الكتابة عن مواقف حياتية لشخصية الشاعر كزار حنتوش بما يمتلك من ثقل إبداعي واجتماعي، علاوة على ما يضيفه الخيال المبدع ليكيف هذا الواقع الحياتي دراميا، وهذه مغامرة معقدة. يعتمد النص على الواقع الحياتي لشاعر رسم لنا عالمه منذ بداية إنشاء الديكور، حيث استثمر معرفته الشخصية بعوالم كزار، ولا شك أنه راجع بعض قصائده.
يبدأ الديكور بفراش بسيط على الأرض وكزار معروف بأنه مفعم بالبساطة، صور، مجلات، كتب، طاسة ماء فارغة، تلك التي كانت أمه كما العراقيات تدلق منها ماء الحنين والدعاء ليحفظ لها ولدها، فيروز، والفوضى واستلم من كزار حنتوش الفكرة ليبني مقاربات نفسية روحية ومعنوية بين المبدع ومشاعره حتى الأمور الخاصة جعلها أقرب إلى الناس، فكان النص نابضا بالحياة، أعتمد على ومضات شعرية جاذبة صاغ بها الفكر.
(كل شيء ضاع والطريق إلى الفراغ بعيد)
صارت تلك الومضات قوة فاعلة ليصل من خلالها للعمق الحياتي بما يحمل هذا العمق من مضمر معنوي.
(سري مدفون عند نخلة تقيم هناك)
وارتباط هذا العالم الإنساني بالنخلة بما لها من أبعاد كبيرة في العمل المسرحي، كونها من الرموز الثقافية التي تمثل الحضارة وترتبط بولادة الرمز المسيح، وبولادة الثورة في صلابة ثائر مثل ميثم التمار، محاصر بالحقيقة وفق المعاينة الحياتية والمعادل الإبداعي للنص، هناك اشتغالات تعتمد على رمزية الكفن مع الاختزال والتكثيف تمنحنا جمالية وحيوية الومض، التفاتات محورية تكشف لنا مقدرة المبدع شوقي كريم حسن،
الشاعر:
ـ (يدخل وهو يجر عربة محملة بالأكفان)
ـ احتجت قراطيس فما وجدت سوى الأكفان / تصور كفن الشاعر يحوي أحلامه.
حوارات تثير أحاسيس القارئ وتدفعه للتفكير.
ـ كفن السياب وأيضا كفن رشدي العامل ويوسف الصائغ.
ـ كف أيها الشاب لا تحرق أحزان الدنيا بأفراح الموتى.
تلعب اللغة الشعرية دورا حيويا لتقديم السيرة الغيرية بشكل مؤثر يحفز المتلقي ليشاركه النص، نجد بعض التفاصيل الحياتية للشاعر كزار حنتوش منثورة على جسد النص منذ العتبة النصية الأولى من العنوان إلى الإهداء، مفردات حياتية لها خصوصية الشاعر.
(لولا فيروز وبغداد ورسمية لاقترنت الضفدعة بي والقى العنز على الفضلات)
سعيا لاحتواء حيوية كزار حنتوش أستحضر الشاعرة رسمية زاير محيبس المرأة التي حملها كزار قصيدة شعر وحملته أبجدية حياة يعيد الكاتب شوقي كريم حسن لنا حياه كزار ليجسدها بما تحمل حياته من إثارة وصياغة بعض المواقف التي يمر عليها بريشة فنان يبث فيها الدراما ويمنحها الحيوية ليعيشها المتلقي كما هي في صومعة صعلكته الرصينة.
كزار حنتوش شاعر عراقي من مدينة الدغارة محافظة الديوانية، له مجموعه شعريه بعنوان (الغابة الحمراء) ومجموعه شعرية (أسعد إنسان في العالم) 2001م، ثقافة الكاتب شوقي كريم حسن وحرصه على إنجاز سيرة غيرية فاعلة ومؤثرة، جعلته يتتبع قصائده ولقاءاته الشعرية وتصريحاته اللاذعة ليبني منها ومضاته الحوارية.
(الشاعر يحدث نفسه.. شمس الديوانية الآتية من بطن الغراف… تلك السمراء التي تشبه سبيكة الذهب)
منح النص المسرحي الشاعر صاحب السيرة بعدا اجتماعيا وأخرجه لنا عن نطاق الأعمدة الصحفية إلى عالم المسرح وهذا إنجاز بحد ذاته، والنص المسرحي بمنجزه الكبير هو عبارة عن سؤال وجهه الكاتب شوقي كريم إلى كزار حنتوش عن مجموعته الشعرية (أسعد رجل في العالم) هل حقا كنت سعيدا؟ والوطن النازف أحلامه أضحى بدم الموتى سكران، هل أنت سعيد… يا شاعر والوطن.
من فرط مواجعه أضحى يبحث عن منفى في أي مكان، قدم النص المسرحي سيرة غيرية نابضة بالحياة.