صدر حديثاً العدد الجديد من مجلة “المسرح العربي” الشهريّة الصادرة عن الهيئة العربية للمسرح، متضمِّناً مجموعة من المقالات ذات مواضيع متنوعة اختير لها خانة بعنوان:”مفاهيم”،بمشاركة ثلة من الكُتّاب العرب:
ـ التونسي حاتم التليلي محمودي الذي تناول موضوع “المسرح والثورة في الفرق بين الالتزام السياسي والخطاب الثوري” مستهلا بتوطئة كشف من خلالها عن بعض التجارب السياسية/ الفنية، ليفصح عن مقصوده في البحث عن العلاقة التي تربط الفن بفكرة الثورة ومكانتها في ضوء أجهزتها الحزبية والنقابية وكيفية قراءة راهن المسرح في ضوء هذه الإشكالية؟. من خلال فقرتين: “المسرح السياسي: سؤال الهاوية جماليا؟” و”المسرح في جوهره: رؤية أخرى للثورة”.
ـ المغربي د. محمد لعزيز الذي طمح من خلال موضوعه:”الجمهور في المسرح” إلى تبيان الحدود الفاصلة بين تسميات الجمهور (المرسل إليه، المشاهد، المتلقي، القارئ، الحشد…)، فوزع مقالته على أربعة نقط: (“مكانة الملتقي في المسرح”، “حين يحضر الجمهور المسرحي قبل العرض”، “المرسل إليه أم الملتقي: الحدود الفاصلة”، و”ماهية الجمهور وخصائصه”.
ـ المغربي د. أحمد بلخيري الذي قربنا إلى فن الفرجة لغويا واصطلاحيا معرفا بأشكالها (مسرحية أم ماقبل مسرحية) في مقالته المعنونة ب: ” الفرجة والمسرح”.
ـ العراقي علي العبادي حاول في قراءته إلى تأشير الملابسات في عالم المسرحي وتذويب اليقينيات التي أصبحت شبيهة بالمقدس. في مقالته “إشكاليات في المسرح العربي…الهواية والاحتراف (الهاوي والأكاديمي) أنموذجا”.
ـ الفلسطيني راضي شحادة أثار موضوع الفرق بين التوثيق، والعرض المسرحي ومثال الفرق بين التراث الموثق كما هو وبين الإبداع المستوحى منه والمستحدث عنه مع ذكره لبعض النماذج، وذلك ضمن مقالته التي حملت سؤال”هل المسرح توثيقي وخادم للتراث؟”
وشمل العدد 38 (يوليو 2024) في باب “قراءات مسرحية” مجموعة من المواد تكونت كالتالي:
ـ “المسرح العربي المعاصر إلى أين؟ رؤية تحليلية لواقع المسرح العربي الحديث” / د. راجي عبد الله (العراق)
ـ“مديات التقنيات البصرية في المسرح وتحولاتها الخلاقة”/ يوسف الحمدان (البحرين)
ـ “مفهوم القسوة (أو الأنا الجريح) عند “أنتونان أرطو””/ د. عقا أمهاوش (المغرب)
ـ “مسرح القسوة: الجشع إلى إنسان جديد”/ د. راشد مصطفى بخيت (السودان)
ـ ” فرجة الصورة لا الصوت برج بابل: النص المسرحي متعدد الوجوه”/ عباس منعثر (العراق)
ـ ” الكتابة الجسدية في المسرح” / كريمة كربيطو (المغرب)
ـ ” الأداء الجسدي بين إنتاج المعنى وضياعه مسرحية أهريمان أنموذجا” / يوسف السياف (العراق)
ـ ” سيميائيات الأهواء في مسرحية “الباب والرأس” لرضوان احدادو” / د. عبيد لبروزيين (المغرب)
ـ ” الجسد الفرجوي في مسرحية “وماذا بعد؟”: من التسويم إلى الدل الحدثي”/ كريم بلاد (المغرب)
وحول أهم الإصدارات والمستجدّات على الساحة العربية، سنقرأ ” التنوع الجمالي لفنون الإيماءة (المايم والبانتومايم” لـأ.د أياد كاظم طه السلامي (العراق)، و””الكلاب الميتة” ليون فوسه الحدث خارج المسرح” لحسان العوض (سوريا)، و”قراءة بانورامية لإصدارات الدورة الرابعة عشرة من مهرجان الهيئة العربية للمسرح” لأ.د عامر صباح المرزوك (العراق)، و” المسرح العراقي آفاق ورؤى وتجارب”: تجارب مسرحية تستحق الإشادة” لهشام بن الشاوي (المغرب). كما نتعرف في خانة “سير” على تجارب انجزها كل من: المصري محمد عبد الحافظ ناصف:”التماهي المسرحي في مسرحية “إياكم وليلة زفاف”، والمصري أ.د محمد شيحة :”في التعريف” بنعمان عاشور” المسرح حياتي الطبقة الشعبية للمجتمع المصري”، والسوري وجيه حسن ” الكاتب والمسرحي “وليد إخلاصي”: التنقيب عن الإبداع”
أمّا في باب “تجارب مسرحية” تطرق العدد إلى تجربة من تجارب المسرح السوداني فرقة الأصدقاء المسرحية التي أنجزها أ.د اليسع حسن أحمد (السودان)
وتجدر الإشارة، أن هذا العدد شمل أيضا على ملحق خاص بخصوص النصوص الفائزة في المسابقة العربية لنصوص الأطفال لسنة 2023,
ووجب التذكير، أن غلاف العدد تجمل بصورة لحدث مسرحي عربي قوي وهي لحظة افتتاح المقر الدائم للهيئة العربية للمسرح من طرف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح يوم 26 مايو 2024 .
افتتاحية العدد 38 من مجلة المسرح العربي
اسماعيل عبد الله: علينا أن نملك الجواب والأسباب
“نحن كبشر زائلون، فهل سيبقى المسرح ما بقيت الحياة؟” هذا السؤال الواضح الذي يضمر الجواب داخله جاء على لسان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، خلال كلمته التي القاها في افتتاح المقر الدائم للهيئة العربية للمسرح، الذي تكرم صاحب السمو بمنحه للهيئة في منطقة الحيرة التراثية التي بدأ العمل منذ مدة على إعادة بنائها وإحيائها وتحويلها إلى منطقة ثقافية، وهو السؤال الذي جعله صاحب السمو مرتكزاً لتوضيح رؤيته المستقبلية وفيه إعادة إنتاج لمقولته الشهيرة التي قالها في ختام رسالة اليوم العالمي للمسرح عام 2007 “نحن كبشر زائلون ويبقى المسرح ما بقيت الحياة”، ومابين جملة تقريرية عام 2007 وسؤال عام 2024 مسافة زمنية هي عمر الهيئة العربية للمسرح من ميلاد الفكرة حتى اليوم، وهي سنوات من العمل والبذل والبناء والإنجاز، يعرفها القاصي قبل الداني من مسار هذا الرمز الثقافي العالمي “صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي”.
إذن لماذا واجه مجموع المسرحيين المجتمعين في الافتتاح بهذا السؤال الذي شكل ما يشبه الصدمة؟ إنه السؤال الذي يقدح شرارة الوعي بالأمر، وينير الأفق الذي تتحرك فيه حكمته ورؤاه، فالهيئة التي يفتتح مقرها الدائم هي معقل من معاقل الإجابة على السؤال، بل ووجودها هو الإجابة التامة، وصاحب السمو الذي يتابع الأمور بدقة وشفافية خير من يقيم الأمور، لذا وجد أن هذا البيت الذي أراده بيتاً للمسرحيين العرب، وبعد أن اشتد عوده وأصبح قبلة عربية مسرحية، لا بد له من ضمانة “ليعيش” كما عبر سموه، وبالتالي أراد أن يمنحه أسباب العيش فكان المقر الدائم، بروح التراث والحداثة معاً، وكان الإعلان عن التمكين بوضع “وديعة” مالية تضمن له الاستمرار والاكتفاء.
لذا كان الجواب مضمراً في السؤال، وكان الجواب نعم، وكانت الأسباب لتلك النعم معلنة. فيما خرجنا كمسرحيين نسال أنفسنا: كم من الجهد والإنجاز نحتاج لنكون بررة بهذا العطء وهذه الرؤى العظيمة؟ نعم فنحن نملك الإجابة ولا بد لنا من توفير الأسباب الإبداعية والبرامج الحيوية، والابتكار والتطوير، وعلينا كما أشار للالتفات العميق لحاجات شعوبنا وبلادنا وثقافتنا.