عبد الحسين علوان
توجد محاوﻻت جيدة لديمونة عطاء المسرح العراقي
الذي كان يوما في مقدمة المسارح العربية
حاوره من باريس ـ حميد عقبي
كان المسرح العراقي في مقدمة المسارح العربية ولكنه الأن يعيش وضعاً صعباً ومرتبكاً رغم وجود بعض التجارب الفنية والعزيمة على الصمود ضد الإنهيار التام..ماذا بقي من الإرث المسرحي للرواد وكيف يفكر شباب المسرح العراقي؟
نلتقي في هذا الحوار مع الفنان المسرحي د. عبد الحسين علوان الذي يقيم بين تونس وكندا وسيعرفنا بجمعية العنقاء للفن المسرحي في تونس ورابطة الفنانين واﻻدباء العراقيين في كندا والعديد من القضايا المهمة كما سنستمع لرأيه بعدة ظواهر ككثرة المهرجانات المسرحية العربية والمنهج التجريبي..تعالوا بنا لنكتشف المزيد في هذا الحوار المهم.
* دفعت الظروف البعض للهجرة من العراق وأنت واحد منهم..هل تتابع المشهد المسرحي العراقي بالداخل؟ كيف تراه؟
ـ منذ بدايته عام 1968 وأنا مرتبط بالمسرح العراقي، لذلك من المستحيل ان تفارقني كل تلك الذكريات لغاية مغادرتي عام 1999
انا متابع لكل مايقدم في المسرح حاليا ، وعلى تواصل مع اغلب المبدعين من مؤلفين ومخرجين وممثلين .
واحيانا التقي بهم في المهرجانات العربية وخاصة مهرجان ايام قرطاج المسرحي في تونس ومهرجان المسرح العربي للهيئة العربية للمسرح . او حين ندعيهم للمشاركة في المهرجان الدولي مرا للمسرح النسائي الذي انا فيه كمدير فني للمهرجان لثلاثة دورات اخرها 2017 .
اما عما اراه اﻻن فالحالة التي يمر بها العراق بعد اﻻحتلال اﻻمريكي عام 2003 اثرت على الحياة الثقافية والفنية وبطبيعة الحال اثر الوضع على المسرح ونتاجاته رغم قيام البعض من الفنانين بمحاوﻻت جيدة لديمونة عطاء المسرح العراقي الذي كان يوما في مقدمة المسارح العربية .
* يجري حاليا انتخابات نقابة الفنانين العراقيين وتكثر الوعود والمغريات للمشاركة وهناك من يرى بعد أن تنتهي هذه المناسبة سيعم الجمود وتتمتع الهيئة المنتخبة بالامتيازات ..كيف تنظر لحالة هذه النقابة؟ برأيك هل أصبح الفساد عام ؟ هل من حلول؟
خمول النقابة السابقة والخلافات بداخلها اضاع الكثير من حقوق الفنانين
ـ مرت نقابة الفنانين العراقيين بمرحلة خمول بسبب عدم وجود قيادة متمكنة من قيادة النقابة ، واقصد هنا نقيب الغنانين وبعض من مجلس النقابة والقسم اﻻخر استقال لوجود خلافات مع النقيب. وهذا الخمول اضاع الكثير من حقوق الفنانين، واثر على ارتباط الفنانين بالنقابة ، كما لم تكن هناك متابعة ﻻحوال الفنانين الصحية والقسم الكثير رحلو بسبب وضعهم اﻻقتصادي الذي لم يعينهم لشراء اﻻدوية.
نأمل في اﻻنتخابات القادمة ان تتحسن ظروف النقابة من خلال المتقدمين لمنصب النقيب والمجلس وهم فنانين مشهود لهم بالكفائة . والمشكلة ليس هناك فساد بقدر ماهو اهمال وعدم ممارسة النقيب لواجباته كنقيب للفنانين لوضع خطط لتحسين ظروف النقابة المالية لمساعدة الفنانين .
والحل هو ان يٱتي نقيب ومجلس للنقابة يتحمل المسؤولية لانقاذ النقابة من الخمول لتقوم بواجباتها المهنية.
* يرحل كبار رواد المسرح العراقي في صمت ويندثر ما قدموه بسبب عدم التوثيق ..لماذا لا يحدث تحرك جاد للتوثيق؟ وهل من مقترحات لفعل شي؟
الحالة بدون توثيق وكاننا في العصور المظلمة
ـ قبل سقوط بغداد كان هناك مركز للتوثيق المسرحي في دائرة السينما والمسرح ، يحتوى على تاريخ كامل لمسيرة المسرح العراقي ، فكان يقتصر على الوثائق.
وبعد ان رحل الفنان احمد فياض المفرجي الذي كان مسؤوﻻ عن المركز، لم يكن هناك بديلا له فاغلق المركز، وزاد الطين بله هو سقوط بغداد عام 2003 فضاعت كل الوثائق وانتهى دور المركز.
عام 2018 اقترحت انا على وزارة الثقافة ﻻقامة متحف وطني لحفظ المقتنيات المسرحية من وثائق وازياء واكسيوارات وكل مايتعلق بالفنانين والمسرحيات والجوائز . اﻻ ان المقترح لم يلق استجابة وظلت الحالة بدون توثيق وكاننا في العصور المظلمة .
* ما الذي يغريك بتونس ومسرحها؟
الحياة الثقافية متطورة في تونس
ـ تونس بلد جميل وشعبها شعب يملك الشهامة العربية ، والحياة الثقافية فيه متطورة من مسرح وشعر وادب
وموسيقى وغناء.
والمسرح اصبح له مركز مرموق بالمسرح العربي من خلال مخرجيه وممثليه ، كما ان كثرة المهرجانات المحلية والعربية تجعل المسرح في حياة مستمرة ، ويظل المخرحون والممثلون في عمل مستمر . اضافة الى وجود شركات الانتاج وهناك العديد من الجمعيات التي تقدم عروض على مرور العام ، وتدعم وزارة الثقافة تلك العروض بتبني عروضها ووضع مناهج لعرضها في الوﻻيات التونسية لقاء دعم مالي . وبتلك الطريقة يبقى النشاط المسرحي في نشاط مستمر.
لذلك اعحبتني الحياة في تونس ، فتراني اقضي ستة اشهر في تونس، وستة اشهر في كندا من كل عام .
وتعرفت على العديد من الفنانين الكبار والشباب في تونس .
* أنت رئيس رابطة الفنانين واﻻدباء العراقيين في كندا..نود أن تعطينا نبذة عن هذه الرابطة وهل لها أنشطة عملية ؟
ـ ياصديقي رابطة الفنانين واﻻدباء العراقيين في كندا منظمة غير ربحية تاسست عام 2013 ، وحاءت بمبادرة من مجموعة من الفنانين واﻻدباء العراقيين في كندا بضرورة تاسيس رابطة يعبرون من خلالها عن ارتباطهم بالوطن والتعريف عن نشاطاتهم في المهجر . وبذلك اطلقنا تاسيس الرابطة وانتخبت كرئيس لها .
واقامت الرابطة عدة نشاطات منها اماسي ثقافية مع فنانين وادباء عراقيين وتحاورنا خلالها عن مسيرة كل واحد ووصلت الى حوالي عشرة اماسي . كما اقامت ثلاثة معارض تشكيلية لفناني وفنانات عراقيات .
كما منحت الرابطة 35 وسام لفنانين عراقيين في كندا لمسيرتهم المعطات وبحضور السفير العراقي في كندا.
وندرس حاليا تقديم عرض مسرحي ( موندراما ) في كندا بالاتفاق مع جمعية العنقاء للفن المسرحي التونسية.
* بعض الشباب المسرحي العراقي يخوض تجارب تجريبية ويرى أن الإرث القديم مشوه بالفكر القومي والشعارات الزائفة والبعض يرى أن هذه التجارب لا تعتمد على أسس ولا أساليب..ما الذي يحدث بالضبط؟ كيف تنظر لمسارات الشباب؟
ـ قدم المسرح العراقي منذ انطلاقه اروع الانتاجات المسرحية على يد كبار الفنانين من مخرجين لهم مكانتهم في مسيرة المسرح العربي ، حيث الراحلون ابراهيم جلال وجاسم العبودي وبهنام ميخائيل وبدري حسون فريد ويوسف العاني، واﻻن غانم حميد ومحسن العزاوي ومحسن العلي والدكتور سامي عبد الحميد والدكتور صلاح القصب والدكتور عقيل مهدي وغيرهم.
اما محاوﻻت الشباب في الوقت الحاضر فتبقى محاوﻻت بعيدة عن التقاليد التي تركها لهم اساتذتهم في المسرح سواء من خلال الدراسة او العمل معهم في بعض المسرحيات ، فهم لديهم رؤاهم الخاصة في كيف ان يكون المسرح . وهي لطبيعة الحال تختلف اختلاف بعيد عما درسناه عن المسرح العالمي ومدارسه ومناهجه.
* أنت نائب رئيس جمعية العنقاء للفن المسرحي ـ تونس..نود التعرف على أهم منتجكم المسرحي؟ وكيف تتجاوزون مشكلة العائق المادي؟
ـ جمعية العنقاء للفن المسرحي من الجمعيات الناشطة في تونس قدمت العديد من المسرحيات التي جمعت الشباب من الهواة وكان اخرها مسرحية سندريلا كتابة درامية واخراج ارتسام صوف . وعملت انا فيها كمشرف فني .كما اقامت الجمعية العديد من الورش للشباب في مجال المسرح .
اما اهم حدث للجمعية فهو تاسيس المهرجان الدولي مرا للمسرح النسائي حيث قدمت ثلاث دورات منه اخرها الثالثة عام 2017 ، وهي تستعد لتقديم الدورة الرابعة في اكتوبر 2919.
وتعتمد الجمعية على دعم اﻻعضاء لها ، والدعم من بعض الشركات ووزارة الثقافة اﻻ انه ليس بمستوى الطموح.
واهم حدث للجمعية هي حصول عرضها ( على بابك يفلسطين ) بحائزة افضل نص وافضل ممثلة ﻻرتسام صوف وهو عمل من نوع (المونودراما ) كما حصل الفنان مختار الكحلاوي على جائزة افضل ممثل في مهرجان قفصة الدولي لمسرح الطفل عام 2017 عن دوره بمسرحية ( سندريلا ).
* تكثر الأصوات المنادية بضرورة أن ننقذ ذائقة الجمهور ومد جسور جديدة وتغير أساليب العمل المسرحي لكن أغلب المخرجين يظلون كما هم..برأيك ما الحلول؟ وإلى أين ستقودنا اتساع الفجوة بين المسرح والجمهور؟
ـ لعله اصبح من الضروري اليوم ان تصبح مادة المسرح ماده تدرس في كل المدارس بداية من سنوات الدراسة الأولى لان مادة المسرح لا تصنع فقط فنانين بل تخلق جمهورا متذوق للمسرح .
ايضا لا يمكننا ان ننكر بان المسرح اليوم يتغير وتدخل عليه تقنيات جديدة على المخرجين الاستفادة منها و توظيفها لانه لانه لا يمكننا ان نبقى واقفين في اماكننا والعالم كله يتقدم وعلى المخرجين ادراك هذه المسالة والاستعانة بالمختصين في هذا المجال.
* ينتعش النقاش عن ميلاد الرابطة العربية للمسرح ..نود أن نتعرف رأيك كعضوء ما الدور المهم لهذا الكيان وتفاصيل أكثر عن المشروع؟
ـ انبثاق فكرة تأسيس الرابطة العربية للمسرح ، جاءت في الوقت المناسب لجمع شمل الفنانين المسرحين العرب واقامة للورش والتربصات والتكوين للنهوض بقطاع المسرح ، وتقديم الخدمات التكوينية والعلمية والثقلفية للشباب العربي بمختلف شرائحهم ،والتدارس في وضع المسرح العربي
وتسجل هذه المبادرة الفضل للفنان نوار الضووي الذي الذي وضع اسس المبادرة .
انا ارى بان الرابطة سيكون لها دور كبير في الساحة المسرحية العربية خاصة بعد المؤتمر التاسيسي الذي من المؤمل عقده في تونس في سبتمبر 2018 لكونه سيضع اﻻسس الصحيحة لمسيرة الرابطة ووضع نظامها اﻻساسي وطرق الدعم المالي وتوزيع المراكز اﻻدارية.
نحن اﻻن على تواصل فيما بيننا كهيئة تاسبسية لوضع بعض اﻻفكار.
مالذي يغريك بالفن المسرحي ؟
المسرح يعلمك على العمل الجماعي والتفكير بعمق
ـ العمل المسرح عمل جميل اضافة الى كونه ثقافة اضافية للتعريف على عالم المسرح بما فيه من مدارس ومناهج .
عشقته منذ عام 1968 بعد ان رايت فيه هواية جميلة سرعان مانتقلت الى اﻻحتراف واكملت دراستي في العراق وكندا وامريكا .
كما يعلمك على العمل الجماعي والتفكير بعمق .
اما اخطر مافيه هو الغرور وعدم اﻻستماع الى نصائح اﻻخرين ﻻن فقط عيناك ﻻتخلق شيء على المسرح ، في حين هناك عدة عيون تشاهد المشهد.
* يغيب النقد المسرحي الجاد رغم وجودالآلاف يحملون درجات علمية علياء..أين تكمن المشكلة بالضبط من وجهة نظرك؟
النقد المسرحي يعاني من ضعف
ـ يقوم النقد المسرحي على القراءة التحليلية و التاويلية للعروض المسرحية و ممارسته تقتضي جملة من الشروط ينبغي ان تتوفر في شخصية هذا الناقد اهمها المعرفة المنهجية و الخبرة و الممارسة و الحساسية الجمالية .
النقد المسرحي يعاني من ضعف ومحدودية الخبرة فاصبح اقرب الى متابعات صحفية تنزلق الى نزعات انطباعية و معيارية مما يؤدي الى الاساءة الى التجارب المسرحية اكثر مما هو تحليل و استكشاف لجماليتها.
* تتكاثر المهرجانات المسرحية ويقل دعم الفرق والإنتاج وتعلن أغلب وزارات الثقافة العربية عن خطط تقشف ..كيف ترى هذه الحالة؟
ـ المهرحانات العربية ومنها المحلية حالة صحية ﻻستمرارية العطاء المسرحي العربي وطرح التجارب العديدة والوقوف على تجارب اﻻخرين من المسرحيين .وقسم من تلك المهرجانات داخلة ضمن ميزانية الوزارة ومبرمج لها سنويا ، اما المهرجانات اﻻخرى فيتوقف امرها على امكانية من يشرف عليها لتوفير الدعم . ونفس الحالة تنطبق على الفرق المسرحية فليس هناك برمجة للدعم سوى منحتا العروض وحسب البرمجة التي تمنح لها من لحنة فحص العمل ، في حين هناك صندوق دعم اﻻبداع يدعم الشركات المجازة وحسب نوعية العرض.
* يظل حضور المسرح العربي فقيرا بالمهرجانات والفعاليات الدولية خارج الجغرافيا العربية.. أين تكمن المشكلة؟
ما الذي ينقصنا بالضبط؟
ـ يشكو مسرحنا العربي من انحصار مشاركاته على نطاق الوطن العربي في حين هناك فرق اجنبية تدعى الى مهرجانات عربية وهذا ياتي لضعف التواصل مع المهرجانات العالمية ، وهناك محاوﻻت من الهيئة العربية للمسرح وبتوجيه من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي رئيس الهيئة وحاكم الشارقة لوضع تصور لدعم المسرح العربي ليكون متواجد عالميا.
* يوميات عراقي في تونس أخر كتاب لك يوزع حاليا في اﻻسواق التونسية والعربية ..نتمنى أن تعطينا فكرة مختصرة عنه؟
ـ كتاب يوميات عراقي في تونس يقدم مجموعة حكايات تونسية من المجتمع التونسي سجلت في عدة اماكن في تونس.
فالمجتمع التونسي مجتمع متاخي شعبي متآلف في مابينه خاصةالطبقات البسيطة التي تستخدم وسائل النقل العمومية في تنقلاتها . او تجلس في المقاهي التي تتسم بالطابع الشعبي .
يوميات عراقي في تونس جاءت كتكملة لحكايات عاشها الكاتب في اقطار عربية ودول اوربية.
قدمت الحكايات باللهجة التونسية كما سمعها الكتاتب وهو عراقي مقيم بكندا فلم تكن اللهجة عائقا امامه بل كان متمكنا منها فكانت الحكايات على درجة من الطرافة قدم من خلالها قصص لبعض المشاكل التي حدثت امامي.
* يمكن وصف مسرحك بانه في حالة تجريبية مستمرة ،فهو يجرب في طرح الثيمة وبعدد طرائق لتحريك الجسد ، وينفتح على تقنيات السينوغرافيا والمؤثرات ….انت كرجل مسرح هل تجد نهاية لحدود التجريب هذا؟
وهل يمكن للنجريبي ان ينكص ويعود لبداياته ؟ وهل سياتي يوم تستفيد المناهج التجريبية ، ويصبح بمثابة تجربة نمطية ؟
المسرح التجريبي اصبح علما يعتمد على الفلسفة والجمال
ـ طبيعة السؤال له عدة تفرعات ، لنتحدث قليلا عن السينوغرافيا باعتبارها العمود الفقري للعرض المسرحي .
من المعروف ان المخرج ﻻيمكن له بمفرده ان يترجم النص المسرحي الى عرض مسرحي ، اﻻ اذا تكاتفت جهوده مع مجموعة المساعدين اﻻساسيين ، من معد الموسيقى وصانع الماكياج والسينوغرافي ، ويعد عمل السينوغرافيا من اهم الاعمال التي تتحكم في العرض
المسرحي ، ويستند اليها اﻻخراج الدرامي المعاصر .
والسينوغرافيا كما تعرف اصبحت علم وفن يهتم بتأثيث خشبة المسرح ، وتعنى ايضا بهندسة الفضاء المسرحي من خلال توفير هارمونية وانسجام بين ماهو سمعي وبصري .
اذن السينوغرافيا تقوم على نقل المجرد وتحويله الى واقع عن طريق التجسيد ، واعادة الخلق ، وتحقيق الرؤية متكاملة من عناصر اﻻضاءة والمؤثرات الموسيقية والديكور واﻻزياء ، وتداخل جهود مصمميها مع المؤلف والمخرج لخلق لخلق فضاء خاص للعرض ، ينقله من مجرد تجسيد النص الى اعادة خلقه من جديد داخل رؤية تتشابك فيها الفنون التشكيلية مع الفنون المسرحية ، وهناك العديد من المسرحيات ارتقت بأرتقاء السينوغرافيا على المستوى العالمي والعربي .
اما عن التجريب فكل المسرحيين اﻻكاديميين يعرفون بأن المنهج التجريبي بدأ مع محاولة اﻻنسان ﻻستكشاف ماحوله من طبيعة ، فبدأ بتحريب واختيارالمواد للمعرفة ، من هو صالح ومناسب له ، ومن ثم انتقل التجريب بمرور الوقت الى مراحل متقدمة ، فوصلت الى مرحلة ناضجة نوعما قبل سقراط وفي الفترة المتأخرة من الفلسفة اليونانية ، ومن ابرز من ساهم بذلك
( ديمقراطيس ) وهو معاصر لسقراط ، والذي طرأت له الفكرة القائلة ( ان الطبيعة تتألف من ذرات) فهو يعتقد ان المعرفة ﻻبد ان تكون يقينية ، او مجربة على نحو مطلق ، ثم جاء بعده ( سكنس ابرامبيكون ) و ( كارتيدس ) ثم جاءت الحضارة اﻻسلامية وجاءت معها الروح العلمية الجديدة ، واستخدام لتطوير الحياة ،ونشطت الحركة التحريبية.
اما في الغرب فظهر فلاسفة من امثال ( روجر بيكون ) الذي كان شديد اﻻهتمام بالمنهج التجريبي .
ثم يظهر العلم الحديث ، فأخذ شكل نظرية فلسفية ايجابية متينة ، حيث دخلت في منافسة ناجحة مع المذهب العقلي ، كنا في مذاهب ( فرانسيس بيكون ) ، وهو مؤسس وواضع المادية الجديدة والعلم التجريبي .
وعموما فالمسرح التجريبي كما نعرفه في حركة الجسد والتمثيل الحركي الصامت ، الذي يعتمد في عناصره اﻻساسبة على التعبير الحركي المتناغم مع التقنيات الحديثة ، وهو من ابرز الرؤى المسرحية المعبرة بصدق وشفافية عن الجمهور ، اذ يسعى دوما ليغير من ادواته ومضامينه وفلسفته ، كما تبدلت نظرة جماهيره الى العالم .
لقد فرزت تجارب المسرح العربي القدرة على وصف مستويات نجاحه ضمن خانتين رئيسيتين جيد وسيء، والمتشكك فهو يقف بين تيار الحداثة المتمسك ، كما ان تصورات المبدعيين في مسرحنا العربي يختلف من شخص ﻻخر ، وبذلك تختلف محاوﻻتهم بالتجريب ، تبعا ﻻختلاف الثقافات ، واختلاف التصورات ، واختلاف البلدان.
ويعد مهرجان القاهرة التجريبي الذي اضيفت له عبارة المعاصر ، ليصبح اسمه اﻻن
( مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي) وهواﻻن في دورته 25ويعد خير وسيلة ﻻبراز طاقات وابداعات مسرحيينا في التجريب وفعلا ابرز ذلك المهرجان العديد من اﻻسماء في عالمنا المسرحي العربي .
والمسرح التجريبي اساسا بدأ بالنهوض والتطور ولم ينته حتى يعود للوراء ، كما يتصور البعض ، وهو بنمو وابداع سوى على مستوى المسرح العالمي او العربي .
فالمسرح التجريبي اصبح علما يعتمد على الفلسفة والجمال ، واتباع طرق جديدة ، واساليب حديثة ﻻيصال فكرة العرض للجمهور ، دون التعمق بالايضاح واختزال المكان والزمان، وكل التجارب سواء عالميا او عربيا اصبح لها اسس ثابتة تدخل ضمن منهاج التجريب ، وﻻاعتقد ان هناك نبطية في اﻻنتاج مادام هناك فنان مبدع ومتجدد فمعناه ان هناك حالة من التجديد واﻻبداع.