تأليف : ماكس فريش .
نبذة مختصرة عن المؤلف .
ماكس فريش مؤلف سويسري من مواليد ( 1911- 1991) وهو كاتب مسرحي وروائي عرف اسمه برواية ( شتيلر) 1954. غير ان تعرفه على الاديب الالماني برتولدبريشت حبب إليه الولوج في عالم المسرح .
مسرحية بيدرمان ومشعلوا الحرائق:
مسرحية عالج من خلالها الكاتب من منظور اخلاقي وسياسي عددا كبيرا من المشكلات المحورية التي تعد مهمة في المجتمع ومؤثرة بشكل كبير على افراد ذلك المجتمع الحديث وما اتيح له من تقدم فكري وعلمي وصناعي وتجاري، غير انه لازال يعاني في ظهرانيه من انسان متخلف اخلاقياً وفكرياً وكأن كل هذا التطور الحاصل هو في منئى عنه وبقي تفكيره محدود يحاول استغلال كل فرصة من اجل التغلب على اخيه بالقوة ويخطف منه الثروة والنجاح بغير وجه حق لكن الفناء هو التهديد الذي لابد منه كأداة تنسف ذاته .
الفكرة العامة لعرض المسرحية :
قدمت كلية العلوم جامعة المنصورة وزارة الثقافة المصرية عرض مسرحية بيدرمانومشعلوا الحرائق من اعداد الاستاذ شادي السعيد وحسين العراقي بفكرة مسرحية ناقدة للمجتمع وسخريته التي استخدمت لغة الحروب والفناء واتخاذ مبدأ البقاء للاقوى وتجسدت كل مجريات الحوادث على وفق تنامي الافكار وتداعياتها وكيف حاول الممثلون تجسيد الادوار من اجل توضيح تلك الفكرة بأسلوب سجالي ساخر عبر عنه مجموعة الممثلين بحركات وايماءات تظهر الصراع من اجل البقاء .
العرض :
استخدم المخرج حسين العراقي طريقة العرض بأسلوب سهل يمكن للمتلقي الاسترخاء والتفكير في مجريات الحوادث التي عرضتها المجموعة على خشبة المسرح وان السيد بيدرمان بقي شاخصاً وباقي الشخصيات يقومون بحركات كروباتيكيةجستيةعالجت الضمير الميت الذي طالما بقي هامدا .
الشخصيات:
بيدرمان شخصية محورية وباقي الشخصيات تعد مكملة وهي عبارة عن مجموعتين متقابلتين وضعها المخرج من اجل اظهار وتبلور الصراع الدائر واداء منطقي متكامل مستخدماً تشكيلات وتراكيب متنوعة كاسراً من خلالها الرتابة والروتين الذي يحدث بين شخصين أو مجموعتين وهي مجموعة من الحوارات البناءة التي توافقت مع سير حركة حبكة الصراع وتناميها والتعبير عن مشعلوا الحرائق التي تمثل الفكرة الرئيسة للمسرحية، إذ ان التنوع المؤدلج في الاداء واستخدام الاصوات والهمهمات والايقاعية في الحوادث سارت على وفق مطفئ للحرائق ومشعل لها وما بين هاتين المسألتين يقف بيدر مان الشخصية المحورية في التعبير عن حوادث المسرحية .
اللغة :
جاءت لغة العرض المسرحي على وفق حوارية استخدم فيها الاطناب والوصف وعددا من المحسنات اللفظية التي ترجمت لتناسب اللغة العربية وهي لغة سهلة غير معقدة فيها من التكثيف واعتماد دايلوك رتب من اجل الاضحاك والتشويق ، بيد ان عدد الشخصيات وتناسقها وظف لغة الخطاب ضمن تواصلية منطقية في شرح ومعالجة قضايا مجتمعية شاخصة تكررت فيها كلمة مشعلوا الحرائق وهي لغة ترميز هدفها ان الانسان فوضوي لا هم له سوى اشعال الفتن والحرائق حتى مع اخيه الانسان وهي دلالة واضحة على الاقتتال والدمار الذي حل بمجتمعاتنا والانحلال الذي لحق بها .
الحبكة والصراع :
اشتغل مخرج المسرحية على توظيف حركة حبكة الصراع وتناميها على وفق بناء هرمي بدأ في محاولة فهم قضية مشعلوا الحرائق وربطها عبر مجموعة من الحوادث التي جاءت متناسقة مع بناء الحبكة وتنامي الصراع وظلت قضية الجوع والفقر محل جدل العقدة وتصاعدها تارة بلغة الحيوان وتقليدها وممارسة سلوكياتها وتارة بالايماءات التي تعزز بناء الحبكة عبر حركات مشهدية صائتة اذ سلط المخرج الضوء على قضايا راهنة مجتمعية حتى بلوغ الانفراج والحل .
سينوغرافيا العرض:
من جماليات العرض المسرحي الذي شهد تداخلاً في الاحداث ظهور مجموعة من المؤثرات والتشكيلات الحركية واستعمال اضاءة تتناسب وطبيعة تراتبية وتتابع البناء الحواري ، وقد وضع الديكور بشكل مرتب على خشبة المسرح وهو ديكور يوحي ببوهيمية واعية في استعمالاته للدلالات المنطقية التي وضعت من اجل التعبير عن الفقر والطبقية التي وظفها المخرج في التعبير عن الحدث اذ ان البراميل والبانزينوحلبة مصارعة مصنوعة من قطع قماش اعمدتها بشر وبعض من القطع ذات دلالات رمزية توحي بان الصراع والحرائق يمكن ان تطال كل شيء بمجرد لهب بسيط يكون بقربها يكفي ان توقد المكان وتحيله رماداً . اذن ما اراد توضيحه في سينوغرافيا العرض هو التشكيل الحركي والصراع الذي ولّد تناقض في افعال الشخصيات ومكابداتها عبر تأثيث خشبة المسرح وتوفير هرمونية وانسجام بين ما هو سمعي وبصري وحركي بتصوير سيميائي مجسدا بالصورة الجسدية والتشكيلات الحركية .
الخاتمة:
من اجل الوصول إلى عرض متكامل منطقي فيه الفكرة والحوادث ومن ثم العقدة والحل بشكلها المعهود ولتحقق هدفها التي قدمت من أجله اجتمعت وسائلة عدة من التعبيرات والشخصيات والتراكيب اللونية والايقاعية ووظفها المخرج بطريقة حوارية تنامت وتطورت من خلالها الحوادث وصولاً الى تقديم عرض شيق غابت فيه لغة الموسيقى إلا انها كانت حاضرة عبر اداء الممثلين بأصواتهم وانينهم وبعض من الاغنيات التي وظفها المخرج لتأتي متناسقة ومنسجمة مع بناء الحركة المشهدية. وبالتالي فأن العرض المسرحي حقق أهدافه من خلال شخصياته ومجموع الممثلين ونهايته هي حريق عبر الالوان .