قراءة في مفردات مصطلح (مسرح اللاتوقع الحركي القصير)، نحت (د. ماهر الكتيباني) مصطلحا إشكاليا أطلقه على مشروعه التجريبي حين أسماه (مسرح اللاتوقع الحركي القصير)؛ و من يقرأ أو يسمع هذا المصطلح للوهلة الأولى؛ سيشعر بغرابة المصطلح أو عدم مألوفيته؛ ولربما يتساءل ما الذي يجمع بين مفاهيم (الحركة – اللاتوقع – القِصر) ؛ فكل مفهوم من هذه المفاهيم الثلاثة له شأن مختلف؛ وكل مفهوم منها يحيل الى معنى مغاير، وربما يجد الدارس تناقضا بين مفهوم (الحركة) ومفهوم (القصر) ، ب وصف ان الأول يحيل الى ديمومة التغيير؛ في حين يحيل المفهوم الثاني الى أنهاء التغيير ومحدوديته، ولربما يجد الدارس تناقضا أخر بين مفهوم (اللاتوقع) ومفهوم (الحركة) من جهة؛ وبين مفهوم (اللاتوقع) ومفهوم (القِصر) من جهة أخرى؛ فـ(الحركة) ظاهرا تعد سعيا مقصودا متوقعا يبدأ من موضع لينتهي بموضع آخر، أو تغيرا يبدأ بموقفٍ ما لينتهي بموقف آخر؛ أما (اللاتوقع) فهو كل ما هو خارج عن دائرة التوقع والاحتمال؛ وهذا المعنى لا يتوافق مع ديمومة الحركة واستمراريتها ؛ فضلا على عدم انسجامه مع مفهوم (القِصر) الذي يشير الى زمن محدود ينتهي بسرعة؛ في حين أن (اللاتوقع) لا ينتهي عند حدود معينة ويستوعب ما لا حصر له من الاحتمالات؛ وتأسيسا على ما تقدم؛ فإن السؤال يعيد نفسه مرة أخرى – وبقناعات أكثر رسوخا – ما الذي يجمع الحركة باللاتوقع بالقِصر في مسرح واحد؟؟
إن الإجابة على هذا السؤال لا يمكن التوصل اليها؛ بالبحث عنها في نصوص وعروض هذا المسرح؛ بل يمكن الوصول اليها من خلال مقابلة هذا المسرح مع ما يجري في الواقع المعاش؛ فالواقع العراقي هو واقع سريع الحركة وسريع المتغيرات؛ وكل ما يجري فيه يأتي على شكل مفاجئات غير متوقعة وغير محسوبة؛ وهي مفاجئات وأحداث غير متوقعة لا تدوم طويلا في الذاكرة؛ إذ سرعان ما تأتي مفاجئات وأحداث غير متوقعة تزيح الأولى لتحل محلها بصورة تمحو ذكرى الأولى سريعاً؛ وهكذا فأن أثر الأولى لا يكون طويلا؛ بل يكون قصيرا جدا؛ واستعراض بسيط للأحداث العراقية المتسارعة والأزمات المتلاحقة وعلى جميع الأصعدة السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية يقدم لنا أمثلة كثيرة؛ إذ لا يمكن أن نعدم عن تفكيرنا لحظة المفخخات المفاجئة وسقوط الهاونات غير المتوقعة وحوادث السلب والخطف في أي لحظة من اللحظات الخاطفة السريعة ؛ وهي أحداث سريعة الحدوث والتنفيذ ؛ وهي في الوقت نفسه أحداث صادمة ومفاجئة ترافقها خسائر فادحة ؛ ولكن بالرغم من كل ما هو مفجع وصادم فيها ؛ يلاحظ أن أحداث أشد وطأة ومتغيرات أكثر تعقيدا تزيح الأولى لتحل محلها؛ وبذلك فأن التعاقب في تلك الأحداث الصادمة ؛ يجعل تأثير ما تقدم منها أقصر مما يأتي بعدها ؛وتأسيسا على ما تقدم فأن مسرحا يحايث هذه الأحداث ويذكر بها لابد أن يتخذ تسمية؛ بسرعة تلك الأحداث وكثافتها؛ ومن هنا يغدو مصطلح (مسرح اللاتوقع الحركي القصير) مصطلحا مقبولا ومنطقيا ومنسجما مع واقع متحرك بشكل غير متوقع؛ لا يستغرق فيه المتغير الحركي وقتا طويلا؛ بل يكون زمنه من القِصر الى الدرجة التي لا يمكن أن نفهمه أو نستوعبه خلال الفترة التي يحدث فيها.
الفنان الدكتور ماهر الكتيباني
تعريف بالفنان الدكتور ماهر الكتيباني
ـ مخرج وممثل وأعلامي ومذيع ومقدم برنامج عمل في عدة قنوات فضائية؛ أبرزها قناة العراقية الفضائية وقناة البصرة الفضائية.
ـ تدريسي بكلية الفنون الجميلة/ جامعة البصرة بدرجة أستاذ مساعد.
ـ حصل على شهادة الدكتوراه/ إخراج مسرحي من جامعة بغداد/ كلية الفنون الجميلة.
ـ له اهتمامات بتقديم وأعداد البرامج الُثقافية وحكايات الأطفال.
ـ يدرس مواد التمثيل والإخراج في الدراسات الأولية والعليا.
ـ أشرف وناقش العديد من رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه.
ـ شارك عضوا في العديد من لجان التحكيم والنقد في المهرجانات المسرحية المحلية والدولية.