يسترق الكاتب المغربي عبد العزيز طيبي مؤلف النص المسرحي «المزلاج» والمنشور علي موقع الفرجه، القارئ التفكيكي من الوهلة الأولي لإستهلاله لقراءة النص الذي استهله عبدالعزيز طيبي بصوت صرير مزلاج يفتح ويدخل للمسرح «الشخص». بطل نصه المسرحي المكون من ثلاثة مشاهد تدور احداثها في غرفة ذات فضاء رحب اشبه بغرفات الحجز أو الزنازين الموجوده في الاجهزة الأمنيه التي تتعامل مع المجرمين شديدي الخطوره.
وفي حوار مونودرامي يتسأل هذا الشخص لماذا آتو به الي هذا المكان ؟وما جريمته ؟وهل مشاهدته للطيور التي تنعم بحريتها. وتتناول الحبوب جريمة كانت سببا لمجيئه الي هذا المكان ؟ام ان محاولة التفكير والتعمق في ذلك هي السبب؟ وهل لو صرخ متحررا من صمته يكون بذلك قد اقترف جريمه ؟ام ان الصمت في حد ذاته جريمه ؟ام ان حواره مع نفسه هو الجريمه ؟إن هذا الشخص المصاب بفوبيا الخوف يعري لنا واقعنا العبثي الذي نتجرع مرارته يوميا من خلال سرده لما راه في الحديقة وهو يشاهد الطيور إذ آتت سيده لديها كلاب مدربه وألقت لهم بعض من اللحم وبعد أن فرغت الكلاب من تناول طعامها آتي بعض الاطفال لتأكل ما تبقي من الكلاب ويبقي المشاهد والمتفرج المتابع لهؤلاء الأطفال صامت مقيد وينتهي النص بتسأول هام حول الإنسان وهل الشخص خائف منه ام ممن؟انا؟انت؟نحن؟ .
إنّ القراءة التفكيكية ليست هي التي تقول ما أراد القول قوله، بل تقل ما لم يقله القول والقراءة بهذا المعنى تتيح تجدد القول، أي قراءة ما لم يقرأه المؤلف، وهذا معنى قول التفكيكيين أن النّص ينطوي على فراغات، لأن النّص في حقيقته كوّن من المتاهات.و هكذا يبنى النّص على الغياب والنسيان الأعلى الحضور والتذكر. والغياب هو غياب الجسد والدال والحجب هناك يلجأ إليه المؤلف عمدا، لسبب من الأسباب ولكنه أيضا حجب يتم من دون قصد المؤلف، بسبب مضامين أيديولوجية تتسرب إلى النّص، ويقتصر تأثيرها على تغليف الحقيقة بقشرة خارجية أو جعل ما ليس بحقيقي تعلقا من خارج وهكذا فإنّ التفكيكية تعطي السلطة الحقيقية للقارئ لا للمؤلف. كما تركز تركيزاً كبيرا على الكتابة باقتلاع مفاهيم الكلام والصوت وتقتل أحادية الدلالة وتدعو إلى تشتت المعنى بتخليص النّص من القراءة الأحادية وتدعو التفكيكية إلى موت المؤلف وميلاد القارئ,
وتعتبر النصّ جملة من النصوص السابقة أو إقصاء لنصوص متعددة إن عبدالعزيز الطيبي في نصه «المزلاج»والذي حمل اسم نصه مضامين عديده سنتطرق اليها بعد تفسير كلمة مزلاج معجميا وشرح معناها لتفسير الدلالة المقصوده منها
مِزلاج: (اسم)
الجمع: مزاليجُ
المِزلاجُ : قِطْعَةٌ مِنَ الْحَدِيدِ أَوِ الخَشَبِ تُسْتَعْمَلُ لِإِغْلاَقِ البَابِ ، كالمِغلاقُ إِلا أَنه يفتح باليد ، والمغلاق لا يفتح إلا بالمفتاح
زَلَجَ: (فعل)
زَلَجَ مِنْ فَمِهِ كَلامٌ : صَدَرَ عَنْهُ دونَ تَفْكيرٍ ثُمَّ نَدِمَ عَلَيْهِ
زَلَجَ البابَ زَلْجًا : أَغلقَهُ بالمزلاج
اي ان الدلالة او القصدية في اسم النص المسرحي لعبد العزيز طيبي تحمل أكثر من مضمون فقد يراها القاري أنها رمز لقيد الحريه ويراها آخر أنها كناية عن صدور كلام دون تفكير ثم الندم عليه لكني أري أن الكاتب قد تأثر بلوحة المزلاج للفنان الفرنسي جان اونوريه فراغونار 1778 حين تنظر إلى هذه اللوحة وتتأمّلها مرارا لتكتشف أن الرسّام يدعوك للدخول في لعبة بصرية مراوغة لا تعرف أين تبدأ ولا كيف تنتهي. المكان الذي تصوّره اللوحة غرفة نوم. وقد قسّم الفنان الغرفة قُطريا إلى جزأين. الجزء الأيمن، أي حيث يقف الرجل والمرأة، وهو مضاء بالكامل. والجزء الأيسر، حيث السرير وملحقاته، يقع في الظلمة.
في الجزء الأيمن نرى رجلا يحتضن امرأة بينما يحاول غلق مزلاج باب الغرفة. المرأة تبدو منهكة ويائسة وهي ترفع نفسها بتثاقل من على السرير.
في الجزء الأيسر من الغرفة تبدو محتويات السرير من وسائد وستائر وفرش وهي على حال من الفوضى وانعدام النظام.
المشهد مليء بالإشارات والاستعارات والرموز التي تفتح على أكثر من احتمال وتدفع بالمتلقي لأن يكوّن تصوّره الخاص حول طبيعة ما يراه أمامه.
لكن يمكن القول إن هناك احتمالين رئيسيين قد يفسّران ما يحدث في اللوحة. الاحتمال الأول أن اللوحة تحكي عن حادثة اغتصاب أو مقدّمة لعملية اغتصاب.
من الواضح أن الشاب يحاول أن يقفل الباب. لكن المرأة تقاومه وتحاول منعه من ذلك. هو يعرف أن نجاحه في إغلاق القفل سيسهّل له مهمّة ارتكاب جريمته. والقفل في هذه الحالة هو رمز لمقاومة المرأة وتمنّعها. الشابّ يبدو مضطربا والمرأة في حالة قريبة من الانهيار. انفعالاتها وحركاتها تعطي انطباعا بأنها غير راغبة في الإذعان لنوايا الشاب، لذا تدفعه عنها بعيدا.
وهذا ما تأثر به عبد العزيز طيبي فنجد بطل نصه المسرحي «الشخص» بعد سماع صوت صرير المزلاج يبدو في حالة قريبه من الإضطراب و يخبرنا ان مايحدث معه إنتهاك لآدمية الإنسان اي اننا أمام محاولة إغتصاب للإنسان أو أننا ننتظر حدوث الإغتصاب وإن المزلاج في هذه الحالة هو رمز لإنتهاك آدمية «الشخص »الذي لم يعرف جريمته التي بسببها جاء الي هذا المكان وان المغتصبين هم من آتو به لهذا المكان وفي حالة الإضطراب تلك نراه يتجادل مع نفسه في لعبة حواريه يطرح من خلالها أفكار تتعلق بالوجوديه والليبراليه والمادية الجدليه والحرية الداخليه وإنتهاك حرية آدمية الإنسان وكأنه يسوق لنا حقوق الإنسان المشروعه وجاء ذلك متسقا مع صوت صرير المزلاج الذي يجعل من هذا «الشخص» يشعرنا بتصاعد حالة الإضطراب التي اصابته وتبرز لنا علاقة الشخص مع الآخر المجهول الذي هو رمز للسلطه أو القدر الذي يحاول تأطير الشخص وتتصاعد اللعبة المراوغه التي ارادها الكاتب و التي تجد نفسك كقارئ لا تعرف متي تبدأ ومتي تنتهي . لقد استطاع الكاتب أن يقدم لنا جدلية فلسفيه للبحث عن الحريه وعبر لنا من خلال بطل نصه الاوحد كيف ان الإنسان موضوع داخل اطر في هذه الحياه هذه الأطر تفرض عليه التفكير بالطريقة التي أرادها واضعي هذه الأطر أنها رسالة قدمها لنا بطل نص عبدالعزيز الطيبي في جدليته
أنها رسالة قدمها لنا بطل نص عبدالعزيز الطيبي في جدليته للبحث عن الحريه وهي ان نتحرر من الداخل أولا ونكسر كل الأطر التي تم وضعها حولنا إن كنا نريد أن نصون آدميتنا .