ان التشكيك الذي حاول أن يرمي به البعض للأدوار التي يقوم بها النص المسرحي في الصناعة الإبداعية المسرحية مدعاة للتوقف أمامها، وتبرير حجج الصوت المنادي بظاهرة ضعف النصوص بموت المؤلف، وظهور أدوار فنية أخرى أكثر وهجاً وتناولاً إعلامياً وتكريماً كالممثلين والمخرجين ساهم بدوره في تراجع أسماء المؤلفين المسرحيين ومؤلفاتهم حتى عندما تسأل عن كاتب مسرحي للوسط المتلقي تجد تشكيكاً في الإجابات وخلط ظاهر بين الاسم والإنتاج الأدبي فنجد الاقتراح بأنه شاعر أو روائي أو صحفي وتأتي في آخر قائمة المقترحات أنه كاتب مسرحي، وللتدليل على ذلك سألت عدد من المتلقين وتحديداً من الشباب عن الكاتب بدر الحمداني فذهب الخلط بين اسمه والمؤلف الدرامي التلفزيوني أحمد الحمداني والبعض خمن بأنه صحفي أو روائي، فعلى الرغم من أن الحمداني كاتباً مسرحياُ له أكثر من أربعين نصاً وحصل على جوائز محلية وعربية مسرحية عديدة في التأليف، مازال اسمه غير معروف لدى كثيرين، وكنموذج آخر الكاتب عبدالرزاق الربيعي فكانت الإجابات جميعها تذهب في الإتجاه الأول رغم إنجازاته في الفوز بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي وتقديم أكثر من عرض مسرحي من تأليفة محلياً عمانياً وعربياً وعالمياً إلا أن الكتابة المسرحية تشهد بقصد أو بدونه تراجعاً في وهجها وأسماء مبدعيها وهذا ليس خللاً داخلياً مفاده تراجع الأدوار ولا ضعفاً في الأهمية والقيمة الإبداعية ولا حتى في التاريخ التوثيقي والحضور القوي للنص المسرحي؛ فهناك عدد من أساتذة المسرح بالجامعات والمعاهد المسرحية يٌدرسون نصوصاً مسرحية مكتوبة في القرن الخامس قبل الميلاد ويتناولونها بالتحليل كنماذج جيدة ويحتذى بها في معايير ومبادئ الكتابة المسرحية.
النصوص المسرحية القابلة للتجسيد على الخشبة تحتاج فقط من يبحث عنها بشغف من بين عديد النصوص، وقد يعاد تقديم هذا النص المتميز برؤى ومدارس إخراجيه مختلفه، خصوصا تلك النصوص التي تحمل صبغه إنسانيه وتتناول قضايا إنسانية مشتركة، لتعيش عمراً بيننا وتحمل اسم مؤلفها للأجيال لتكون أيقونة في سماء الإبداع. والشواهد العالمية كثيرة على خلود أسماء المؤلفين المسرحيين كسوفوكليس وشكسبير ومكسيم جوركي وناظم حكمت وتوفيق الحكيم وسعدالله ونوس ورفيق علي أحمد وفاضل الجعايبي، وفي المسرح الخليجي الشيخ سلطان القاسمي ومحمد الرشود وفهد ردة الحارثي وإسماعيل عبدالله وآمنة الربيع ومحمد سيف الرحبي وباسمة يونس وعلي الشرقاوي وغيرهم من المؤلفين المسرحيين الذين تعيش نصوصهم بيننا بموضوعاتها الخالدة.
د. سعيد محمد السيابي (كاتب وباحث مسرحي عماني)