كلمة اليوم الوطني للمسرح التي تصدرها فرقة مسرح جسور منذ 2016 

العدد العاشر ل 14 ماي 2025 من توقيع الكاتب والسيناريست والممثل الاستاذ بوبكر فهمي 

في مثل هذا اليوم، 14 من شهر ماي من كل سنة، يحتفل المسرحيون بالمغرب بأبي الفنون، هذا الفن العريق الذي ظل، على مرّ السنين، نبضاً حيّاً لثقافتنا، ولساناً ناطقاً بهموم الناس وآمالهم، وساحةً للتعبير الحر والإبداع المسؤول. لقد شكّل المسرح في بلدنا عبر عقود، منبرًا حرًا ناقش قضايا الناس، وأضاء زوايا كانت معتمة في واقعهم، بفضل مبدعين وهبوا حياتهم لهذا الفن النبيل.

فقد ظل المسرحيون المغاربة يبدعون فوق الخشبة رغم التحديات، حاملين قضايا الناس وهمومهم، ومساهمين في الوعي الجماعي وبناء الذوق الفني. هذا المسرح الذي تميز في بلدنا بتنوعه، حيث جمع بين الأمازيغي والعربي، والحساني و بين الحداثي والتقليدي، مما أكسبه غنى ثقافيًا فريدًا جعله منبرا للتفاعل الإنساني العميق ورسّخ قيم الهوية والانتماء وفتح أيضا آفاق الحوار بين مختلف الثقافات.

لكن هذا الاحتفاء يأتي اليوم في سياقٍ لا يخلو من تحديات، حيث يواجه المسرح المغربي ظروفاً صعبة تتجلى في قلة الفضاءات المجهزة، وغياب التشجيع من طرف المسؤولين عن القطاع الثقافي بالجماعات الترابية، وتراجع الإقبال الجماهيري في بعض المناطق، إضافة إلى التحديات المرتبطة بالتكوين والتأقلم مع الأساليب الجديدة في مجال الإنتاج الفني وتقنيات التواصل مع الجمهور. ما يدفعنا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى الدعوة لتظافر الجهود بين الفاعلين الثقافيين، والمؤسسات الرسمية، والمجتمع المدني، من أجل النهوض بالفعل المسرحي، وتحقيق العدالة المجالية في الولوج إلى المسرح وإلى باقي الأنماط الثقافة عموما.

ورغم كل هذه الصعوبات، يظل المسرحي المغربي وفياً لرسالته، والمسرحيون المغاربة متمسكين بشغفهم، ومؤمنين بأن المسرح ليس ترفاً، بل ضرورة حضارية وثقافية.

تحية تقدير وامتنان لكل المسرحيين المغاربة – كتابًا، مخرجين، ممثلين، وتقنيين – هؤلاء الذين واصلوا الإبداع رغم الإكراهات، مؤمنين بأن الخشبة ليست فقط مكانًا للفرجة، بل مدرسة للوعي، ومختبرًا للحرية، وجسرًا بين الفن والحياة.

فلنُكرم المسرح وأهله، ولنجعل من هذا اليوم محطةً للتفكير والتجديد، حتى يظل المسرح المغربي منارةً تُنير دروب الوعي، والإبداع، والحرية.

كل عام والمسرح المغربي بخير.

بوبكر فهمي/ ممثل، سيناريست وكاتب مسرحي