صدر مؤخرا (2024) عن “دار الأمان” بالرباط، للكاتب والناقد المسرحي الدكتور أحمد بلخيري كتابا جديدا يحمل عنوان: “السيميائيات-التداولية المسرحية ودراسات مسرحية أخرى”.. يتضمن هذا الكتاب الذي يقع في حوالي 220 صفحة من الحجم الكبير، دراستين مختلفتين ما يلي:
“حددت اللسانيات أو علم اللغة La linguistique موضوعها مع فرديناند دو سيسير من خلال كتابه “دروس في علم اللغة العام” الذي نشر سنة 1916 بعد وفاته. إن موضوع علم اللغة في كتابه هذا هو دراسة اللغة “في ذاتها ولذاتها” حسب تعبير هذا الأخير. ظهرت بعد نشر الكتاب المذكور سنة 1916 الدراسة البنيوية للغة حيث تكون دراسة بنية اللغة، وتحديدا بنية الجملة ومكوناتها من الداخل، بعيدا عن السياق الخارجي، إذ يوجد في هذه البنية تنظيم ذاتي داخلي. وقد ميز سوسور بين اللغة La langue والكلام Le langage وهي إحدى الثنائيات الموجودة في كتابه السالف الذكر. علم اللغة هذا يتضمن علوما فرعية عديدة منها علم الأصوات La phonétique، وعلم وظائف الأصوات La phonologie إلخ. ثم ظهرت التداولية La pragmatique التي تدرس اللغة في سياق الاستعمال أي سياق التواصل. لذا، فإن التداولية تضع في الحسبان المتكلمين والسياق. المتكلمون والسياق والتواصل هو ما لم يكن موضوع بحث في الدراسة البنيوية للغة. هذا، وتوجد في التداولية فروع عديدة، الحدود بينها، حسب وصف باتريس بافيس في معجمه، غالبا “غامضة جدا”. من هذه الفروع “فلسفة الفعل والتداولية الأمريكية” (بورس PEIRCE، موريس MORRIS)، ونظرية أفعال اللغة (أوستين Austin، 1961؛ سورل Searle، 1972، 1982)، وإشكالية التلفظ (بينفينيست،1966، 1974؛ كيربرا-أوريشيوني Kerbrat Orecchioni، 1980، 1984، 1996؛ مانغونو Maingueneau.، 1975، 1981).إشكالية التلفظ تميز بين الملفوظ (ما قيل) والتلفظ (طريقة قول الملفوظ). وبسبب هذه الفروع المتعددة المرتبطة بالتداولية، اعتبرها باحث إيطالي”سلة مهملات اللسانيات”.
وفي دراسة أخرى ورد ما يلي:
هذه التداولية ليست تداولية مسرحية بل هي تداولية لسانية أي أن موضوعها منحصر في الألفاظ ومستعمليها باعتبار اللغة اللفظية أداة تواصل. وغني عن البيان أن لغة العرض المسرحي تتكون من عدة أنساق أو أنواع من العلامات لا يشكل النسق اللغوي إلا واحدا منها. إنه مجرد جزء، أما في التداولية اللسانية فهو موضوعها الوحيد”.
“وفي دراسة أخرى، توجد إحصائيات تتعلق بجُمهور المسرح في فرنسا، اعتمادا على بحث أنجزته وزارة الثقافة في فرنسا سنة 1987، حيث تم تسجيل انخفاض منتظم في ارتياد الجُمهور المسارح. ففي سنة 1973 ذهب إلى المسرح 12٪ من الفرنسيين من خمس عشرة (15) سنة فما فوق على الأقل مرة واحدة في السنة، وفي سنة 1981 لم يكونوا أكثر من 10٪، وفي سنة 1987 كانت هذه النسبة في حدود 7٪. انخفضت النسبة المئوية إذن في ظرف خمس سنوات بنسبة 5٪. وحسب بحث الوزارة المعنية، فإن نسبة الذهاب كانت مرتفعة أكثر في باريس وضواحيها بالنسبة للأطر العليا والمهن الحرة (25٪)، وبالنسبة للأطر المتوسطة والمهن الوسيطة (15 ٪). هذه النِّسب المئوية تنخفض بالنسبة للعمال والمزارعين والأشخاص الذين تفوق أعمارهم ستين سنة. وقد خلص البحث إلى أن هناك “نخبوية” بالنسبة لجُمهور 1981، وكذلك نوع من “التبرجز” و”الشيخوخة”. هذه الأخيرة تتجلى خصوصا في الطبقات التي تتراوح أعمارها بين 40 و59 سنة (28٪)، وكانت نسبتها المئوية سنة 1981 23٪ أي أن نسبة الشيخوخة ارتفعت بعد خمس سنوات بنسبة ٪5 . أما الفئة من 25 إلى 39 سنة، وهي الأكثر أهمية حسب غوردون، فقد مرت من 39٪ سنة 1981 إلى 32٪ سنة 1987. وبهذا، فقد انخفضت النسبة المئوية الخاصة بهذه الفئة الاجتماعية بنسبة 7٪.
وبالنسبة لأبحاثها هي الخاصة بالمسارح ذات الأهداف الثقافية، خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، فقد تم تسليط الضوء على سبيل المثال على الكوميدي فرانسيز فقد تردد على هذا المسرح 33٪ من الأطر العليا والمهن الحرة، و24 ٪ من الطلبة والتلاميذ، و21٪ من المستخدمين والأطر المتوسطة، و1٪ من العمال. أما في المسرح الوطني الشعبي TNP، فقد تم إحصاء 35٪ من المستخدمين والأطر المتوسطة، و29٪ من الطلبة والتلاميذ، و23٪ من المهن الحرة والأطر العليا، و3.5٪ من العمال. وبالنسبة لمسرح الشمس فقد ارتفعت النسبة المئوية الخاصة بالعمال بالمقارنة مع النسبتين المئويتين السابقيتن الخاصيتن بهذه الفئة، إذ بلغت النسبة المئوية 6 ٪”