في يوم الاثنين الموافق 11/3/2025 وعلى قاعة المسرح المركزي في كلية الفنون الجميلة / جامعة البصرة، وحدة التعليم المستمر في كلية التربية للبنات وبالتعاون مع قسم التربية الفنية وفي تمام الساعة الحادية عشر صباحا قدم عرض مسرحي تحت عنوان “طوفان الاقصى” من تأليف الدكتور حيدر علي الاسدي وتمثيل نخبة من طلبة الجامعة وإخراج الاستاذ الدكتور سيف الدين الحمداني.
مقدمة :
لا يخفى على العالم أجمع ما مرت به أرضنا العربية طوال سنين من غزوات واحتلال حاولت من خلاله قوى الشر بمختلف أشكالها طمس الهوية العربية وتغييب الصوت الحر عبر وسائل شتى منها الترهيب والترغيب وممارسة التتريك والفرنسة وغيرها، إضافة الى محاولة محو وطمر الثقافة والارث العريق لمعالم مدن بل دول ناهيك عن اغراق وتلف الكتب الغنية بالعلم والمعرفة والثقافات المتنوعة، على وفق ذلك ظهرت أصوات مناهضة لتلك السياسات المقيتة وبرزت شخصيات خلدها التاريخ على مر الزمن وبقيت ذكراها تتناقل عبر بطولاتها مثل عمر المختار وعبد القادر الجزائري والمهدي السنوسي وعرابي وشعلان ابو الجون وغيرهم ممن شهدت له الساحة العالمية بالبطولات والمقاومة، وقد ولد بعد تلك الحركات والمقاومة اجيال نهجو نهجهم في مقارعة العدوان واخر ما شهدته الساحة العربية ظهور جيل ولد من رحم الارض وتغذى على ويلاتها ومعاناتها وسقي من ضيمها الا وهو جيل الطوفان الذي سيخلده التاريخ بعد ان أذل جبروت الصهاينة ومن ساندهم وكسر شوكتهم التي صورت على انها الدرع الحصين الذي لا يقهر ولن يخترق، بل إنهم فتية آمنو بربهم وزاردهم هدى وسدد خطاهم فتحقق النصر بعملية نوعية اطلق عليها ( طوفان الاقصى).
فكرة العرض المسرحي :
انبثقت فكرة العرض من رحم معاناة أهلنا في فلسطين بعد الطوفان، إذ قدم لنا مؤلف النص فكرة موجزة عن احداث بطولية حدثت في الماضي القريب تجلت في احداث مبنية على وفق منهج اكاديمي ضم بداية ووسط وخاتمة تحقق من خلالها البناء الدرامي،
العرض بصورته الحيوية :
بعد ان اجتمعت مقومات النص المؤلف من قبل الكاتب حيدر الاسدي ، قام المخرج سيف الحمداني بوضع دراسة معمقة لفكرة النص وحاول ايجاد الظروف المعطاء ليصيره عرضاً يحاكي الواقع ويعلن انطلاقته من على منصة المسرح في جامعة البصرة وليقول قولته اننا معكم أهلنا في فلسطين وقضيتنا واحدة على الرغم من بعد المسافات غير اننا مؤمنون بأن الكلمة كلمة الحق لا يعلو عليها وان الباطل لابد ان يزهق ..
تبلورت في مخيلة المخرج الحمداني صورة كل طفل وشاب وشيخ فلسطيني وقع شهيدا ارتقى سلم المجد تروت ارض فلسطين بدمه فكان الصوت الهادر والنبت الصالح للأجيال بأصرار وارادة على الوجود، الوجود الملاصق للارض والحامي للعرض، إذ قدم مخرجنا صورة واقعية لأحداث حدثت ولا زالت تحدث عبر قراءة معرفية بزوايا العرض فقد استخدم فضاء المسرح وباحة القاعة ليحرك شخوصه ضمن حركات كروباتيكية معبرة عن الحدث صانعة لوحات متجانسة على شكل مجاميع متقنة التنظيم تضمخت اوجهها بطين لازب في اشارة الى ان الوجوه تلاصقت حبا بالارض، وقد اضاف لجماليات العرض حركات انسجمت عبر نسق متدرج على خشبة المسرح أظهر مخرجنا من خلالها علاقات متبادلة بين الارض والمحيط العربي وهي رسالة واضحة ان مستقبل العرب كمستقبل فلسطين ان سكتوا عن الدفاع عنها، ثم عمل المخرج على ملاصقة العلم الفلسطيني بالعلم العراقي عبر رسم لوحة واحدة حملها مجاميع الممثلين لترسم التماسك والاخوة العربية بين البلدين عبر الزمن وهي نتيجة حتمية للأشقاء ..
الموسيقى والمؤثرات ..
استعان المخرج بمجموعة من المؤثرات الموسيقية للتعبير عن الحزن والبطولات لتكون لوحة زخرفية عبر العرض المسرحي وهي بمثاة اثارة وتشويق يتناغم مع بناء الحدث الدرامي على وفق دراسة اكاديمية خلق اجواء معبرة عند المتلقي فجاء الايقاء متوافقا مع الاداء وعبارات النص المنطوق على وفق متوازن حمل في طياته عددا هائلا من الاهات والنداءات التي من شأنها صياغة عرض ناجح..
الخاتمة ..
ضمن العرض المسرحي المقدم على جمع من المتلقين الاكاديميين والطلبة ذوي التخصص أفرز العرض نتاجا مهما وهو نشر القضية الفلسطينة والتصعيد ضد المحتل الجبان وهي رسالة واضحة مفادها ان العالم يقض على جرائم ارتكبت في وضح النهار ولابد ان يأتي يوم للحساب وبهذا التخليد والتذكير ستكون ادلة دامغة على العدو ان هنالك شعب يباد ويسحق بلا رحمة امام انظار الرأي العام ومنظمات حقوق الانسان والامم المتحد غير ان الصمت القابع هو القناع الحالي واصحاب الحق هم من ينطق به وقد نطق العرض المسرحي بتلك الحقائق ووضعها بين يدي المتلقي ليكون مشاركا ومفسرا وشاهدا على تلك الخيانة.