ملاحظــة جــد هامــة: بمناسبة ذكرى معركة إيسلي في 14 غشت سنة 1844.
شكلت مسرحية “إيسلي”، و هي من إنتاج فرقة محترف الفدان للمسرح بتطوان سنة 2018 بدعم من وزارة الثقافة و الشباب و التواصل قطاع الثقافة، تجربة نوعية ضمن دينامية المسرح المغربي المعاصر، إذ إختار لها المخرج محمود الشاهدي المسار الأصعب لتنفيذ رؤيته للعمل عبر مسرحة الفضاءات التاريخية و المتحفية التي تُعرض بها حصرا دون قاعات العرض التي ألفها المتلقي المسرحي، لتنسجم هذه الرؤية مع القالب الدرامي للمسرحية التي تدور أنفاسها مباشرة بُعَيْد المعركة التاريخية “إيسلي” التي وقعت في 14 غشت سنة 1844 ، و ما أعقبها من تحولات مجتمعية و سياسية في مغرب القرن 19 ممتدة في الزمان و المكان.
إذ يسعى العمل و هو من تأليف أحمد السبياع إلى الكشف عن بعض نتائج و مآلات هذه المعركة و منها الطريقة التي اختار بها السلطان آنذاك المولى عبد الرحمان معاقبة قواد الجيش المنهزمين، إذ تدور أحداث المسرحية في بيت أحدهم و هو القائد يحيى بن براهيم و تسارعها من خلال ثنائيات الشجاعة و الحب ، الخيانة و الوطنية، و موقع المرأة (الأم و الزوجة و الحبيبة و البنت ) من مسار كل هذه الأحداث .
الفرجة المسرحية لا تكتمل حسب رؤية المخرج محمود الشاهدي إلى من خلال تقديمها داخل الفضاءات المتحفية و التاريخية لتضع الجمهور في قلب الحدث الدرامي، إذ من خلال عروضها العديدة بكل من فضاء دار الصنائع و الفنون الوطنية بتطوان وفضاء جمعية أبي رقراق بسلا و رياض المدينة و مركز النجوم بفاس ومتحف القصبة بطنجة و مركز التعريف بالتراث بالدار البيضاء، عاش المتلقي الحدث التاريخي و تفاعل مع الممثلين كلَ وقائعِه في تجربة نوعية تسهم إلى جانب تجارب أخرى عديدة في تعزيز دينامية المسرح المغربي و تطوير أساليب إشتغاله.
كما أن الأداء المتميز لهاجر الشركي وعصام الدين محرم و رضا الدغمومي و رجاء بوحامي و سارة بواتي ومحسن حمود، نقل العرض المسرحي إلى أبعاد أخرى يُتَخَيَل للمتلقي فيها أنه داخل واقع معزز آني بتوابل فنية من الماضي تَفنَن في تقديمها كل الطاقم إضافة إلى سناء شدال في تصميم الملابس و رشيد الخطابي في السينوغرافيا و محسن البودرار في الموسيقى وزكريا البوتناني في الإضاءة و محمد عبو و محمد الهرموش في المحافظة العامة وعبد الله الطالب في التنسيق و البرمجة ، طاقم يواصل التنقل بين التجارب المسرحية ليحط الرحال قريبا عند تجربة جديدة في إطار التوطين المسرحي للفرقة المسرحية بالمركز الثقافي القنيطرة و في إطار التسويق لدينامية الفعل الثقافي بتطوان.