في خضم تفاصيل المهرجان الوطني للمسرح في دورته 24 وضمن فقرة التوقيعات ، يحدث هذه السنة أن يتم اختيار كل الكتب الموقعة من صنف الإبداع، فنحن أمام نصوص مسرحية تتنوع بين المكتوب بالعربية و الفرنسية ثم مسرحية الطفل، وبغض النظر عن هذا الاختيار الذي احتفى بالنص المسرحي دون كتب النقد المسرحي ، فإن الاختيار في عمقه يجد تبريرا شافيا، كون التوقيعات مصحوبة بقراءات لمقاطع من النصوص من طرف فنانين ممثلين يثرون النص بأدائهم الصوتي عبر قراءة إيطالية باذخة، ولعل الاحتفاء بالنص المسرحي في صيغته القرائية وسيلة أوفى لمصالحة فئة واسعة من الذين خاصموا الكتاب مدة طويلة مكتفين بالمشاهدة المسرحية.
في سياق الكتاب المسرحي، فإضافة لمعرض الكتب المسرحية المفتوح طيلة أيام التظاهرة، يحسب لمجهودات المهرجان الوطني إصداره لكتاب بعنوان”رهانات الإخراج المسرحي بالمغرب”، وهو مصنف جماعي يضم مداخلات أشغال الندوات الفكرية للدورة السابقة (2023)، و قد أشرف على إعداده وتنسيقه وإخراجه في طبعة بهية كل من الدكتور عصام اليوسفي و الدكتور محمود الشاهدي، وضم مساهمات لأسماء مسرحية مغربية وازنة جمعت بين النقاد والباحثين والممارسين. إنها أفكار وطروحات تتجانس بين ضفتي كتاب بديع يوثق لفعل التفكير في المسرح من خلال تيمات ومواضيع حارقة، وإذا كان إصدار الكتب و المصنفات خلال المهرجانات أمرا طبيعيا، فهي بدعة حسنة نتمنى تثبيتها كمكتسب وحق أصيل، خاصة وأن تيمة الندوة الفكرية بجلساتها الأربع لهذه السنة قد اختصت بالسينوغراف وعلاقته بالمتفرج، والممثل، والكاتب ثم المخرج، وهو موضوع له حساسيته و زخمه من حيث أبعاده الجدلية في الممارسة المسرحية المغربية الحالية، و قد تطرقت الأوراق ثم مجموع التدخلات لتفاصيل شتى لا يستقيم بعدها إهدار جهد المشاركين و المتدخلين والقائمين على هذه الفقرة في المهرجان سدى دون توثيقه في مصنفات تليق بأهم مهرجان مسرحي في المغرب من حيث القيمة والتراكم و الإشعاع .