العرض السوري المشارك ضمن فعالات الدورة 26 بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي.
مكاشفات … واسئلة مخادعة…وقبول بواقع يفضي الى المجهول.
“اعترافات زوجية” العرض السوري المشارك في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، الماخوذه عن نص فرنسي من تاليف” ايريك ايمانويل شميت”، واعداد” اّنا عكاش” واخراج ” مامون الخطيب”.عن علاقة زوجية استمرت 20 عاما، تم تهيئة الظروف لهذه العلاقة، للكشف عن ذلك الساكن في الداخل من مشاعر، تم اطلاقها في تداعيات تاخذ شكل المخادعة مرة، وشكل الاشتباك والمواجهة مرة اخرى.
استهلال العرض، ببقعة ضوء حمراء على باب البيت ، تضع المشاهد في اجواء الرماد الساكن، الذي يبدأ بالاشتعال، بهذا البوح عن ذلك التواطؤ في العلاقة،حيث كلا الزوجين ” جمال – مالك محمد ،و لينا – رنا جمول”،يكشفان عن جوانب بقيت مخفية، واسئلة تمت احالتها الداخل، فالزوج عائد توا من المستشفى، فاقدا الذاكرة، والزوجة تحاول انعاش ذاكرته، لكن ليس بالاشياء الحقيقية بينهما، انما بما هو متمنى في داخلها لشكل علاقة تحلم بها.
هو كاتب وله اسمه وشهرته ومعجباته، وهي فنانة تشكيلية لم تحقق ذاتها، وبيت تتوزع في اركانه ارفف مكتبة، ولوحات تحتل حيزا قليلا من المكتبة، هذا البيت الذي يحيلنا بدلاته الى دواخل الشخصيات، وتلك المساحات المشتركة والمتناقضة بينهما، فالزوجين ينتميان الى طبقة المثقفين، وهنا يذهب بنا العرض الى اسئلة حول حالة الفصام التي يعيشها المثقف العربي، والى اي مدى هو حقيقي، ومنسجم مع طروحاته وشعاراته التي يقدم نفسه بها للناس؟ وهل هو قادر على صياغة علاقات تعكس مايعرفه عنه الناس ظاهرا؟ ام انه يمارس نرجسيته وديكتاتوريته وتسلطة على المحيط القريب منه، ويرتدي قناعا اخر امام جمهوره ومعجبية.
فالزوج ” الكاتب” هو الذي اخترع كذبة “فقدان الذاكرة”، لانه يريد ان يصل الى مالا يعرفه عن دواخل زوجته، والكشف عن الجانب المجهول في شخصيتها، ورغباتها التي لايعرفها، فهو مثلا يتحدث عن روايته الاخيرة ، التي تصف الزواج بانه مؤسسة للقتل، فهي تتحدث عنها باعتبار انها من اقل رواياته من حيث القيمة الادبية، ولانه يعرف بان مفردات الرواية تؤذيها وتوترها، فانه يعيد على مسامعها مقاطع منها، في حرب مستمرة، كل واحد يريد ايذاء الاخر.
وكلما تصاعد الحوار، كلما كشف عن الهواجس والمسكوت عنه في حياة الزوجة، من غيرة واهمال، وعدم تكافؤ” الشهرة الثقافية”،وان حياتها مخزون من الذكريات الرديئة التي تحضر اكثر كلما شربت اكثر، ولكن المفارقة ان مسالة الافتراق غير واردة، رغم كل ذلك البوح الذي لايحتمل استمرار العلاقة الزوجية، فالزوجة هي التي ضربته على راسه،ليجد مبررا بالعودة اليها مدعيا اصابته بفقدان الذاكرة، ورغم ذلك فان” التواطؤ” من كليهما هو العنوان الاساسي للعلاقة،حيث المشهد الاخير،الذي يعيدهما الى المربع الاول، يجلسان على كنبة، يديران ظهريهما لبعضهما البعض، يشاهدان التلفاز، في حالة من الرتابة والبلادة وغياب المشاعر الانسانية، واستمرا حالة الخداع والتربص في حياة مفرغة من قيمها وقيمتها الحقيقية.
ما يميز العرض، هو الاداء المتدفق والمنظبط، من الممثلين،بالمحافظة على ايقاع الشخصيات، وايقاع العرض، بمختلف تحولات شخصيات مأزومة ومركبة، وديكور يعبر عن برود العلاقة،وصعوبة التفاعل مابين العقل والمشاعر، واضاءة تعبر عن الاحساس الباطني للشخصيات، وحالة الاحتراق والتشظي الذي تعيشة.