(مونودراما تنتمي إلى المسرحية القصيرة)
(مستوحاة من القصة القصيرة بنفس العنوان لمحمد الرحيبي)
الشخصيات ( جميعها ممثلة واحدة):
ـ شابة حالمة.
ـ ام الشابة الحالمة.
ـ اخ الشابة الحالمة.
ـ سائق التاكسي.
المكــان:
أمام باب منزل الشابة الحالمة.
(تهم الشابة الحالمة بالدخول إلى المنزل ثم تتراجع)
الشابة الحالمة: لا بأس هو فقط نصف ريال وستكون برائحة الياسمين ((تضحك ثم تستنشق ياسمينة وهمية). كم هي جميلة رائحة الياسمين (تنهيدة عميقة) آه كم يذكرني الياسمين بطفولتي، بأمي… (لحظة صمت) حين كانت تضعه طوقا على عنقي، وفي بعض الأحيان تنثره فوق سريري …
( تتمدد الشابة الحالمة على الأرض إمام باب منزلها في وضعية طفلة صغيرة)
الطفلة: لماذا وضعت يا أمي الياسمين فوق سريري؟
(تتقمص الشابة الحالمة دور الأم)
الام: لتحلمي أحلاما جميلة يا ابنتي. الأحلام مصدر السعادة
(تنهض الشابة الحالمة غاضبة ومعاتبة)
الشابة الحالمة: أين هي السعادة يا أمي؟ (تصرخ بطبقة صوتية اعلى) أين هي السعادة؟ ( ينخفض صوتها إلى اقل طبقة صوتية) أخبريني، أين هي طريقها؟ دليني على عنوانها وسأذهب مسرعة (تنتقل فوق جنيات الخشبة باحثة) أخبريني يا أمي (تعيد الطلب وكأنها تسأل شخصية وهمية) من إي طريق أبدًا؟ (تكرر الطلب وكأنها تسأل شخصية وهمية ثانية) هل تعرف أحدا يبيع السعادة؟ (يخاطب شخصيات وهمية تحاصره في دائرة، تكرر السؤال بشكل هستيري إلى إن تتعب) سأشتريها (منهارة) سأشتريها وأوزعها على الجميع…(تتوقف فجأة وتضحك باستهزاء، تنهمر الدموع على خديها لتغسل ضحكتها ثم تصلح وقفتها وكأنها تحاول أن تعود إلى رشدها. تتوجه إلى مقدمة الخشبة، تخاطب الحاضرين) هل حقا قلت سأشتري السعادة وأهديها لكم يا أصدقاء؟ (خجولة من فكرتها ومعتذرة) سأفعل إذا لم يكن الثمن غاليا (صمت) إنها أمنية، أمنيتي بسيطة لا تتعدى الريال ولم أستطيع تحقيقها بعد، يا لسذاجتي، حلم بسيط ، لكنه ليس سخيفا ( تمسك بيد معشوقها المفترض ) لا بأس نصف ريال وسأحقق أمنيتي، ستكون بين يدي أحضنك..(مستدركة) لكن ( تقطع الخشبة ذهابا وإيابا وهي تبحث عن حل) ماذا سأقول لأخواتي حين أخبرهم أنني أنفقت نصف ريال في تحقيق رغبتي الملحة التي تراودني كل عام.
( تتوجه بالحوار إلى إخوتها المفترضين) لا بأس يا أخوتي لا بأس، هي فقط نصف ريال صرفتها من المدخرات، ولا تنسوا يا أخوتي أنا من أعمل ليل نهار من أجل أن أجمع المال. إذن من حقي أن أعانق أمنيتي الصغيرة الجميلة المنيرة (ينطلق مقطع موسيقى تؤدي الشابة الحالمة على إيقاعه رقصة تعبيرية حالمة، تمسك في يدها شمعة وهمية. تتغير الإضاءة للإحالة على فضاء الأمنية/ الحلم). اخيرا سأشعلك، سيتلاشى الظلام شيئا فشيئا، ويحل النور ليرسم ولينير طريقي نحو حبيبي الذي لم يأبه بي يوما أو أحس بوجودي لحظة (تحاول أن تجد له عذرا) ربما من شدة عتمتي لم يرمقني، ولكنه حتما سيراني بمجرد ما أشعل شمعتي. (تشم الشمعة المفترضة)هذه الشمعة برائحة الياسمين إنها نبراس عمري. أنا واثقة أن حبيبي سيأتي في عيد ميلادي،سيأتي إلي وسأهديه وردة. (تخاطب الجمهور) معذرة، لم أخبركم بان هذا اليوم يصادف عيد ميلادي السعيد، وسأشعل فيه شمعة برائحة الياسمين (تنظر إلى يدها مره أخرى) سأكتب رسالة حب من عاشقة إلى عاشق لن يعلم بأنه معشوق إلا حين تغزو هذه الرسالة قلبه، سيحنو ويتبدد كبرياؤه.( تتوجه بالحوار إلى معشوقها الافتراضي) احبك، كل يوم كنت أكتب إليك.كنت أنتظر ميعادا يجمعني بك لأبوح لك
(لحظة صمت، بعدها تشدو قصيدة ” القمري” للشاعر العماني سمير العريمي).
ما لي أرى القُمري عاف ربا اللعب
شاخ الزمان به ملّ الهوى عجبي
أم رام شقوتنا يحدو الدلال به
أم فرّ ممتنعًا عن وصلنا كظبي
لقد بذلت له عشقا ومنزلة
وسط الحشا فمشى عني ولم يجب
هذي محبته في القلب تعصف بي
فهو الحبيب ومن يعتاش في هُدُبي
فإذا بليتُ أسىً فهو الدواء ومن
غير الخليل ترى بالود يرأف بي
كم نام مغتبطًا طابت مفارشه
وانا السهيرُ هنا أقتات من عتبي
ما كنت أحسبه بالصد يقتلني
وقد لطفت به بالبذل لم أغب
قاسٍ يخاصمني بالهجر يفجعني
دومًا يعذبني بالنأي والغضب
فإن قربت فنار الصد تحرقني
وإن بعدت فلا أقوى من التعب
إلفي محبتكم ذي الروح مسكنها
تنداح في فرح القراء بالكتب
أو لمسة البرء من أسقام نازلة
مست عليل هوىً مذ حُمّ لم يطب
أو لذة الدفء في برد الشتاء وقد
سلا الصغار مضوا بالشدو والصخب
فاعطف عليّ حبيبي واسقني عسلا
ينساب من قلبك الحاني إلى عصبي
إني المشوق يعاني من قساوتكم
والنفس غارقة في لجة النصب
لا تهمل البوح من وجدان عاشقكم
كيلا يموت غدا من شدة الكرب
لاق السمير بخد كميتوق له
يهفو لقدك شوق النبت للسحب
( تقدم للمعشوق الوهمي صندوقا وهميا) رسائلي إليك كلها هنا، كلها بوح. أودعتها هذا الصندوق وأحكمت إغلاقه كي لا تضيع منها أية خاطرة. انتظر، سأشعل شمعة وأعطرها برائحة الياسمين. ان سمحت لا أريد كعكة عيد الميلاد، سأكتفي بالعرسية التي تعدها أمي ووو…يحبها أبي (تصمت قليلا وتنادي)أبي ..أبي…أبي
( تغيير تدريجي في الإضاءة يساعد على أن تنتقل الممثلة إلى رقعة أخرى فوق الخشبة).
أين سأضع الشمعة…أضعها بجانب الستارة (مستدركة) أووف، لقد نسيت أنه لا توجد في غرفتي ستارة…لا بأس، سأضعها في منتصف الغرفة …لا لا لن ينفع أيضا، أخشى أن تحترق السجادة التي وجدناها مرمية بجانب النفايات في نهاية الشارع في أحد الأيام ، وركضنا إنا وإخوتي في النهار والشمس تحرق الإسفلت وتحرقنا معه. (تحمل السجادة المفترضة وتحدث إخوتها المفترضين)هيا بسرعة راقب أنت الطريق، هل هناك أحد ينظر إلينا يا أحمد؟. بالله عليك يا سعيد احمل من هذا الجانب أنه ثقيل، وأنت يا محمد دعك الآن من الرائحة النتنة، سنغسلها فيما بعد وستصبح وكأننا الآن اشتريناها، هيا هيا امشوا …لا تقفوا، هناك أحد يمشي، لا تنظروا إليه تعالوا كأننا نتحدث مع بعضنا ( تشخص المشهد) هل ذهب …
(تتقمص دور احد الإخوة)
أحد الإخوة: نعم ذهب هيا نسرع بحمل السجاد إلى المنزل.
(تغيير تدريجي في الإضاءة إلى إن تعود إلى ما كانت عليه)
الشابة الحالمة: لن أضع الشمعة في المنتصف… يا ترى أين سأضعها؟ ( تكرر التساؤل إلى يقطعه صوت منبه سيارة الأجرة)
(تتقمص شخصية سائق الأجرة)
(بالعامية) يا أختي عطيني مستحقاتي واسرحي على راحتك، صار لي أكثر من ربع ساعة وأنا أنتظرك تعطيني فلوسي
(تعود إلى شخصية الشابة الحالمة)
كم حالك يعني؟
(تتقمص شخصية سائق الأجرة)
سائق سيارة الاجرة: بس 200 بيسة
(تعود إلى شخصية الشابة الحالمة)
بس ( تحاول الشابة التودد لصاحب سيارة الأجرة) يا سيدي، اليوم عيد ميلادي وأريد أن اشتري شمعة برائحة الياسمين.
(تتقمص شخصية سائق الأجرة)
وانا مو دخلني يعني عطني حقي واشتري الي تريديها
(تعود إلى شخصية الشابة الحالمة)
عمي أنت ما فاهم، إنا بس عندي نصف ريال، اذا عطيتك 200 بيسة ما بقدر اشتري شمعة برائحة الياسمين
(تتقمص شخصية سائق الأجرة)
أقول عطني حقي وترك هالسوالف لصغار
( الشابة الحالمة تناول سائق التاكسي الوهمي نقودا وهمية، نسمع بعدها صوت انطلاق سيارة الأجرة ، تشيعها الشابة الحالمة بنظراتها إلى إن تختفي)
لا بأس سأشتري شمعة دون رائحة، المهم أن أشعل شمعة في عيد ميلادي.(فجاة ينقبض قلبها وتشعر بألم وتنادي) أبي ..أبي أيها البعيد أين أنت ألان منا… في إي سجن قابع… في آية دهاليز يسكن جسدك الذي أنهكه التعب وأكلته السنين، لماذا لم تستطيع أن توفر لي ثمن حلمي البسيط؟… أبي ..كل ما فينا يصرخ، يريدك، أمي وأنا وأخواتي نحلم بعيد أنت أنت شمعته (تتنهد..تصمت..ثم. تدق الباب) أمي أفتحي ، لقد أتيت وفي يدي 300 مئة بيسة سنحتفظ بها في الحصالة.. (لا أحد يجيب ، ترفع صوتها تدريجيا ) أمي افتحي الباب ( ترجع إلى الخلف لتنظر إلى البيت بشكل أكبر، ربما تطل عليها الأم من أحدى النوافذ، ترجع مره أخرى، تطرق الباب وفجأة يسقط الباب ويتلاشى)
(موسيقى )
(إظلام)
ملاحظـة جد هامـــة:
كتبت هذه المسرحية في إطار ورشة سوالف بصرية التي نظمها النادي الثقافي بسلطنة عمان. من 4 إلى 7 شتنير 2022