شهِدَ بيت الفلسفة نهار السّبت 8/6/2024 حفلَ إطلاق معجم الفجيرة الفلسفيّ بحضور نخبة من الفلاسفة والمثقّفين من دولة الإمارات العربيّة المتّحدة والعالَم العربيّ.
استُهِلّ الاحتفال بكلمةٍ لمدير بيت الفلسفة والمشرف الإداريّ على المعجم الأستاذ أحمد السّماحيّ الّذي أكّد أنّ المشاريع الّتي يضطلع البيت الثقافيّ النهضويّ هذا بالقيام بها مشاريع تجديديّة، وابتكاريّة، والأهمّ من ذلك كلّه أنّها مشاريع تحافظ على هويّتنا العربيّة الإبداعيّة المنفتحة على الجميع والمحتفظة بخصوصيّتها وإبداعها. وتابع قائلًا: “هذا المشروع المتفرِّد ليس وليد اللّحظة أو الحماسة بل هو مشروع طويل الأمد سيمتدّ ليخرج في خمسة أجزاء تعقبها تصويبات وتطويرات. إنّ ربط هذا المعجم الفلسفيّ بالفجيرة لهو ربط يُعبِّر عن انتمائنا واعتزازنا بهويّتنا وبدورنا الرياديّ في صناعة الحضارة وابتكار القول الفلسفيّ”.
ومن ثمّ تحدّث مُحرِّر المعجم وعضو لجنته العلميّة د. باسل الزّين موضحًا جملة عناصر أساسيّة انعقد عليها تحرير المعجم أبرزها: أزمة توحيد المصطلحِ وَرَسْمه، والتّعويل على فكرةِ الخروجِ بهوّيّةٍ مصطلحاتيّةٍ جديدةٍ تكونَ محلَّ توافقٍ واتّفاق. وضروة التحرّر من المركزيّة الأوروبيّة وما يستتبعه هذا الأمر من ضرورة صوغ موادّ هذا المعجم صوغًا عربيًّا سليمًا، وإلباسه لبوسًا عربيًّا أصيلًا، وجعله غايةً معرفيّةً عربيّةً في ذاتِها وليس وسيلةً لِنَقْلِ أفكارِ الأغيارِ بلغةٍ هزيلةٍ مُفَكَّكةٍ تُحاكي البنيانَ التركيبيَّ الأعجميَ. فضلًا عن مراعاة فرادَته الّتي تتأتّى من أنَّه كُتِبَ بِلِسانٍ عربيٍّ وذهنيّةٍ عربيّةٍ في آنٍ معًا.
أمّا عميد بيت الفلسفة الدكتور أحمد برقاوي فأكّدَ أنّ فرادةَ معجمِ الفجيرةِ الفلسفيِّ تتأتّى من كونِهِ أوّلَ معجمٍ عربيٍّ يضمُّ نخبةً كبيرةً من أهمّ الفلاسفة والمشتغلين بالفلسفةِ من معظم الأقطار العربيّة؛ ومن كونه أوّلَ معجمٍ يُكتَبُ بذهنيّةٍ عربيّةٍ بعيدًا من الحمولات الإيديولوجيّة والتصوّرات القَبْلِيَّة، ويحتفي بالإرث الفلسفيّ العربيّ الّذي طوَّر واقع الإنسان فكريًّا وسيّاسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وعزّز روح البحث المستمرّ، والحريّة الفكريّة والتّسامح العقليّ. ناهيك بفرادة تقسيمه، ذلك بأنّه لم يشتمل على أبرز المفاهيم الفلسفيّة فحسب، بل اشتملَ كذلك على أبرز المدارس الفلسفيّة، وعرضَ لأمّات الكتب الّتي وَسَمَت تاريخَ الفكر الفلسفيّ، وتناولَ أهمّ المشكلات الفلسفيّة العربيّة الرّاهنة، وأسهبَ في ذكر أبرز الأعلام منذ فجر الفلسفة اليونانيّة حتّى يومنا هذا. وتابع قائلًا: إنّ معجمَ الفجيرة الفلسفيّ نتاجُ مجهوداتٍ جبّارة، وسنوات من العمل المشترَك والبحث والدّراسة المستفيضة، وهو إضافة قيّمة من شأنها أن تُغنيَ المكتبة العربيّة؛ وهو استمرارٌ لنشاط العرب المعجميّ الّذي أنتج معجم الجرجانيّ، ومعجم الكليّات لأبي البقاء الكَفويّ”
أمّا الدكتور الزّواوي بغورة عضو اللجنة العلميّة، فتحدّث عن الآليّة التي جرى بموجبها اختيار الباحثين، وتحكيم المواد، بدءًا من الإلمام الفطِن بالمادّة المُسنَدة إلى الباحث، مرورًا بالإضافة أو الجديد الّذي وجب على كلّ مشارك أن يأتي، فضلًا عن الإحاطة والدقّة والقراءة الخاصّة والتّأويليّة والتفحّص النقديّ للمشكلات الفلسفيّة، والرصد التاريخيّ لتكوّن المفهوم وتطوّره، ورصد التباينات في داخل المدرسة الفلسفيّة الواحدة، وتبيان الإضافات التي أتت بها الكتب الفلسفيّة المذكورة.
أمّا الدكتور محمد محجوب عضو اللجنة العلميّة، فركّز على الاقتبال العربيّ للفلسفة والمفاهيم والمشكلات الغربيّة الواردة في المعجم، مُبيّنًا أهميّة أن ينطوي معجم على آراء الفلاسفة العرب الّذين تبّنوا منهجيّات بحث أو مدارس فلسفيّة غربيّة وبِمَاذا افترقوا عنها وأضافوا إليها، كلّ ذلك في سبيل التمهيد لفلسفة عربيّة أصيلة تكون نتاج مجتمعاتنا وفلاسفتنا وتعكس هويّتنا ومشكلاتنا.