الدعم المسرحي بين التحفيز والتوريط/ عماد فجاج

صدر مؤخرا عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، نتائج دعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع المسرح برسم الدورة الأولى لسنة 2025. وكما جرت العادة، انقسمت ردود الفعل بين راض وصامت، وساخط ومقصي، ومستفيد متوجس.
بصفتي مخرجا ضمن فرقة استفادت من هذا الدعم، أرى أنه من واجبي أن أعبر عن موقفي بشفافية ومسؤولية مهنية، بعيدا عن منطق الاحتجاج الانفعالي أو التهليل الانتهازي.
لقد تم تخصيص مبلغ 140.000 درهم للفرقة التي أخرج لها العرض المسرحي، وهو مبلغ، رغم كونه يدخل تحت مظلة الدعم، يظل أقرب إلى التوريط المالي والمعنوي منه إلى التحفيز الإبداعي. فمن يعرف متطلبات إنتاج عرض مسرحي بمهنية واحترام لفريق العمل، يدرك أن هذا الرقم لا يغطي حتى الحد الأدنى من الكلفة الفعلية، ناهيك عن الطموحات الفنية والتقنية.
لا أقول هذا من باب الجحود، بل من باب النزاهة الأخلاقية والفنية. فلئن كانت هناك أسماء داخل اللجنة معروفة بكفاءتها ونزاهتها، فإن وجود أسماء أخرى تفتقد الحد الأدنى من المعرفة بالمجال، أو ترتبط مواقفها بخلفيات غير فنية، يثير كثيرا من علامات الاستفهام حول معايير التقييم.
لقد سبق لي أن عبّرت في مناسبات مختلفة عن آرائي النقدية تجاه بعض الأسماء التي تتكرر في المشهد التدبيري للجنة الدعم، وها أنا اليوم أجد نفسي، كمستفيد، أطرح نفس السؤال القديم: هل ما زلنا نحكم على المشاريع أم على أصحابها؟
إن منح دعم هزيل لفرقة لها مشروعها واشتغالها ليس إنصافا، بل يشبه كثيرا “رفع الحرج”. وكأن الرسالة الضمنية هي: “نمنحكم شيئا حتى لا يقال إننا أقصيناكم، ولكننا لن نمنحكم ما يمكّنكم فعليا من الإنجاز.”
نعم، “حوتة وحدة كتخنز الشواري”، ولكن من حقنا أن نسائل: لماذا الشواري مغلقة أصلا؟ ولماذا نصر على إبقاء السمك الجيد في جوار الفاسد؟
ليس المطلوب أن يحصل الجميع على دعم مرتفع، بل أن تشرح المعايير بشفافية، وتضمن عدالة التوزيع، ويصغى للملاحظات المهنية لا يقابلها التجاهل أو التضييق.
المسرح ليس امتيازا، بل خدمة عمومية، ولا يمكن للدعم أن يكون وسيلة لتدبير الصمت أو تصفية الحساب، بل يجب أن يكون آلية للعدالة الثقافية وتحفيز الإبداع الجاد..
* عماد فجاج / مخرج مسرحي