التأويل الواحد في تحويل النص الشعري إلى مشهد مسرحي او سينمائي / صهيب محمد

عند تحويل النص الشعري إلى مشهد سينمائي او مسرحي، تتبدى عملية التأويل بشكل أحادي، وهو أمر قد يُعتبر ضرورياً ولكن قد يحمل في طياته تحديات متعددة. فعلى الرغم من الإضافة التي يطرأ بها التجسيد المرئي على النص، إلا أن هذه الإضافة غالباً ما تأتي على حساب التعدد الذي يميز الشعر. يتم تحديد مناخ القصيدة العام، بحيث تُرسم حدود صورية ثابتة توجه المتلقي نحو تأويل محدد، مما يقلص الفضاءات الشعرية ويقلل من الحرية التي يمنحها النص في تفسيره.
الشعر يُعد مساحة لانهائية من التأويلات والتجارب الشخصية، حيث يتفاعل القارئ مع الصور والكلمات بحرية تامة. هذه اللامحدودية هي التي تمنح الشعر قوته وتنوعه. ولكن، عندما يتحول النص إلى مشهد مسرحي او سينمائي، تصبح الصورة هي المهيمنة، وتُجسد اللحظة الشعرية في شكل ثابت، مما يفرض تفسيراً واحداً قد يضيق أفق القصيدة ويغلق الطريق أمام القراءات المتعددة.
إن الترجمة البصرية للنص الشعري قد تساهم في إضفاء بعد جديد من القوة البصرية، ولكنها، في الوقت نفسه، تُقلص تلك المساحات المفتوحة التي قد يكتشفها المتلقي في النص الأصلي. المسرح السينما، على الرغم من إمكانياتهما الكبيرة في توصيل المشاعر والرموز، لا تملكان تلك القدرة على الانفتاح التي يُمكن أن يتيحها الشعر، لأنهما يفرضان مشهداً ثابتاً يتم رؤيته من زاوية واحدة.
في النهاية، يبقى السؤال: هل هناك حالات يمكن فيها للمسرح او للسينما أن تُحافظ على تلك الفضاءات الشعرية الواسعة وتقدم النص الشعري مع تأويلات متعددة؟ الإجابة قد تكمن في الابتكار في التقديم المسرحي والسينمائي، حيث يمكن للمخرج أن يخلق مساحة تفاعلية بين الصورة والشعر، بحيث يترك مجالاً واسعاً للمتلقي ليعيد بناء معانيه الخاصة من خلال الصورة كما لو كانت الشعر نفسه.