح المسرحي.
ومن هنا كانت البيئة خصبة للإبداع وطرح رؤئ سياسية وفكرية وجمالية بشكل ضمني، لكي يشارك المتلقي قضاياه ومعانيه الأساسية ومعايشته للحياة التى تتجدد كل يوم، ولكي يطور باستمرار، قدراته وتقنياته وأدواته المختلفة في طريق الإضافة الدائمة.
ساهمت العروض المسرحية في المهرجانات السياحية من تحقيق مكاسب نوعية :
استمرار اشتغالات الفرق المسرحية بتقديم عروض موسمية تضاف لعروضها الاخرى
التبادل الادبي والفني مع فرق مسرحية من دول اخرى .
ساهمت استمراية العروض في وجود ممثلين نجوم يحققون مكاسب مادية للفرق مما ساهم في تحيق مكاسب اقتصادية.
ساهمت العروض المسرحية من تحقيق معدلات حضور جماهيري كبير من الجمهور المحلي والزائر بقصد السياحة مما ساهم في رفع كفاءة السياحية الثقافية والفنية وخلق التفاعل والتواصل السياحي.
العروض المسرحية في المهرجانات السياحية امست مقصد سياحي لكونها أماكن جذب سياحي تستقطب السياح من دول أخرى لمشاهدة عروض مسرحية نوعية ونجوم مسرح.
المهرجانات السياحية في صلالة ومسقط كان لها دور كبير في ولادة مهرجانات فنية نوعية حيث ولد اول مهرجان مسرحي للفرق المسرحية الأهلية من مظلة مهرجان مسقط تحت مسمى أيام جمعة الخصيبي المسرحية تخليدا لذكرى فنان عماني له اسهامات مضية
ومهرجان صلالة السياحي كان له الدور الأكبر والابرز في ارتباطه الفني بالفرق المسرحية في محافظة ظفار وكان الداعم الأبرز والمحفز لوجود عروض مسرحية تعرض بشكل يومي وتستقطب جماهير بأعداد كبيرة الامر الذي ساهم في وجود ممثلين نجوم وولادة فرق مسرحية جديدة تسهم في الحراك الفني في الموسم السياحي .
ساهم مهرجان صلالة السياحي في ولادة مهرجان ظفار للمسرح الجماهيري.
كما ساهم مهرجان صلالة ايضا في ولادة مهرجان ظفار للمسرح الدولى بمساراته الستة لرفد المقصد السياحي بالسياحية الثقافية وخلق التواصل والتفاعل بين الهدف والزائر وتحقيق المكاسب السياحية.
************************
* ملاحــظــة: هذه المقالة كانت مداخلة د. مرشد راقي بالندوة الفكرية: “نحو مسرح عُماني فاعل” المنعقدة صباح الخميس 26 سبتمبر الجاري بمسرح الردهة بالجلسة الثانية لليوم الثاني. وذلك ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان المسرح العُماني (22 سبتمبر 2024 ـ 1 أكتوبر 2024) بمسقط. الندوة تتناول واقع المسرح العماني في الربع الأول من القرن الواحد والعشرين، ورصد تحوّلاته.