احتضن المركب الثقافي بمولاي رشيد يوم الاربعاء على الساعة 16:00 مساء في الثالث من يوليو 2024 حدث جوهري به انقشع ضباب المساء على المدينة الساحرة، الدار البيضاء، ليفتح الستار عن اليوم الثالث من الدورة السادسة والثلاثين للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي. كان هذا الحدث الثقافي المرموق بمثابة باقة من الزهور المتنوعة، جمعت بين ألوان التقاليد وعبق المعاصرة، لتعبر عن حكايات الشباب وأحلامهم بألوان نابضة بالحياة.
في هذا اليوم، ارتقت الأرواح مع العرض المبهر التي رقصت على أوتار القلوب. تألق العرض المسرحي كزهرة كرز تنبض بالحياة، مزجت بين تراث اليابان العريق وابتكارات المسرح الحديث. كما سطعت مسرحية جامعة الدار البيضاء كنجم ساطع في سماء الفن، ناقلة رسائل اجتماعية بروح مغربية أصيلة، وبتقنيات فنية مبدعة.
كان هذا المهرجان واحة من التبادل الثقافي والفني، حيث تجمعت الفرق المسرحية الجامعية لتنهل من معين الخبرات، وتتعرف على أساليب مسرحية جديدة، فتتلاقى الأرواح وتتعانق الأفكار، مما أضفى على الحركة المسرحية بريقاً وتألقاً على الصعيدين المحلي والدولي.
في عالم مليء بالضجيج والصخب، وقف المسرح الصامت إندونيسي كملاذ هادئ، يروي الحكايات ويعبر عن المشاعر دون الحاجة إلى الكلمات. هذا الفن الفريد، المعروف باسم “Pantomim »، اعتمد على الأداء الجسدي البارع والتعبير الحركي لنقل القصص والأفكار.
تميز المسرح الصامت إندونيسي لمسرحية “الفلك الذي يظل صامتا ” بقدرته الفائقة على استخدام لغة الجسد وتعبيرات الوجه لإيصال المعاني والمشاعر. تطلب هذا العرض مهارات عالية في التحكم بالحركة والتنسيق الدقيق، حيث تمكن الممثلون من خلق عالم كامل باستخدام حركاتهم فقط. من خلال تحريك أجسادهم بمرونة وإتقان، استطاعوا نقل كل التفاصيل الدقيقة والرموز التي جعلت الجمهور يعيش التجربة بعمق.
لعبت الموسيقى دورًا جوهريا في المسرح الصامت، حيث عززت الأجواء العامة وأضافت بُعدًا آخر للعرض. استخدم الفنانون الموسيقى التقليدية، مثل آلات “الكمان”، بالإضافة إلى الموسيقى الحديثة، لخلق خلفية صوتية دعمت وكملت الأداء الجسدي. هذا التزاوج بين الحركة والصوت خلق تجربة حسية متكاملة أثارت العواطف وحفزت الخيال.
استمد العرض المسرحي الصامت إندونيسي إلهاماً من الفلكلور المحلي والأساطير التقليدية. من خلال أداء مسرحي صامت، أُعيد إحياء قصص مثل “رامايانا” و”ماهابهاراتا”، مما أتاح للجمهور فرصة لرؤية هذه الحكايات بعيون جديدة. قدم هذا العرض مزيجًا من الثقافة التقليدية والابتكار الفني، مما جعلها تجربة فريدة استحقت المشاهدة.
تطلب المسرح الصامت مستوى عالٍ من الإبداع والارتجال، حيث شُجع الفنانون على إضافة لمساتهم الشخصية إلى العرض. ظهر هذا الإبداع في كيفية توظيفهم للأزياء والماكياج لتوضيح الشخصيات والمشاهد، بالإضافة إلى استخدامهم للتقنيات الحديثة مثل الإضاءة والمؤثرات الصوتية لتعزيز الأداء.
بقي المسرح الصامت إندونيسي في الدار البيضاء تجربة فنية غنية تجاوزت حدود اللغة، ولامست قلوب المشاهدين بطريقة فريدة. من خلال هذا الفن الراقي، تمكن الجمهور من الاستمتاع بحكايات مؤثرة ومعبرة رُويت بدون كلمات، ولكنها تحدثت إلى الروح والعاطفة بوضوح وجمال.
ظل المسرح الصامت للفرقة إندونيسية بالدار البيضاء شاهدًا على قدرة الإنسان على التعبير والإبداع بأقل الوسائل وأبسطها، حيث أصبحت الحركات والإيماءات وسيلة قوية لنقل أعمق المشاعر وأجمل الحكايات. في هذا الفن الراقي، وجد الجمهور نفسه جزءًا من قصة رُويت بدون كلمات، ولكنها بقيت محفورة في الذاكرة بروعتها وصدقها.