التعاونيةشرفات

اليوم سقطت زهرة المسرح وانطفأت قنديلة بغداد اليوم خيمم السكون على بغداد/ حيدر كاطع المرشدي

ماتت إقبال نعيم فمن يغسل وجعنا الآن؟

أكتب وأنا أرتجف

أكتب وقلبي يصرخ مثل طفل فقد أمه في السوق ولم يجدها حتى الآن

أكتب والدنيا سوداء والمسرح ظلام والبكاء لا يتوقف

رحلت إقبال

نعم لقد ماتت إقبال

ولكن هل تفهمون معنى ذلك

ليس الموت الذي نعرفه ليس مجرد غياب

إنه انهيار

إنه سقوط وطن صغير اسمه إقبال

يا وجعي

من يصدق أن اليد التي ربت كل ممثل عراقي قد بردت؟

من يصدق أن المرأة التي كانت تهمس (شد حيلك راح تكدر) لم تعد بيننا؟

أين ذهب دفؤها؟ أين صوتها؟ أين ملامحها التي كانت تشبه السلام؟

كل خشبة مسرح الآن يتيمة

كل مقعد فارغ يبكيها

كل نص مكتوب ينوح على روحها

يا مسرح العراق

أين وجهك الآن؟

لقد أطفئ النور وانكسرت الستارة ونامت الممثلة الأولى دون وداع دون مشهد أخير

كانت إقبال نعيم أكبر من الفن كانت أنقى من الشهرة كانت أصدق من الأضواء

كانت تسير في الممرات القديمة للمعهد وهي تمسك بقلوبنا

تقرأ النصوص كما لو أنها تسقي وردة

تخرج العرض كما لو أنها تخيط جرحآ في جسد الوطن

أين نذهب الآن؟

من يحتوينا حين تضيق بنا الخشبة؟

من ينهرنا بحب؟

من يربت على تعبنا؟

من يقول لنا ابدأ من جديد بعدك صغير…؟

لقد كانت أما وأختآ ومسرحآ وجدارآ نستند إليه

كان في صوتها عزاء وفي نظرتها مستقبل وفي ملامحها وطن لم يخن يومآ

يا عراق

هل تدرك ماذا فقدت اليوم؟

لقد ماتت واحدة من نبضاتك

لقد انطفأ المصباح الذي كنت تضيء به لياليك

لقد غابت نجمتكِ الأحن

أنا لا أكتب الآن

أنا أبكي

أبكي المرأة التي أنقذت المسرح من السقوط

أبكي الإنسانة التي أهدتنا عمرها دون مقابل

أبكي بغداد لأنها أصبحت أبرد من أي وقت مضى

أبكي لأننا لم نقل لها شكراً

ولم نعانقها كفاية

ولم نمنحها الحب الذي تستحقه وهي بيننا

نمي يا إقبال

نمي على صدر التراب فقد كنتِ أنقى من كل ما فوقه

سنبكيك كلما وقف ممثل على المسرح

كلما ارتفع صوت التصفيق دونك

كلما ذكر أحدهم اسمك فجأة فغص قلبه بالبكاء

إقبال نعيم لم تمت. لكنها أخذت جزءآ من أرواحنا معها

إنا لله وإنا إليه راجعون.

* المعزي حيدر كاطع المرشدي

لا يتوفر وصف.

Related Articles

Back to top button