بالمغرب: مهرجان ركح الوطني للمسرح الاحترافي بمراكش يرسي خطوته الأولى بنجاج/ بشرى عمور

بمناسبة اليوم الوطني للمسرح، وتحت شعار: “مسرح…حب…حياة”، اختُتمت مساء الخميس 29 مايو 2025، فعاليات الدورة الأولى من مهرجان ركح الوطني للمسرح الاحترافي بمراكش، الذي نظمته جمعية ركح للثقافة والفنون بشراكة مع المجلس الجماعي لمدينة مراكش وبتعاون مع كل من ولاية مراكش والمندوبية الجهوية للثقافة ومجلس مقاطعة المدينة، بمركز نجوم جامع الفنا.
فضاء…ذاكرة وتواصل وحوار
شكل اختيار الفضاء (مركز نجوم جامع الفنا وهو رياض كبير تابع لمؤسسة “علي زاوا”) فرصة قوية سواء في تفعيل فكرة المهرجان على نقل أنشطته خارج المسارح التقليدية المغلقة وتقديمها في فضاء مفتوح لتحقيق رؤى فنية متنوعة لإغناء النقاش والتفاعل. أو في رمزية وطابع المكان كفضاء الاكتشاف والذاكرة والانصهار (لأنه على بعد خطوات من ساحة جامع الفنا كفضاء شعبي للفرجة والترفيه). وهذا الاختيار حقق نتائجا ايجابية على مستوى المواكبة اليومية لجمهور غفير بمختلف الأعمار تحدى ارتفاع درجة الحرارة وتقلبات الطقس المفاجئة التي شهدتها مراكش اثناء موعد المهرجان الذي جاء ايضا متزامنا مع اجتياز اختبارات آخر السنة.
تنوع العروض … خلق الفرجة
على امتداد ثلاثة ايام، اعتمد المهرجان تنوع فرجوي تعددت من خلاله تعبيرات فنية تمحورت ما بين المونودرما والحكاية الشعبية والكوميديا السوداء ،قدمت بأساليب مختلفة لتساير هدف المهرجان الأساسي هو التواصل وتبادل الثقافات خصوصا أنه مهرجان غير تسابقي.
شهد اليوم الاول مونودراما لفرقة السلام المسرحي مراكش بعنوان:“نيني يا مومو” تأليف مولاي عبد الحق الصقلي، وإخراج عبد العزيز أوشنوك، وتشخيص الفنانة نادية المسناوي. التي أبدعت في تقديم الشخصية المحورية “شامة” إلى جانب باقي الشخصيات الثانوية. لأن أسلوب المسرحية هو أسلوب السرد داخل السرد، حيث يتم إدماج عدة شخصيات في شخصية واحدة، واستخدام تقنيات التمثيل داخل التمثيل. كما تتنقل المسرحية بين الأزمنة والأمكنة، ما يمنحها بعدًا فلسفيًا ودراميًا غنيًا، يعكس تطور الكتابة المونودرامية في المسرح المغربي.
ففي رحلة انطلقت من مرحلة الطفولة إلى النضج عكست معاناة امرأة أمنت بأحلامها وسعت لتحقيقها وسط تحديات فرضت عليها قيود عرقلت مساراتها وانهكتها لتصل إلى مرحلة الاستسلام. فإصابتها بداء السرطان شكلت لها صدمة قوية فهي لم تخشى الموت بقدر تخوفها من مصير طفلتها التي ستبقى وحيدة عرضة للضياع الذي اكتوت بنيرانه.
اليوم الثاني اتحفتنا فرقة “فانوراميك لفنون العرض بمسرحيتها “خلخال وغربال” تأليف د. نزهة حيكون، وإخراج: عادل أبا تراب. تشخيص: جميلة الهوني، كمال كاظمي، فاطمة الزهراء شتوان، علال خوادر، فيصل كمرات، أنور البونية، ومحمد الوراق.
عرضت المسرحية في قالب التراث “الهواري” من خلال شخصيتين أساسيتين هما “حماد وحمادة”. زوجان تشاء الأقدار أن يتفرّقا لسنين طويلة بسبب هوس الرجل “حماد” بهذا الفنّ ما يجعله يزهد في دنياه تاركا وراءه كل شيء حاملا عشقه لحمادة ورغبته في أن يمتهن الفن “الهواري”. كما تضمّنت المسرحيّة شخصيّاتٍ أخرى لا تقلّ أهميّة وتشويقًا عن الشخصيتين الرئيسيتين. فالعمل مستوحى من التراث الشعبي قدم في قالب جديد يتناول قضايا تتعلق بالصراع بين التقاليد والحداثة، مع تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الأفراد في المجتمع. فحقق فرجة كبيرة استحوذ من خلالها على متابعة ومشاركة قوية من الحضور بما فيهم الأطفال.
واختتم اليوم الاخير بعرض ينتمي إلى الكومديا السوداء لفرقة مواطن الشارع مدينة فاس يحمل عنوان:” امل Hope ” تأليف جماعي، وإخراج مراد قط، تشخيص: حمزة هندة، يوسف الطراش، مروان زكري، وأمينة ويداني.
مسرحية “أمل” هو تجسيد للإيمان بأن المسرح هو ليس أداة ترفيه، بل اداة للتغيير الاجتماعي، صوت للمهمشين و منارة الأمل، فالمواضيع التي اختير طرحها تعتبر تابوهات يحرم/ يمنع الخوض فيها. فالعمل تعاطى إليها بشكل ساخر مع الاحتفاظ بجانب الجدية في مضمونها ليوصل رسالته التي تتوخى إلى بناء فضاءات قائمة على الحوار، التضامن، والمشاركة.
التكريم.. لحظة الاعتراف بنكهة الحب:
شهدت هذه الدورة ايضا حفل تكريم لثنائي جمعهما الحب والمسرح وانطلقت شرارة علاقتهما بالمهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدارالبيضاء, الكاتبة والباحثة المسرحية الدكتورة نزهة حيكون والسينوغرافي الأستاذ مصطفى دوادة. الذي ختم كلمته اثناء الحفل:” علاقة حصدنا منها أربعة أولاد: ضحى ونهى ويحي وفانوراميك”.
الورشة…خلق فرص لصقل المواهب الشابة
تعززت هذه الدورة طيلة أيامها بتقديم ورشة في تقنيات فن الممثل (الصوت والجسد) أطرها الفنان و الممثل (عصام الدين محريم) بمشاركة 20 متدربا من الجنسين قد استفادوا كثيراً على اعتبار أنهم لأول مرة يخوضون هذه التجربة في تكوين الممثل من ناحية التنفس والتركيز والأداء الحركي وأسلوب التحكم في الصوت وحركة الممثل على خشبة.
تضمنت الورشة جانبين أحدهما نظري والآخر عملي، لترسخ هدفها في تقديم مبادرة لصقل المواهب المسرحية، بهدف مساعدتها على الأداء/ التشخيص سواء من باب الهواية أو الاحتراف، من خلال تجسيد أدوار مختلفة وتقمص شخصيات متعددة بطريقة تقنع الجمهور.