التجلي الزمني الاول
(العنوان):
توليفة فلسفية بين النفس والزمن، بين معنى الإدراك العقلي وطلب اللطف، واللطف يشكل مغزىً نفسيا جماليا، وتوقف النفس هو الموت، يشعرنا عبر مفردة الطلب (بلطف) بالتعب النفسي الذي يعانيه في الحياة، وتوقف النفس يعني الموت، توقف الإرادة والانتقال إلى المجهول إلى أعماق الروح، وحتى معنى (إلى أن) لها ارتباط زمني بمعنى النهاية الخاتمة، انتهى الأمر، هذه الارتباطات الولائية هي لوحة تعبر عن رمزية الزمن والدلالة لها مفهوم في المكون المضموني، اللطف هو طلب استقبال الزمن، جملة أمرية تكشف عن بؤر المسكوت عنه، والحياة التي كان يعيشها ما قبل الطلب باعتبار التوالد الداخلي يدل على أن التعامل لم يكن بلطف.
تجلي الزمن الثاني
(الشخوص)
1ـ الدكتور نافع في السبعين من العمر
2ـ شفيقة داوود 65 سنة
3ـ فاضل مبارك ضابط سابق في الثمانين
4ـ خضر المولى 73 سنة ويبدو أصغر
تمثل شخصيات كل نص مسرحي روح العمل، والجوهر البشري داخل سياقات النص، كونها عناصر حية تنبع من رؤي المؤلف، ولها جوانب مهمة مثل:
(البعد الخارجي) يشمل المظهر العام والشكل الظاهري، ملابسها، ملامحها، طولها، عمرها، وسامتها، قوتها الجسمانية، ويرسم ملامح المشهد عبر شخصياته، العمر له استحكاماته وسلوكيته.
(البعد النفسي) عبر تشخيص العمر لكل شخصية، تمكن المتلقي من قراءة استحكاماته النفسية والدهنية، تأثير الغرائز بمعنى سلوك هذه الشخصيات وتحديد شخوص العمل بالسن الزمني الرصين يمنح المؤلف الحراك ضمن فاعلية النضوج الفكري وترسبات التجربة وتترك مجالات واسعة للتخيل.
(البعد الاجتماعي) يشمل المركز الاجتماعي الذي له أهمية في بناء الشخصيات وتبرير السلوك الشخصي.
(البعد الفكري) يشمل قصص الحب والحرب وموقف الإنسان من هموم مجتمعه وقضاياه الخاصة، وتصوراته وتأملاته وآماله، أغلبها يعيش في عالم فقد مقومات وجوده جميع هذه الملامح ترتبط بالتواصل الزمني للشخصية وعمرها، ملامح الوجه، لون الشعر، الوسامةــ وإلى اخره.
(تجلي الزمن الثالث)
(الديكور)
1ـ صالة استقبال من العهد الملكي الأول كل شيء فيها عتيق
2ـ صورة شابه تبتسم للفراغ
3ـ صورة رجل في الأربعين
4ـ دليل هاتف لم يستخدم منذ زمن طويل
5 ـ حدد الزمان/ نهاية القرن العشرين أو ربما قبل النهاية بأيام ينقسم الديكور في هذا النص إلى لغة الصورة التي شكلت البعد الزمني، صالة الاستقبال التي حدد زمانها بالعهد الملكي.
الزمن في مساحة هذا النص انتماء، حامل الهاتف القديم، الدليل لم يستخدم منذ زمن طويل. المؤثر الزمني له القدرة على رسم ملامح المشهد والارتكاز على مرحلة زمنية تهيئ له إدراك الأحداث وتعكس حقيقة الكون/ المجتمع / الهوية / والسكون، وكأنه أراد من خلال هذه التجليات الثلاثة (العنوان ــ الشخوص ـــ الديكور) يؤكد على أن الماضيَ جزء كبير منه، يتفاعل ليعيد تراثه ـــ عافيته ـــ يحلم بالتجدد ليبعثَ عالما جديدا مبنيا على رمزية (الحياة × الموت) ليصوغَ منها عوالم التكوين.
(تجلي الزمني الرابع)
(النص)
(الوصف /الحوار/ شعرية الجملة /الاستفهام)
جسد الواقع النصي الزمن عبر التأثير المباشر بمفردات زمانية لها خصائص التعبير الآني، باعتبار المسار الزمني منفتحا على روحية النص وفلسفته القائمة على فكرة إعادة (الإعمار) ولان العودة الأكثر انسجاما هي المراحل الزمنية التي صارت فكرة ورمزا تفاعليا.
(عمر تبدد دون أن يجد له معنىً صارخا وهو يقف بموازاة المرآة، ويوجد للأعمار معنى أكثر من معنى بحثها المستديم عن علل الكون، ومسببات وجوده /الأعمار.. الأعمار) ويقدم تعريفات مهمة لعنصر العمر ليصل إلى قناعة (وحدي من يجب أن يثبت للعالم أن الإنسان لا تقيده فكرة الشيخوخة والكبر والفناء).
حين تكون العودة إلى الماضي حلما، يوحي إلى المخاوف النفسية من الزمن نفسه، الهروب من الزمن المجهول إلى الزمن المعلوم، لإضفاء بعض الدلالات المناسبة عليه، لتهذيبه وتشذيبه ليكون الزمن معلوما يستهوي أن تعيش الحياة مرتين، يعني الزمن يتطور ويتحول وله حساب آخر غير الزمن الذي في ذاكرة الإنسان، المشكلة كيف نقنع المتلقي أن يرتقي أزمنة وضعها له المؤلف، هو الذي يحركها عبر رموزه البشرية، زمن النص هو الزمن النصي والسينوغرافيا لاعب مباشر في قدرة الازمنة على التغيير وعلى استحضار الفكرة الفلسفية لتصل إلى عمق الوجود الإنساني، يرى خضر: ـ الكذب والنفاق أحيانا ضرورة إنسانية لا بد منها، لا يمكن للحياة أن تطاق دون عقل منافق يجملها وكذاب يحرك الساكن من الأخيلة.
الازمنة العمرية عند شوقي كريم حسن لها أنواع متباينة، هناك أزمنة خافتة وأزمنة فاعلة وأزمنة واهمة وأزمنة غريبة وهناك أزمنة مخفية لا يمكن الاطلاع عليها، ماذا لو أحضرنا متلقي من الاموات بالمقابل متلقي لم يولد بعد، بمعنى أننا نستطيع أن نقرأ حياة ما قبل الولادة وعمر ما بعد الموت.
الدكتور: ـ ما جدوى أن أهمس لك بقول كان يجب أن أقوله منذ نصف قرن، لا معنى لبعض الأشياء، ساعة تذهب السنوات تدب الخطوات صوب القبر، هل الوعد زمن مؤجل أم زمن استباقي؟ هل الوعد زمن الواعد أم الموعود؟ وهل يعد الوعد ليؤسس زمنا آخر.
خضر مثلا صعب عليه أن يترك تاريخه ويمضي ليؤسس تاريخا آخر قد لا يعني لأحد شيئا.
الدكتور: ـ ليس للمهرج تاريخا يذكر
خضر: ـ بل هم أصل التاريخ ووجوده.
هناك علاقات مقرونة بالمقاربات والتشابه والمتشابهات وهناك أزمنة طبيعية كما في الواقع، وأزمنه دلالية كما في النص.
الحنين ماضوي يعيش في الماضي يتكون في الماضي وإذا تحول لزمن غير مسبوق غير هويته وفقد معناه، قوة الارتباط بالمخيلة هو ارتباط بالواقع يعزز ارتباطنا بالزمن.
(خضر: ـ دلوني على شيء يؤكد حقيقه وجوده حتى أنتم)
إن بعض الشخصيات بأسماء تدل على رؤية تاريخية مثل (خضر / موسى / داود) هل تعبير عن القداسة أم عن حركة الزمن.
موسى: ـ وكأني غادرت المكان منذ ساعة لأعود له الآن، ذات الوجوه المعلقة إلى الجدار وذات الابتسامات، عجبا أن يبقى زمن الأشياء على حاله، إن لم يكن هناك سبب معقول.
التقاء موسى بالخضر ليتحول من موسى والخضر في مرتقاهم القرآني إلى موسى والخضر صحبة السجن والتعدادات وصراخ السجانين والشتائم والاتهامات والخوف من مجهول، ما كنا نعرف كيف يجي، الزمن من المدركات التي تتغير وتحمل دلالات نفسية، الزمن يمشي داخل الإنسان والإنسان له القدرة أن يعيش في الزمن، والرهان هل يستطيع الإنسان أن يعيش خارج الأطر الزمانية.
يعد لنا الكاتب شوقي كريم حسن لعبته بفعل الأطر الزمانية
(الدكتور: ـ ها هو الحلم الذي سيعيد كل ما نحلم به إلى سابق عهده،
موسى: ـ محال أن تعاود أحلام الماضي انبعاثها
الدكتور: ـ منذ زمن طويل وأنا أشتغل لأبدد هذا المحال.
اخترع الدكتور شرابا يعيد لهم الشباب، ويرجعوا بالعمر إلى مرابع القوة، تفاعل الشخصية مع وجودها الإنساني، شفيقة سعيدة بالعودة إلى الصبا، فاضل يمتلئ بالفزع، يحس نفسه غير تابعة له:
ـ تذكرت أشياءً ماضية أريد نسيانها، بينما موسى يشعر أن هاجسا انتابه، فهو يعيش تغييرا من الداخل.
نص فلسفي بكل ما لديه من وجود، يشعرنا أن العلاقة بالزمن تنطلق من الذات والوعي وهذا يرسخ لنا مفهوم الزمن ينبع من وجودنا، والسلوك يتأثر بالماضي والحاضر، كيف تنظر شخصيات نص (بلطف إلى أن يتوقف النفس) إلى المستقبل؟
بعض التوجهات والمشاعر والأفكار ترتبط بالماضي، وينظر إلى المستقبل كل من وجهة نظره الشخصية
(موسى كذبة سافلة اسمها المستقبل، أفعال لا أدري كيف منعتني من مشاهدة الحقيقة، كنت أبحث عن مجد زائل)
التجلي الزمني الخامس
(الفكرة)
صناعة القدرة على إدراك الذات والعودة بها إلى مدارك القوة والشباب،
(خضر: ـ من هنا بدأت الحكاية… شراب يكشف ما ظل مدفونا في الأعماق طوال دهور)
كل شخصية من شخصيات (شوقي كريم حسن) لها أفكارها وقناعاتها وتوقعاتها لماض يعاد بعد نفي المستقبل
(خضر: ـ أنا لا أحب الاحتفاظ بذكريات لا تعني سوى الضياع / وأنا لا أريد شبابا كاذبا، يكفيني إني عشت أيامي كلها وأنا أبن الشباب وصديق له / لا فائدة أن يتمادى الأحياء على الموتى لكل منا طريقته وشرعته.
بينما فاضل ينظر إلى القضية بمنظار آخر:
ـ لا فائدة من ماض لا يعزز الحاضر، ويقدم ما هو قابل للاشتعال في المستقبل.
(الحكمة) المرايا هي الخديعة الوحيدة التي لا يمكن للإنسان أن يتخلص منها، عبرة لمن يرى البهجة في الذاكرة، وينسى حلم المستقبل، لا تنسوا الغد في دهاليز الماضي.
نص مسرحي قال وقال.