في بادرة فريدة يحتفي هذه السنة المهرجان الوطني للمسرح المنظم بمدينة تطوان، بالزي المسرحي عبر معرض أسماه منظموه “حياكة الزمن”، و يضم المعرض عددا من القطع الملبسية لعدد من الأسماء التي لمعت في سينوغرافيا الجسد، فهناك الرعيل الأول مع ماريا الصديقي ثم الجيل الحديث مع خريجي المعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي الثقافي ونذكر هنا: بدر السعود الحساني، نورا إسماعيل، سناء شدال، رفيقة بن ميمون ثم الدكتورة صفية المعناوي والدكتور طارق الربح وأخيرا أسماء هموش وهي من أحدث أجيال مصممي الزي المسرحي.
هو متحف للفرجة أو ما تبقى منها، فحين يغيب الضوء و الحدث و الحوار، و ينطفئ الجسد، يبقى الكائن الغريب، الحالة البصرية المتماسكة، الجلد الثاني على حد تعبير تايروف في تعريف الناقد المسرحي باتريس بافيس في معجمه المسرحي.
تتنوع أمام الزائر الأشكال و الأحجام و الألوان، إنها اختيارات جمالية تفرضها حبكة العرض المسرحي، لكن المتتبع لفن الزي المسرحي يجد أن لكن مصمم نَفسُه الخاص في نسج أفكاره فوق جسد الممثل، فحين يتجه مصمم إلى استثمار التراث الملبسي التقليدي داخل نسق درامي جديد، يحاول آخر البحث عن غرائبية معينة في التعبير عن شخصية ما، وقد يختار آخر الاقتصار على تنفيذ زي بسيط المظهر لكنه يحمل في ثناياه تفاصيل لا يدركها المتفرج للوهلة الأولى.
يدوم المعرض طيلة أيام المهرجان، ونؤكد هنا أن الزي كعنصر سينوغرافي لا ينتهي بنهاية العرض المسرحي، بل يمكن أن يكون مادة متحفية رائعة إذا اهتمت وزارة الثقافة والمسؤولين عن شأننا الثقافي بحفظها .
ولا عجب في نفس سياق حديثنا، أن يكون لفرنسا مؤسسة إسمها( cncs) Centre national du costume et de la scène المركز الوطني للزي و الركح ،وهي تعنى بالذاكرة البصرية للمسرح عبر زيه بالأساس.
يفتح هذا المعرض داخلنا أسئلة جوهرية عن موقع فرجتنا المسرحية من الذاكرة، وفي زمن يغيب فيه توثيق العروض و تضيع تجارب عديدة دون قلم يخلدها، ينفلت أمامنا الزي المسرح، كأحد الشواهد على شخصيات إنتهت من دورها لتدخل عالم العدم، وحين يكون الزي كائنا حساسا، ومعرضا للتلف والإندثار، وقد يعدمه أصحابه مع نهاية سلسلة العروض التي تشكل حياته، يُسائلنا بكل حرقة عن حقه في أن يخلد وجوده ولو كمادة متحفية، تحكي للمتفرج/ الزائر زمن مجده ومعه مجد حقبة مسرح مغربي له باع وصولة لا يمحيها التاريخ مهما غيبتنا أيادي النسيان.