لا يذهب الظن لدى البعض ممن تعود أن يكون مدافعا ومحتجا لأجل الهيئة أن ثمة دوافع خاصة أو شخصية أو نوايا مبيتة وراء مناقشة وتشخيص ملاحظات ومتابعات لما يجري في عمل الهيئة العربية للمسرح من خطط وممارسات وتنظيمات واتفاقات تضعها وتنفذها وتشاركها مع عدد محدد ومعلوم من الاسماء الفنية التي تتعامل معها خلال مواسمها وتوقيتاتها الفنية والاجتماعية بل أن الدافع هو تقييم حقيقي ومعرفي وثقافي وفني بتجرد من العواطف والولاءات لجدوى وضرورة ما قدمته الهيئة العربية بعد مضي سنوات على أنطلاقتها وعملها وتوّسع حركتها وأنشطتها وجسور علاقاتها، أولسنا مطالبين بمعرفة ما تم تحقيقه على أرض الواقع المسرحي العربي الذي ينوء بأثقال وهموم وتقلبات سياساته وتحولاته وارهاصاته الاجتماعية والاقتصادية والمهنية وأتساع الهوة ما بينه وبين متلقيه بفعل الحضور المهيمن والمؤثر لعالم السوشيال ميديا في الحياة الانسانية وفي فضاء المسرح وأيضا بفعل ما يشهده أبو الفنون من تراجع دعم واهتمام ومغايرة خطط في أغلب بلداننا العربية؟ لذا ومن أجل تصويب المسار والتأكيد على الاهداف والضرورة التي أستدعت وجود وأنبثاق هذا الكيان الثقافي والفني العربي الذي قامت من أجله الهيئة وخصصت لها أمانة ثابتة كما يبدو بذات الاسماء وبذات المهام وأن كان البعض قد جاء بعد سنوات من عملها والتحق بها لفترة من الزمن مثل الفنان المغربي القدير (الاستاذ الحسن النفالي ) والذي ألتحق بها في العام 2017 كمدير للمهرجانات ومعه الاعلامي (عبد الجبار خمران ) لمتابعة المواضيع التي تتعلق بالهيئة ومواقعها الاعلامية الا أن البقية من الفنانين كانوا متواصلين في العمل منذ لحظة أعلان التأسيس والمباشرة حتى يومنا هذا اضافة لبعض الاسماء التي يتم أختيارها من بعض البلدان العربية لتشكل ما يشبه مجلس مستشاريين لادارتها الثابتة والتي تتغير أحيانا وتثبت في أحيان أخر حسبما تكون الظروف وتقلباتها ! والسؤال الذي ينبري أمام أنظارنا والذي لابد لنا من طرحه هو ما الذي قدمته الهيئة العربية للمسرح العربي وأحدثت من خلاله طفرة أو جدة أو حداثة ملفتة في الاساليب والطرق والمضامين الفكرية، وما الذي أبتكرته من خطط وصياغات عمل وتلاقح فكر مسرحي مما يعد تجديدا وتحديثا في الحياة المسرحية العربية واستنهاضا لها ؟ أقامت الهيئة مسابقات للنص المسرحي للكبار والصغار ووضعت الجوائز المادية لتلك النصوص الفائزة والتي كان من المفترض أن يتم الاشتغال على النصوص التي تكون في المقدمة كأن يتم تكليف عدد من الفنانين شبابا أو روادا لتنفيذ تلك النصوص وتحويلها الى عروض مسرحية تؤكد حضورها وأهميتها وأيضا تخلق لونا جديدا ومحفزا للمتابعين والمهتمين بالظاهرة المسرحية حين تقام مهرجانات الهيئة السنوية وتكون بمثابة نشاط مهني يعزز واحدا من أهداف الهيئة وتوجهاتها وأن تحول تلك النصوص الفائزة في مسابقات الهيئة الى مطبوعات توزع على الضيوف والمشاركين في مهرجاناتها وأن تدعم تلك النصوص حين يروم أحد فناني المسرح انتاجها في بلده، ثم نتسأل عن المسابقات الاخرى والتي تتحدد بالأبحاث العلمية التي تخص الظاهرة المسرحية والتي ينبغي أن تتطابق عناوينها وجدواها مع حاجات المسرح العربي وتوجهاته وطرق مغايرته وتفعيله وأن تكون الابحاث الفائزة بعناوينها المنتقاة بدراسة ومتابعة مفاتيح لأقامة ندوات فكرية مصاحبة لمواسم الهيئة العربية السنوية لتكون الاستفادة العلمية جليّة وقادرة على تفعيل حراك مسرحي يبنى على أسس علمية وفنية وجمالية سليمة !! وماذا عن الملتقيات التربوية التي تخص المسرح المدرسي والانشطة المدرسية ماهي الابحاث والدراسات التي قدمت وتم تحويلها الى مطبوع أو كراس تدوّن فيه الرؤى والاقتراحات والاراء حول جعل المسرح المدرسي متاحا وضروريا في مناهج الدراسة العربية ومتواجدا في الانشطة الدراسية الاولية؟ أوليس هذا جزءا من أهداف الهيئة وشروطها التي قامت لاجلها ؟ ونعود الان لنتسأل ما الذي تم استخلاصه والتوصية به من قبل لجان التحكيم بعد نهاية كل دورة سنوية تقيمها الهيئة العربية في هذا البلد أو ذاك ممن اختارت وثبتت، أليس هناك من توصيات وتنويهات وملاحظات تدعو الى الأخذ بها لغرض خروج تلك المهرجانات المقامة من سكونيتها وتوقعاتها وتكررها ؟ من شروط الهيئة في بداية انطلاقتها هو أن يكون النص المقدم في العروض المشاركة في المسابقة الرسمية محليا أو عربيا بغية تنشيط الكتابة المؤلفة أو المعدة عن روايات أو نصوص عربية فهل تم قضم هذا الشرط والتغاضي عنه في المهرجانات التي أقامتها الهيئة العربية للمسرح كما تم التغاضي عن زمن العرض المحدد في أن لايقل عن الخمس وأربعين دقيقة أو الخمسين دقيقة حتى في العروض التي تكون موازية في حضورها؟ كيف يتم أختيار لجان المشاهدة والانتقاء ولجان التحكيم وعلى أي أسس ومعايير معتمدة بوصف العروض المسرحية التي تدخل المسابقة الرسمية لا تحظى الا بفرصة واحدة اذ تقوم المسابقة على أختيار أفضل عرض مسرحي واحد بغض النظر عن وجود ممثلين متميزين أو نصوص متفردة أو سينوغرافيا ملفتة في العروض المسرحية الاخرى المشاركة !!
ولأن الهيئة العربية تهمنا جميعا كمسرحيين بتجلياتنا المتنوعة ونسعى جاهدين للاستفادة من وجودها بشكل حقيقي وحضاري فللحديث تتمة ….
** د. عواطف نعيم / كاتبة ومخرجة مسرحية