بمناسبة اليوم العالمي للمسرح 2019
شعوبٌ تصوغُ له الصروحَ العوالي ، وشعوبٌ تبتكر له اللقاءات والمسمّيات والاعياد ، تُشيّد له المعاهد والجامعات ، شعوب تُصمم له الميزانيات المعافاة سقوفها من اجل ان تحلّق احلامه وبرامجه حرةً في سماوات الابداع والتميّز ، وشعوبٌ قصيرة النظر ، بوجهه تغلق الابواب والنوافذ ، مباركٌ تارةً بوعي من يُثمّن اهميته. وملعونٌ تارةً حين يكون الوعي ظلاميا ، فيتطاول اليومي والعادي والجاهز ، تنشط بؤر السهولة والتسطيح والتسذيج والتجهيل ، وتمرح فايروسات النفاق والتامر والفساد ، ينتعش في زمن الانظمة الديمقراطيه وصعود مناسيب حرية الراي والتعبير ، ويمسي مَكبّاً للنفايات في ازمان القهر والتسلّط والاستبداد …
انه المسرح سيداتي الفضليات سادتي الافاضل ، من تقيمون له احتفالكم هذا ، المسرح ،الفن الانساني العالمي المقدس ، المسرح الذي يأبى ان يسجن قامته المديده في وطن واحد ، هو فن لا وطن له ، المسرح فن وطنه العالم ، المسرح الذي بمجسّات سحره الخارق يعرف كيف يصطاد عشاقه ، لاعبيه ومبدعيه ، هو من اختارني ، شرّعَ لي بوابة افضاله اللآتُحصى ، وبعبقرية ابداعه ومنارات علمومه اعدم طاقتي السلبيه … وصيرني انسانا .
حين شرفتنا عتبات وعينا الاول ، ادركنا قيمة هذا الوسيط الجمالي ، كم هوه ضرورة لازمةٌ ومُلزِمة للشعوب ، صرنا ننشغل به حدَّ الشغف ، وننادي باهميته في التنوير والتجمهر والتثقيف ، والمعارضه والاحتجاج والتمرد ، وبناء المجتمعات الحره المتصالحه …
وهذا المشروع الجمالي – المسرح ، أيها الاصدقاء ، يرفض المتلوّن ونهاز الفرص ، يحب المخاطر الشجاع ، يقتفي اثر المتمرد القادر علىٰ إنجاز نعمةِ التغيير ، أن يقلب الطاوله في كل مره طموحا في اكتشاف واقع جديد …
واذا كنت سامعي وقارئي متردداً متهيباً ، تُفضل السير جوار ظل الحائط ، متهاوناً قانعاً ضعيفاً وخائفاً ، فارجوك سيدي أن تُعجّل وتذهب الى بيتك … فالمسرح يكره الجبناء …
عشنا زمنا كان هاجسنا الاساس أن نوصل مشروعنا المسرحي الى منصة المسرح سالما من كتبة التقارير وهراوة الرقيب ، احياناً ننجح في هذه المهمة الامتحان واحياناً يُطاح بهذا المشروع الثقافي الوطني بتخطيط هذا البصاص وهمة الداعر ذاك ، عشنا زمنا ماكانت تراودنا فكرة ان نكون تجار مسرح او نجوما او ذوي سلطة ومال ، انما جُلَّ ماكان يشغلنا ان نكون بشراً اسوياء ، نعمل بشرف وبشرفٍ نعيش ، ننتمي لاصالة جذرنا العراقي … ونحلُمُ بِمُواطن المستقبل .
فيامن تحلمون بمواطن المستقبل ، بعراقٍ معافىً خالٍ من آفة الطائفية وبذور الفرقة والشتات ، من حرائق العنصرية ، من طباخي الفتن ، ومُشعلي الحروب وأمراض السياسةِ ، التي تُفقّس تخريباً وتدميراً لما انتجته مخاطرة العقل البشري ، واشراقات فكره الخلاق ، ولكل ماصيّره الله وأبدعه … تعالوا معنا نحنُ جبهة المسرح وصناع الجمال ، مَن نُؤمِنُ أن تمكين العلاجات القادرة على تحقيق هذا المسعىٰ النبيل ، هو أن نجري خِفافاً جهة الاهتمام بهذاالفن المقدّس والعظيم … المسرح.
🌸عزيز خيون
مخرج وممثل وباحث مسرحي
مؤسّس ورئيس محترف بغداد المسرحي
العراق بغداد 2019
هامش .. نص الكلمه التي ارتجلتها بمناسبة تكريمي في مهرجان المسرح التجريبي بدورته الثانيه 2019 التي حملت اسمي (دورة الفنان عزيز خيون ) المهرجان الذي اقامته جامعة القادسيه كلية الفنون الجميله- قسم الفنون المسرحيه، ها اني اعيد ترتيب هذه الكلمه ، تدوينها ، ونشرها احتافاء باليوم العالمي للمسرح ، عيد المسرحيين في العراق ، والوطن العربي وجميع انحاء العالم .
💐الصورة : شخصية القرصان ( رسلان ) ، التي جسدّتُها في مسرحية : ( مِدق الحِنّاء ) ، تأليف الكاتب السعودي عباس الحايك ، وإخراج العُماني يوسف البلوشي ، والعمل مثّلَ سلطنة عُمان في مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي 2019 وفاز بجائزة أفضل عمل متكامل في المهرجان المذكور … وهو من إنتاج وتقديم :
فرقة مزون المسرحية في سَلطنة عُمان – ولآية بركاء .